صحــــتك

مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص تهدد صحة المستهلكين دون علمهم

مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص تهدد صحة المستهلكين دون علمهم
مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص تهدد صحة المستهلكين دون علمهم

في السنوات الأخيرة، أصبحت مساحيق البروتين والمشروبات البروتينية جزءًا أساسيًا من نمط الحياة الصحي لكثير من الأشخاص، سواء لبناء العضلات، أو لتعويض نقص البروتينات في الغذاء، أو لتحسين الأداء الرياضي. غير أن تقارير حديثة كشفت عن مفاجأة غير متوقعة: بعض هذه المنتجات قد تكون ملوثة بمستويات مرتفعة من الرصاص (Lead)، وهو معدن ثقيل سام قد يتراكم في جسم الإنسان. لذا في هذا المقال سنتناول قضية مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص بالتفصيل، ونوضح الأسباب المحتملة لهذا التلوث، وأثره على الصحة، وكيف يمكن للمستهلك أن يختار المنتَج الأكثر أمانًا. 

ما هي مساحيق البروتين؟

مسحوق البروتين (Protein Powder) هو مكمل غذائي يحتوي على نسبة عالية من البروتينات (Protein) المشتقة من مصادر مختلفة مثل الحليب، والصويا، والبازلاء، أو الأرز. يُستخدم لتعزيز بناء العضلات أو لتلبية احتياجات الجسم من البروتينات عندما يكون من الصعب الحصول عليها من الغذاء الطبيعي.
ويتم تسويق هذه المنتجات على أنها وسيلة سهلة وسريعة لتعويض نقص البروتينات، إلا أن بعض الدراسات أظهرت أن العديد من هذه المساحيق قد تكون جزءًا من مشكلة أكبر وهي مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص.

مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص وكيف تم اكتشافها؟

كشَفت دراسة حديثة أجرتها منظمة مستقلة عن نتائج مثيرة للقلق، إذ تبين أن أكثر من ثلثي منتجات البروتين التي تم اختبارها تحتوي على مستويات من الرصاص تتجاوز الحد الذي تعتبره آمنًا، وهو 0.5 ميكروغرام (Microgram) لكل حصة، وكانت مساحيق البروتينات النباتية (Plant-based Protein Powders) هي الأكثر تلوثًا، خصوصًا تلك المصنوعة من مكونات مثل البازلاء والأرز، لأن هذه النباتات تمتص المعادن الثقيلة (Heavy Metals) من التربة أثناء نموها.
فعلى سبيل المثال، وُجد أن بعض المنتجات تحتوي على أكثر من 6 ميكروغرامات من الرصاص في الحصة الواحدة، أي ما يعادل عشرة أضعاف المستوى الآمن المقترَح. هذه النتائج أثارت تساؤلات كثيرة حول مدى أمان استهلاك هذه المنتجات بشكل يومي.

لماذا توجد مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص؟

تتعدد الأسباب التي يمكن أن تؤدي إلى وجود الرصاص في هذه المنتجات، ومن أهمها:

  • امتصاص النباتات للرصاص من التربة، النباتات التي تُستخدم في صناعة البروتينات النباتية مثل البازلاء أو الأرز تنمو في تربة قد تحتوي على رواسب من المعادن الثقيلة. هذه المعادن تنتقل إلى النبات، ومنه إلى المسحوق النهائي.

  • حجم الحصة الغذائية، بعض مساحيق البروتين مخصصة لزيادة الوزن وتحتوي على حصة كبيرة تصل إلى مئات الغرامات، مما يعني كمية أكبر من المكونات النباتية، وبالتالي كمية أكبر من الرصاص.

  • غياب الرقابة الصارمة على المكملات، المكملات الغذائية لا تخضع في كثير من الدول لرقابة صارمة مثل الأدوية، وهو ما يجعل بعض الشركات تَطرح منتجاتها في الأسواق دون فحص شامل لمستويات المعادن الثقيلة.

  • استخدام مكونات مثل الكاكاو، والمساحيق ذات النكهة الشوكولاتية غالبًا ما تكون من أكثر الأنواع احتواءً على الرصاص، لأن الكاكاو من النباتات التي تمتص هذا المعدن من التربة بسهولة.

كل هذه العوامل تجعل مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص مصدر قلق حقيقي، خصوصًا عند استهلاكها بشكل منتظم.

مخاطر الرصاص على صحة الإنسان

الرصاص (Lead) هو معدن ثقيل سام يمكن أن يتراكم تدريجيًا في الجسم (Bioaccumulation). ومع مرور الوقت قد يسبب آثارًا خطيرة على عدة أجهزة، منها:

  • الجهاز العصبي (Nervous System): يؤدي التعرض المزمن للرصاص إلى ضعف التركيز، واضطرابات في الذاكرة، وتراجع في القدرات الإدراكية، خاصة لدى الأطفال.

  • الكليتان (Kidneys): قد يسبب تراكم الرصاص حدوث تلف أنسجة الكلى أو ضعف وظائفها على المدى الطويل.

  • القلب والأوعية الدموية (Cardiovascular System): يرتبط ارتفاع مستويات الرصاص في الدم بزيادة ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب.

  • الجهاز التناسلي (Reproductive System): التعرض المزمن للرصاص قد يقلل من الخصوبة لدى الرجال والنساء.

