صحــــتك

ما العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية؟

ما العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية
ما العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية

لطالما ارتبطت التهابات المسالك البولية (Urinary Tract Infections – UTI) في أذهان الناس بعدم شرب كميات كافية من الماء أو بقلة النظافة الشخصية، لكن الأبحاث الحديثة تكشف عن جانب آخر قد لا يخطر على البال: علاقة اللحوم والتهاب المسالك البولية . فقد وجد الباحثون أن نسبةً ليست قليلة من هذه الالتهابات قد يكون سببها تناول لحوم ملوثة ببكتيريا الإشريكية القولونية (Escherichia coli – E. coli)، وهي البكتيريا نفسها التي تُعد من أكثر مسببات العدوى شيوعًا في العالم.

دراسة جديدة: اللحوم والتهاب المسالك البولية

تشير الأبحاث إلى أن ما يقارب واحدًا من كل خمسة حالات من التهاب المسالك البولية قد يكون مرتبطًا بتناول لحوم ملوثة ببكتيريا E. coli، وخاصة لحوم الدجاج والديك الرومي، يليهما لحم الخنزير ثم لحم البقر. هذا يعني أن مسار العدوى لا يقتصر فقط على التلوث من شخص لآخر، بل يمتد إلى السلسلة الغذائية التي تبدأ من المزارع وتنتهي إلى مائدة المستهلك.
تحدث العدوى عندما تنتقل البكتيريا من اللحوم النيئة أو الأسطح الملوثة إلى اليدين أو أدوات المطبخ، ثم إلى الجهاز البولي (Urinary System) عبر الإحليل (Urethra)، خصوصًا لدى النساء اللواتي يمتلكن بشكل طبيعي إحليلًا قصيرًا يجعل انتقال البكتيريا إلى المثانة (Bladder) أكثر سهولة. لذا فإن العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية هي علاقة حقيقية ومثيرة للقلق.

كيف تصل البكتيريا إلى اللحوم؟

تنشأ المشكلة غالبًا من مراحل إنتاج اللحوم في المزارع الصناعية (Industrial Farms)، حيث تُربّى الحيوانات في بيئات مزدحمة يمكن أن تُسهم في انتشار البكتيريا. كما أن بعض سلالات الإشريكية القولونية المعروفة باسم (Extraintestinal pathogenic E. coli – ExPEC) تستطيع التكيف والانتقال من الحيوان إلى الإنسان.
أثناء الذبح أو معالَجة اللحوم، قد تلوث البكتيريا اللحوم إذا لم تُتَّبع معايير النظافة بدقة. وعندما تُباع هذه اللحوم للمستهلك دون طهي كافٍ أو من دون غسل الأدوات جيدًا، يمكن أن تنتقل البكتيريا إلى الإنسان وتسبب التهاب المسالك البولية. هذه السلسلة توضح بجلاء الرابط الوثيق بين اللحوم والتهاب المسالك البولية.

مَن هم الأكثر عرضة للإصابة؟

الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة  التهاب المسالك البولية هم:

  • النساء: لأن الإحليل لديهنّ قصير، مما يجعل دخول البكتيريا إلى المثانة أسرع. وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 80% من حالات التهاب المسالك البولية تحدث بين النساء.

  • كبار السن: إذ يضعف الجهاز المناعي لديهم، مما يزيد احتمال إصابتهم.

  • الأشخاص في المناطق المنخفضة الدخل: إذ يكون الحصول على لحوم طازجة أو بيئة صحية للتخزين أقل، ما يرفع خطر العدوى.

  • الأفراد الذين لا يتبعون ممارسات النظافة الجيدة: مثل غسل اليدين أو تنظيف أدوات الطهي، مما يسهّل انتقال بكتيريا E. coli من اللحوم إلى الجسم.

كل هذه الفئات تُظهر مدى تعقّد العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية ، إذ لا ترتبط العدوى فقط بالعوامل الجسدية بل أيضًا بالظروف الاقتصادية والاجتماعية.

الأعراض التي يجب الانتباه لها

عند الإصابة بالتهاب المسالك البولية، قد يشعر المريض بحرقة أثناء التبول (Painful urination)، مع حاجة متكررة للتبول حتى عند وجود كمية قليلة من البول. كما يصبح البول غائمًا أو ذا رائحة كريهة، وقد يصاحبه ألم في أسفل البطن أو الحوض. في الحالات المتقدمة، قد تظهَر الحمى أو القشعريرة، ما يستدعي التدخل الطبي فورًا. هذه الأعراض البسيطة قد تكون نتيجة تناول لحوم ملوثة، مما يجعل الوعي بعلاقة اللحوم والتهاب المسالك البولية أمرًا ضروريًا.

