الدهون مركّبات كيميائية، ويحدد تركيبها كيفية عملها، وما إذا كانت صحية أو غير صحية. تتكون جميع الدهون من سلسلة من ذرات الكربون مع بعض ذرات الهيدروجين والأوكسجين المرتبطة بها، ومع ذلك، هناك اختلافات في طول سلسلة الكربون، وكذلك شكل السلسلة وعدد ذرات الهيدروجين والأوكسجين. وبالتالي، تكون الدهون إما مشبَعة أو غير مشبَعة، وتحتوي الدهون المشبَعة على عدد أكبر من ذرات الهيدروجين، وعادة ما تكون صلبة، بينما تحتوي الدهون غير المشبَعة على ذرات هيدروجين أقل وعادة ما تكون سائلة. فما هي الزيوت المهدرجة إذاً، وهل هي مضرة؟
ما الزيوت المهدرجة ؟
وجد الكيميائيون في أواخر القرن التاسع عشر أنه بإمكانهم تغيير نوعية الدهون بإضافة المزيد من الهيدروجين إليها، ويمكن لهذه العملية أن تحوّل الزيت النباتي السائل إلى منتَج صلب يشبه الزبدة، وكانت هذه الزيوت المهدرجة ذات عمر تخزيني أطول، وكانت أسهل للنقل والتخزين.
ابتكر مصنعو المواد الغذائية نوعين من الزيوت المهدرجة هما الزيوت المهدرجة جزئيًا التي تكون شبه صلبة، والمهدرجة بالكامل والتي تكون صلبة. بعد أن ربط العلماء بين الإفراط في تناول الدهون المشبَعة وأمراض القلب، اعتقدوا أن الزيوت المهدرجة قد تكون بدائل صحية للزبدة، ولكن اتضح أنهم كانوا مخطئين، على الأقل فيما يتعلق بالزيوت المهدرجة جزئيًا.
لماذا تعتبر الزيوت المهدرجة جزئياً غير صحية؟
اكتشف الباحثون أن الدهون المتحوِّلة هي أسوأ أنواع الدهون بشكل عام على صحة الإنسان، وعندما يقوم مصنعو الأغذية بتصنيع زيت مُهدرَج جزئياً، فإنهم يصنعون دهوناً متحوِّلة. توجد كميات صغيرة من الدهون المتحولة بشكل طبيعي في الطعام، خاصة في لحوم الأبقار ومنتجات الألبان. ومع ذلك، حصل الناس على معظم الدهون المتحولة من الزيوت والدهون المهدرجة جزئيًا في منتجات مثل السمن النباتي والمخبوزات والوجبات الخفيفة، واستَخدَمت العديد من المطاعم الدهون المهدرجة جزئياً في مقاليها العميقة أيضًا. ابتداءً من ثمانينيات القرن الماضي، بدأ الباحثون في دراسة تأثير الدهون المتحوِّلة على الصحة. ووجدوا أنها:
- ترفع البروتين الدهني المنخفض الكثافة (الكوليسترول الضار) في الدم.
- تخفض الكوليسترول النافع المرتفع الكثافة.
- تتداخل مع وظيفة الخلايا التي تبطن الأوعية الدموية.
- تؤدي إلى الالتهاب.
- تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية.
هل تحظر بعض الدول الدهون المتحولة؟
هذه المعلومة ليست دقيقة 100%، فقد حظرت مثلاً إدارة الغذاء والدواء الأمريكية الدهون المتحولة الصناعية مثل الدهون المهدرجة جزئياً، وبدأت الوكالة في عام 2006 بمطالبة شركات الأغذية بإدراج معلومات عن الدهون المتحولة على ملصقات التغذية الخاصة بها. في عام 2015، قررت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أن الدهون المهدرجة جزئياً لم تعد مصنفة بأنها "معترف بها بشكل عام على أنها آمنة"، ومنحت الشركات المصنعة مهلة لإزالتها من منتجاتها.
ماذا عن الزيوت المهدرجة بالكامل؟
لا تحتوي الزيوت المهدرجة بالكامل على دهون متحولة ولم يتم حظرها، ومع ذلك، فهي دهون مشبَعة، ويوصي خبراء الصحة بالحد من تناول الدهون المشبَعة إلى أقل من 10% من إجمالي السعرات الحرارية التي تتناولها.
توجد الدهون المشبَعة في:
- اللحوم والمنتجات الحيوانية.
- معظم منتجات الألبان.
- زيت النخيل وزيت نواة النخيل وزيت جوز الهند.
- الزيوت المهدرَجة بالكامل.
للحصول على أفضل النتائج الصحية، احرص على تناول الأطعمة الغنية بالدهون غير المشبَعة، بما في ذلك:
- زيت الزيتون والزيوت النباتية الأخرى.
- المكسرات.
- البذور.
- السمك.
