أُنشِئ نظام الكربوهيدرات المحددة بالأساس لكي يُستخدم للبالغين الذين يعانون من اضطرابات الجهاز الهضمي، مثل القولون العصبي (Irritable bowl syndrome)، والتهاب القولون التقرحي (Ulcerative colitis)، ومرض كرون (Crohn's disease)، ولكن عند استخدامه للأطفال الذين يعانون من طيف التوحد (autism spectrum) لاحظ الآباء تحسناً ملحوظاً في بعض الأعراض مثل الإسهال والإمساك، وكذلك بعض التحسنات السلوكية المهمة مع زيادة الاستجابة والمهارات.
نظام الكربوهيدرات المحددة (Specific Carbohydrate Diet SCD) يحارب البكتيريا والخمائر الضارة من خلال تقييد الطاقة التي تحتاجها للعيش (تجويعها) مع الحفاظ على تغذية جيدة للمريض.
فكرة عمل نظام الكربوهيدرات المحددة
هناك ثلاثة أنواع من السكريات: السكريات البسيطة (الأحادية)، والثنائية (مثل اللاكتوز والسكروز)، والعديدة (النشا). عند تناول الطعام تتحول جميع السكريات إلى السكريات الأحادية ليتم امتصاصها، إذ إن الجسم البشري غير قادر على امتصاص النوعين الآخرين مباشرة، فإذا تناولنا النوع الثنائي أو عديد السكريات لا بد أن يمكث في الأمعاء وقتاً أطول قبل أن يمتص، وبالتالي فإن هذه المدة كافية لنمو البكتيريا والفطريات التي تتغذّى عليها محدثة المرض. فإن استطعنا تقديم السكريات في الصورة الأحادية، امتصها الجسم بسرعة، فلا يعطي فرصة للبكتيريا أن تأكل وتتكاثر.
كيفية تطبيق نظام الكربوهيدرات المحددة
يمكن تطبيق نظام الكربوهيدرات المحددة على النحو الآتي:
- إزالة جميع السكريات باستثناء العسل وسكر الفاكهة.
- إزالة جميع النشويات والحبوب، بما في ذلك البطاطس والبطاطا الحلوة.
- هذا النظام الغذائي يسمح بتناول اللحوم والأسماك والدواجن والبيض والمكسرات والبذور والفاصولياء وجميع الخضراوات غير النشوية والفاكهة والعسل.
- وفي بعض الأحيان يستخدم الجبن والحليب التي يتم تحضينه (تجهيزه) لإزالة اللاكتوز وإتلاف الكازين المسببَين للحساسية الغذائية، وتستخدم هذه الأطعمة الطبيعية لعمل وصفات مختلفة محببة للأطفال.
- لا يشرع في عمل النظام جملة واحدة بل بخطوات بطيئة حتى نجرب الأطعمة واحداً تلو الآخر، وحتى يعتاد الطفل على تغيير نمط غذائه من دون عناء.
- في البداية لا بد من التأكد من أن جميع الخضراوات والفواكه مقشرة ومطهوة؛ فذلك يساعد على تمام وسرعة عملية الهضم، إذ إن الأغذية المهضومة جزئيا تغذي الميكروبات، ما قد يؤخر الشفاء.
- قد يكون من الضروري في البداية -وحتى يتم تفعيل النظام كاملاً- استخدام مضادات الفطريات الطبيعية مثل عصير الجزر والثوم وزيت الزعتر ومستخلص بذور الجريب فروت أو مضادات الفطريات الدوائية.
- قد تضاف بعض الإنزيمات التي تساعد على الهضم أو البروبيوتيك من أجل الحفاظ على البكتيريا المفيدة حية.
نظام الكربوهيدرات المحددة والنظام البيئي: توافق أم تضاد
يشترك نظام الكربوهيدرات المحددة مع النظام البيئي (The Body Ecology Diet) في بعض السمات المشتركة:
- فكلاهما يتبع أنظمة التغذية التي تؤثر على الدماغ والسلوك عن طريق علاج الأمعاء.
- كلاهما يكافح مسببات الأمراض المعوية بالتركيز على الأطعمة المخمرة، وخفض الكربوهيدرات التي تغذي الكائنات الحية الدقيقة. في حين يختلف النظامان في الآتي:
- يحظر النظام البيئي استخدام العديد من الكربوهيدرات مثل السكر والقمح، ولكنه يسمح ببعض الأطعمة النشوية مثل الكينوا، مما يوفر غذاء كافياً لتكاثر البكتيريا.
- يستهدف النظام البيئي السيطرة على العدوى الفطرية والكانديديا المعوية (نوع من الخمائر الضارة)، بينما نظام الكربوهيدرات المحددة يستهدف البكتيريا في المقام الأول والفطريات ثانياً. ولأن معظم الأطفال المصابين بالتوحد لديهم زيادة مفرطة في كل من فطر الكانديديا المعوية والبكتيريا فلا يكفي محاربة إحداها دون الأخرى، إذ تشير الأبحاث العلمية إلى أنه من المهم القضاء على البكتيريا المسببة للأمراض لأن فطر الكانديديا المعوية لا يمكن أن تعيش في الجسم دون البكتيريا المسببة للأمراض، ولكن يمكن للبكتيريا البقاء على قيد الحياة من دون فطر الكانديديا.
