دأب الإنسان منذ عصور بعيدة على استخلاص كحل العيون من بيئته، إذ سخر النباتات والأعشاب والأحجار المتنوعة الخصائص في هذه الصناعة، سعيًا وراء تعزيز جمال العين أو الاستفادة من خواصها العلاجية. وتكشف الدراسات التاريخية والمراجع المتخصصة عن انتشار واسع لاستخدام الكحل في منطقة الشرق الأوسط وشمال القارة الأفريقية بالإضافة إلى جنوب آسيا. تمتد جذور هذه العادة إلى العصر البرونزي، وبالتحديد إلى حوالي عام 3500 قبل الميلاد. يستخرج كحل الأثمد العربي من حجر الأثمد بعد طحنه ومزجه مع زيت الزيتون أو زيت السمسم بهدف صنع مزيج لتكحيل العين. فما خصائصه الطبية؟
الكحل العربي
الكحل، ببساطة هو أي مادة تُستخدم لتحديد أو تجميل العينين ومحيطهما، ويتمتع بمكانة راسخة في الثقافة العربية وطقوس الزينة منذ عصور طويلة. كما تعتبر ممارسة وضع الكحل والمواد الطبيعية الأخرى لتجميل العينين تقليدًا راسخًا في العديد من الثقافات الأخرى عبر العالم.
وقد تبنت العديد من الحضارات القديمة استخدام الكحل لأغراض مختلفة، وتعتبر الحضارة المصرية القديمة من بين أبرز هذه الحضارات. ومن الجدير بالذكر أن المكونات التي شكلت الكحل لم تكن موحدة على مر العصور وبين الثقافات المختلفة، بل حتى داخل الحضارة الواحدة نفسها.
إلا أن سحر الكحل يبقى وثيق الصلة بالهوية العربية بشكل خاص، إذ بقي حضوره الدائم جزءًا لا يتجزأ من طقوس التزين لدى الرجال والنساء العرب عبر حقب طويلة. وما يزال الكحل العربي يحتفظ بمكانته البارزة كأحد أهم أدوات التجميل لدى المرأة العربية، التي لطالما عُرفت بجمال عيونها الأخاذ بفضل هذا المستحضر التقليدي، وذلك على الرغم من التطور الهائل الذي طرأ على عالم التجميل.
إلى جانب استخدام النساء للكحل، يولي الرجال في العالم العربي أهمية خاصة للكحل العربي لما يشتهر به من فوائد تعود على صحة العين وجودة الإبصار. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يتعداه ليصبح جزءًا لا يتجزأ من الممارسات الثقافية المتوارثة في بعض المناطق، كما أن له مكانة دينية، إذ يعتبرونه سنة عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
كيف يصنع الكحل العربي؟
يتسم الكحل العربي بتنوع مكوناته بشكل ملحوظ، فهو يختلف ليس فقط بين المناطق الجغرافية المختلفة، بل قد تتعدد تركيباته داخل الثقافة والمنطقة الواحدة. إضافة إلى الوصفات المعروفة التي تعتمد على التوابل غالبًا، تحمل العائلات وصفات خاصة تنتقل عبر الأجيال.
تتباين طرق تحضير الكحل العربي باختلاف المناطق، ففي حين تعتمد بعض الفلسطينيات على حرق قطعة قماش مشبعة بزيت الزيتون النقي للحصول على الرماد المستخدم في صناعته، يتخذ تحضيره في مناطق أخرى كالمغرب مسارًا مختلفًا يعتمد على طحن نوى التمر وبعض الأعشاب الأخرى.
يتنوع صنع الكحل العربي باختلاف المناطق؛ ففي عُمان، تستخدم النساء زيت كبد السمك والأصداف البحرية والسمن ومكونات أخرى، بينما في سوريا، يعتمدن على طحن حبوب الشعير والحنطة السوداء وخلطها مع مسحوق الأثمد. أما في الإمارات العربية المتحدة، فيدخل التمر والسمن والأصداف البحرية في تركيبة الكحل.
كحل الأثمد العربي
يُعد الكحل المصنوع من الإثمد المسحوق، وهو حجر طبيعي، تقليدًا راسخًا في شبه الجزيرة العربية منذ عصور طويلة. ولم تقتصر أهمية كحل الأثمد العربي على الجانب الثقافي فحسب، بل تعززت مكانته الدينية بفضل توصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم به، مما جعله شائعًا بين المسلمين عالميًا.
يُعد الإثمد نوعًا من الأحجار يتميز بلونه الأسود المائل للحمرة، ويشتهر وجوده في مناطق مثل الحجاز بالمملكة العربية السعودية، وإيران، والمغرب، واليمن. للحصول على كحل عربي، يُطحن هذا الحجر وينُخل بدقة ليتحول إلى مسحوق ناعم، ويمكن استخدامه بمفرده أو دمجه مع مواد أخرى.
كيف يُصنع كحل الأثمد العربي ؟
يُوجد نوعان من كحل العين، طبيعي وصناعي:
- للحصول على الكحل الطبيعي، يتم اللجوء إلى حرق أنواع معينة من النباتات أو الاستفادة من الدهون المستخلصة من الحيوانات. وعلى مر العصور، استُخدمت مواد مختلفة في تحضير الكحل، من بينها نوى التمر وخيوط الحرير. وفي كثير من الأحيان، يتم تركيب الكحل من مزيج يضم أصنافًا من النباتات والمكسرات. ويُعتبر المزيج المكون من اللوز الحلو والبندق ونوى التمر وثمار الميروبالان من الوصفات الأكثر شيوعًا لتحضير الكحل.
- يُصنع الصنف الثاني، وهو الصناعي، في الشركات المتخصصة، ويكون بصورة أقلام رصاص. وعلى الرغم من بساطة استخدامه، يجب الانتباه لاحتمالية تسببه بضرر للعين نتيجة وجود معادن سامة في تركيبته.
فوائد كحل الأثمد العربي
يُعرف الكحل الطبيعي بفوائده المتعددة. وتاريخيًا، في الطب التقليدي، كان يوصف استخدام أنواع معينة منه لمعالجة حالات مرضية متنوعة. فعلى سبيل المثال، كان كحل الحرير خيارًا موصى به لمن يعانون من إفراز الدموع المفرط، بينما كان كحل الأثمد العربي يستخدم غالبًا لتسكين آلام والتهابات العين أو تساقط شعر الرموش والحاجبين.
فوائد الكحل للعينين
جربي استخدام كحل المكسرات العضوية كبديل طبيعي للماسكارا، وسيعزز هذا من قوة الرموش وإطالتها.
- يقوي العينين ويحسن الرؤية.
- يساعد الكحل على الوقاية من حالات مثل التهاب الجفن، والتراخوما، وإعتام عدسة العين، والتهاب الملتحمة وعلاجها.
- يخفف من دموع العين.
- يمنع نزيف العين.
- مَلء حاجبيك بكحل عالي الجودة يقوي الشعر.