  • العظام (Bones): يميل الرصاص إلى التراكم في العظام، وقد يُفرَز مجددًا إلى الدم مع التقدم في العمر أو أثناء الحمل.

ويؤكد الخبراء أن خطر مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص لا يظهَر غالبًا بعد استخدام قصير الأمد، بل مع التعرض المتكرر على مدى طويل.

مَن هم الأكثر عرضة للخطر؟

بعض الفئات أكثر تأثرًا بالتعرض للرصاص من غيرها، وتشمل:

  • الأطفال: لأن جهازهم العصبي ما زال في طور النمو، والتعرض للرصاص يمكن أن يؤثر سلبًا على نمو الدماغ.

  • النساء في سن الإنجاب: لأن الرصاص يمكن أن ينتقل من الأم إلى الجنين أثناء الحمل.

  • النساء الحوامل: يمثل الرصاص خطرًا على الجنين، وقد يؤدي إلى انخفاض وزن المواليد أو مشاكل في النمو.

  • كبار السن: لأن أجسامهم قد تواجه صعوبة في التخلص من المعادن الثقيلة، ما يزيد من احتمالية تراكمها.

لذلك، يُنصح هؤلاء بتجنب الاستخدام المفرط لمساحيق البروتين الملوثة بالرصاص.

هل يجب التوقف عن استخدام مساحيق البروتين؟

ليس بالضرورة. لا يعني الحديث عن مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص أن جميع هذه المنتجات ضارة. يمكن للمستهلك الاستمرار في استخدامها بطريقة آمنة عبر اتباع هذه الإرشادات البسيطة:

  1. اختيار منتجات تحمل شهادات فحص من جهات مستقلة (Third-party Tested): مثل NSF International أو USP أو Informed Choice، وهي جهات تفحص المنتجات لضمان خلوها من المعادن الثقيلة والملوثات.

  2. الانتباه إلى حجم الحصة: فكلما كانت الحصة أكبر، زاد احتمال ارتفاع نسبة الرصاص فيها.

  3. تفضيل البروتينات الحيوانية (Whey Protein): إذ أشارت الأبحاث إلى أن البروتينات الحيوانية تحتوي على كميات أقل من المعادن الثقيلة مقارنة بالنباتية.

  4. عدم الاعتماد الكامل على المساحيق: يُفضل أن يأتي الجزء الأكبر من البروتينات من الأطعمة الطبيعية مثل البيض، والدجاج، والأسماك، والبقوليات، والمكسرات.

  5. استشارة أخصائي التغذية (Dietitian): خاصةً للنساء الحوامل والأطفال والأشخاص المصابين بأمراض الكلى أو الكبد.

باتباع هذه الإرشادات، يمكن الحد من مخاطر مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص دون الحاجة إلى التوقف عنها نهائيًا.

كيف يمكن قراءة ملصقات مساحيق البروتين بذكاء؟

عند شراء مسحوق بروتين، يجب الانتباه إلى عدة تفاصيل على الملصق الغذائي، مثل:

  • مصدر البروتينات (حيواني أم نباتي).

  • حجم الحصة بالجرام.

  • وجود إشارات لشهادات فحص من جهات مستقلة.

  • تجنب المنتجات التي تحتوي على نكهات أو إضافات صناعية كثيرة، إذ تزداد احتمالية التلوث فيها.

هذه الخطوات تساعد المستهلك في تقليل احتمالية شراء مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص.

توازن ضروري بين الفائدة والمخاطر

البروتينات عناصر أساسية في بناء العضلات والأنسجة، وإصلاح الخلايا، ودعم الجهاز المناعي. لكن رغم فوائدها، فإن الحصول عليها من مصادر طبيعية هو الخيار الأكثر أمانًا. يحتاج البالغ العادي إلى ما بين 0.8 إلى 2 غرام من البروتينات لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا، ويمكن تحقيق ذلك بسهولة من خلال نظام غذائي متنوع يشمل اللحوم، والأسماك، والحبوب الكاملة، والبيض ومع ذلك، قد يحتاج بعض الأشخاص مثل الرياضيين أو مَن يتعافون من عمليات جراحية إلى كمية إضافية، وهنا يمكن أن تكون مكملات البروتين خيارًا مناسبًا, بشرط التأكد من أنها ليست ضمن مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص.

 

إن قضية مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص تسلط الضوء على أهمية وَعي المستهلِك بما يدخل إلى جسمه. فليست كل المنتجات “الصحية” في ظاهرها خالية من المخاطر، وقد يخفي الغلاف اللامع تركيبةً معقدة من الملوثات التي يصعب اكتشافها دون تحاليل دقيقة.
ينبغي على كل من يَستخدم هذه المكملات أن يتعامل معها بحذر، وأن يختار العلامات التجارية الموثوقة التي تُجري اختبارات دورية على منتجاتها. كما أن تناول الأطعمة الكاملة سيبقى دائمًا الخيار الأمثل للحصول على البروتينات دون التعرض للمواد الضارة.
في النهاية، فإن التوعية حول مخاطر مساحيق البروتين الملوثة بالرصاص خطوة أساسية لحماية صحتنا وصحة من نحب، فالصحة الحقيقية تبدأ من المعرفة والاختيار السليم لما نستهلكه يوميًا.

آخر تعديل بتاريخ
31 أكتوبر 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.