كيف تساعد البكتيريا نمو الفطريات والكانديديا؟
تساعد البكتيريا على نمو الفطريات والكانديديا وفق الآتي:
- البكتيريا المسببة للأمراض تُضعف جهاز المناعة وتنهكه، ما يشجع على زيادة مفرطة في أعداد الفطريات والخميرة الضارة، والقضاء على البكتيريا يقوي الجهاز المناعي عن طريق خفض أعداد فطريات الكانديديا والخمائر.
- تقوى البكتيريا من تأثير الخمائر من خلال مساعدتها على التمسك بجدار الأمعاء بالجسم البشري، ومن ثم اختراق الأغشية المخاطية.
- يتميز نظام الكربوهيدرات المحددة بمكافحة كل من البكتيريا والفطريات المسببة للمرض.
متى يطبق نظام الكربوهيدرات المحددة؟
يطبق هذا النظام عند فشل الحمية الخالية من الغلوتين والكازين، خاصة إذا استمرت مشاكل الجهاز الهضمي في الازدياد. وكما في أنواع الحميات المستخدمة في علاج طيف التوحد، فإن نظام الكربوهيدرات المحددة هو نظام علاجي طبي لا بد من تفعيله بوجود اختصاصي التغذية ليضع خطة العلاج ويتابع النتائج ويتجنب النقص في المغذيات.
الأسئلة الشائعة
ما هو النظام الغذائي المناسب لمرضى التوحد؟
لا يوجد نظام غذائي واحد مناسب لجميع مرضى التوحد، ولكن بعض الحميات تساعد في تحسين الأعراض السلوكية والهضمية. من أشهر هذه الحميات:
- حمية خالية من الغلوتين والكازين (GFCF): تستبعد القمح ومنتجات الألبان، إذ يُعتقد أن هذه البروتينات تؤثر على الدماغ والسلوك.
- حمية الكربوهيدرات المحددة (SCD): تركز على تقليل الكربوهيدرات المعقدة لمحاربة البكتيريا الضارة في الأمعاء.
- حمية منخفضة الفودماب (Low-FODMAP Diet): تُستخدم لتقليل الانتفاخ والمشاكل الهضمية.
هل الأرز مفيد للتوحد؟
يعتمد ذلك على نوع الحمية المتبعة. في الحمية الخالية من الغلوتين والكازين (GFCF)، يُعتبر الأرز خيارًا آمنًا لأنه خالٍ من الغلوتين. ومع ذلك، في حمية الكربوهيدرات المحددة (SCD)، يُمنع الأرز لأنه يحتوي على كربوهيدرات معقدة قد تعزز نمو البكتيريا الضارة.
ما هي المكملات الغذائية التي يحتاجها مرضى التوحد؟
قد يحتاج بعض الأطفال المصابين بالتوحد إلى تناول مكملات غذائية إضافية لتحسين صحتهم، مثل:
- أوميغا-3: لدعم صحة الدماغ وتحسين التواصل والسلوك.
- الفيتامين B6 والمغنيسيوم: لتحسين الوظائف العصبية وتقليل فرط النشاط.
- البروبيوتيك: لدعم صحة الأمعاء وتقليل اضطرابات الجهاز الهضمي.
- الفيتامين D: لتعزيز المناعة وتحسين الصحة العامة.
- الميلاتونين: لتحسين جودة النوم، إذ يعاني العديد من الأطفال المصابين بالتوحد من اضطرابات النوم.
ما هي الحمية الغذائية لأطفال التوحد؟
تعتمد الحمية الغذائية لأطفال التوحد على انتقاء بعض الأطعمة التي قد تؤثر على صحتهم وسلوكهم، مثل:
الأطعمة المسموحة:
- الفواكه والخضراوات الطازجة.
- اللحوم والأسماك والدواجن غير المصنعة.
- الحبوب الخالية من الغلوتين مثل الأرز والكينوا (في الحميات التي تسمح بها).
- الدهون الصحية مثل زيت الزيتون وزيت جوز الهند.
الأطعمة الممنوعة:
- الغلوتين (القمح والشعير والجاودار).
- الكازين (الحليب ومنتجات الألبان).
- السكريات الصناعية والأطعمة المصنعة.
- يُفضل استشارة اختصاصي تغذية لوضع خطة غذائية تناسب احتياجات الطفل.
نهاية، يُعد نظام الكربوهيدرات المحددة (SCD) نهجًا غذائيًا علاجيًا يستهدف اضطرابات الجهاز الهضمي عبر تقليل السكريات المعقدة التي تغذي البكتيريا الضارة، مما يساهم في تحسين صحة الأمعاء. على الرغم من أنه طُوِّر في الأساس لعلاج أمراض أخرى مثل متلازمة القولون العصبي، والتهاب القولون التقرحي، ومرض كرون، فإن استخدامه مع الأطفال المصابين بطيف التوحد قد أظهر تحسنًا في الأعراض الهضمية والسلوكية. وبما أن فعالية هذا النظام تعتمد على تطبيقه الصحيح، فمن الضروري استشارة اختصاصي تغذية لضمان تلبية احتياجات الجسم الغذائية وتحقيق أقصى فائدة علاجية.