كيف يمكن الوقاية؟

لحسن الحظ، يمكن تقليل خطر الإصابة عبر خطوات بسيطة:

  • الطهي الجيد للحوم: يجب التأكد من طهي الدجاج واللحوم حتى تصل إلى درجات حرارة داخلية كافية لقتل البكتيريا.

  • غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون قبل وبعد التعامل مع اللحوم النيئة.

  • منع التلوث المتقاطع (Cross-contamination): أي عدم استخدام نفس الأدوات لتقطيع اللحوم النيئة والطعام المطبوخ الجاهز.

  • تنظيف الأسطح بانتظام مثل ألواح التقطيع وأسطح المطبخ بمطهر مناسب.

  • تخزين اللحوم بشكل آمن في الثلاجة أو المجمدة بعيدًا عن الأطعمة الأخرى.
    اتباع هذه الخطوات يمكن أن يقلل بشكل ملحوظ من احتمالية الإصابة بالتهاب المسالك البولية المرتبط باللحوم.

 

العوامل الاجتماعية والبيئية في انتشار العدوى

وجَد الباحثون أن المجتمعات ذات الدخل المنخفض تعاني نسبًا أعلى من التهاب المسالك البولية الناتجة عن اللحوم الملوثة. يعود ذلك غالبًا إلى ضعف البنية التحتية، وقلة الوعي الصحي، وصعوبة الوصول إلى لحوم نظيفة أو أدوات طهي معقمة.
كما تلعَب الممارسات الزراعية دورًا مهمًا، فالاستخدام المفرط للمضادات الحيوية (Antibiotics) في تربية الحيوانات يؤدي إلى ظهور سلالات مقاوِمة (Antibiotic-resistant strains) من بكتيريا E. coli، مما يجعل علاج التهاب المسالك البولية أكثر صعوبة. وهنا يظهَر بوضوح أن العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية ليست فقط قضية فردية، بل هي تحدٍ صحي عالمي يحتاج إلى حلول على مستوى الإنتاج والرقابة والوعي المجتمعي.

هل يمكن أن تُصبح العدوى أكثر خطورة؟

في بعض الحالات، إذا لم يُعالَج التهاب المسالك البولية بسرعة، يمكن أن تنتقل العدوى من المثانة إلى الكليتين (Kidneys)، مسببة التهاب الكلى (Pyelonephritis)، وهو حالة أكثر خطورة قد تؤدي إلى تلف الكلى أو تسمم الدم (Sepsis). وهذا يوضح أن إهمال العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية لا يعني تجاهل مصدر محتمل لعدوى قد تتطور إلى أمراض مهددة للحياة.

ما المطلوب على مستوى المجتمع؟

لمواجهة العلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية، يجب أن تتعاون الجهات الصحية والمزارع والمستهلكون.

  • المزارع والمصانع عليها أن تلتزم بالمعايير الصحية الصارمة وتقلل من استخدام المضادات الحيوية في الحيوانات.

  • الجهات الصحية مطالبة بمراقبة سلسلة إنتاج الغذاء وتشديد الرقابة على الأسواق.

  • المستهلكون يجب أن يكونوا على دراية بخطر اللحوم الملوثة وأن يتبعوا إجراءات الطهي والنظافة الوقائية.

هذه الجهود المشتركة قادرة على الحد من العدوى وتحسين سلامة الغذاء والصحة العامة.


في النهاية، تَكشف الدراسات الحديثة أن الرابط بين اللحوم والتهاب المسالك البولية أقوى مما كنا نظن. فاللحوم ليست مجرد مصدر للبروتينات، بل قد تكون أيضًا مصدرًا خفيًا للعدوى إذا لم نتعامل معها بعناية. الوعي بهذه الحقيقة هو خط الدفاع الأول؛ فبإعداد الطعام بطريقة صحيحة والحفاظ على النظافة الشخصية والمطبخية، يمكننا تقليل الإصابة بحالات التهاب المسالك البولية بشكل كبير. مالعلاقة بين اللحوم والتهاب المسالك البولية تذكّرنا بأن صحتنا تبدأ من المزرعة وتنتهي على المائدة، وأن الوقاية ليست مجرد خيار، بل ضرورة لحماية أنفسنا ومجتمعاتنا من أمراض يمكن تجنبها بسهولة.

آخر تعديل بتاريخ
05 نوفمبر 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.