هناك مفتاح آخر لصحة أفضل في كثير من الحالات؛ ألا وهو تقليل إجمالي ما تتناوله من الدهون بشكل عام، وتوصي جمعية القلب الأمريكية بالحصول على أقل من 30% من السعرات الحرارية اليومية من الدهون.
ما مدى كون الزيوت المهدرجة غير صحية؟
لحسن الحظ، قد لا تكون الزيوت المهدرجة غير صحية مثل بعض الدهون المشبَعة الأخرى، فعملية هدرَجة الزيت تُنتج حمض الستيريك، وهو من الدهون المشبَعة، ولكن الجسم يحوّل حمض الستيريك إلى حمض الأوليك، وهو من الدهون الأحادية غير المشبَعة المفيدة.
لجأ بعض مصنعي الأغذية إلى الزيوت المهدرجة في بحثهم عن بديل للدهون المتحولة، ويَستخدمون عملية كيميائية تسمى التحويل إلى دهون أحادية غير مشبَعة لدمج الزيوت المهدرَجة مع الزيوت المتعددة غير المشبَعة، ومن خلال تعديل النسب، يمكنهم الحصول على منتجات ذات قوام متماسك كما يريدون، وتعتقد هذه الشركات المصنعة أن هذه الزيوت "المُهدرَجة" ستثبت أنها أكثر صحة من زيت النخيل والزيوت الأخرى عالية الإشباع.
وعلى الرغم من أن العلماء حتى الآن لم يربطوا أي مشاكل صحية بهذه الزيوت، فإنهم يقولون إن هناك العديد من الأمور لا يعرفونها جيداً لإصدار حكم مفيد عليها، ولعلهم يتذكرون الدروس المستفادة من الدهون المتحولة، ويحذرون من أننا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لدراسة كيفية تعامل الجسم مع الزيوت المهدرجة.
ما الأطعمة التي تحتوي على الزيوت المهدرجة؟
على الرغم من أن الدهون المهدرجة ليست بدرجة سوء الدهون المتحولة، فإنها غالبًا ما تكون موجودة في الأطعمة غير الصحية التي لا يجب تناولها بكميات كبيرة، مثل:
- المخبوزات التجارية.
- الوجبات السريعة.
- الأطعمة المقلية.
إذا كنت تتساءل عما إذا كان الطعام الجاهز يحتوي على زيت مهدرج، ألقِ نظرة على الملصق. يجب أن تذكر الملصقات الغذائية وجود الزيت المُهدرَج في مكوناتها.
الأسئلة الشائعة
هل الزيوت المهدرجة محظورة؟
حُظرت الزيوت المهدرجة جزئيًا من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، وهي المصدر الرئيسي للدهون الصناعية المتحولة، وذلك بسبب ارتباطها القوي بأمراض القلب. ومع ذلك، ما يزال يُسمح بالزيوت المهدرجة بالكامل لأنها لا تحتوي على دهون متحولة، على الرغم من أنها تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبَعة ويجب تناولها باعتدال.
ما أنواع الدهون المفيدة؟
تدعم الدهون غير المشبعة، بما في ذلك الدهون الأحادية غير المشبعة (زيت الزيتون والأفوكادو) والدهون المتعددة غير المشبعة (الأسماك الدهنية والجوز)، صحة القلب من خلال تحسين مستويات الكوليسترول. يجب أن تشكّل هذه الدهون معظم ما تتناوله من الدهون، بينما يجب أن تقتصر الدهون المشبعة (اللحوم الحمراء والزبدة) على أقل من 10% من نسبة السعرات الحرارية اليومية.
كيف يمكنني تحديد الدهون غير الصحية في الأطعمة المعلبة؟
تحقق من قوائم المكونات بحثًا عن وجود الزيوت المهدرجة جزئيًا فيها، والتي تشير إلى احتوائها على الدهون المتحولة، وتحقق من ملصقات التغذية لمعرفة محتوى الدهون المشبعة. كن حذرًا من مصطلحات مثل الدهون المهدرجة، وقلل من الوجبات السريعة المقلية والمخبوزات واللحوم المصنعة التي غالبًا ما تحتوي على هذه الدهون غير الصحية.
نصيحة من موقع صحتك
يقول خبراء الصحة إن نوع الدهون التي تتناولها هو أهم الآن من التوصية باتباع نظام غذائي قليل الدسم. تُعد الدهون المتحولة ذات تأثيرات سلبية على الصحة، ولكن ليس من المفترض أن تتعرض للكثير منها الآن بعد أن أصبحت محظورة على نطاق واسع. تعد الدهون الأفضل للصحة هي الدهون غير المشبَعة، وأما الدهون غير المشبَعة مثل الزيوت المهدرجة فتقع في مكان ما بين هذين النوعين، لذلك إذا أردت استخدامها فاحرص أن يكون ذلك باعتدال وضمن التوصيات.