يُعد فحص البروكالسيتونين (Procalcitonin Test) أداة حيوية تُستخدم في المجال الطبي لتشخيص حالات العدوى البكتيرية الشديدة، مثل تسمم أو تعفن الدم (Sepsis). يحدث تسمم أو تعفن الدم عندما يتفاعل الجسم بشكل شديد مع عدوى بكتيرية، مما يؤدي إلى استجابة التهابية قد تكون مميتة. يُنتَج البروكالسيتونين في الجسم استجابةً لهذه العدوى، وارتفاع مستوياته في الدم يمكن أن يكون مؤشرًا قويًا على الإصابة بتعفن الدم أو احتمالية تطوره. في هذا المقال، سنتناول كيفية عمل هذا الاختبار، ومعاني نتائجه، والفئات الأكثر عرضة للإصابة بتعفن الدم.
ما هو فحص البروكالسيتونين ؟
يتطلب هذا الفحص سحب عينة دم لقياس مستوى مادة البروكالسيتونين فيه، وهذه المادة هي بروتين يُنتج في العديد من خلايا الجسم. ترتفع مستويات البروكالسيتونين بشكل كبير عند وجود عدوى بكتيرية أو إصابة رضية في الأنسجة (Tissue Injury).
عندما تنتشر العدوى البكتيرية في جميع أنحاء الجسم (عدوى متعممة Systemic Infection)، يمكن أن ترتفع مستويات البروكالسيتونين في الدم بشكل كبير، ما يساعد على الوصول إلى تشخيص الإصابة بتسمم أو تعفن الدم. ومع ذلك، قد تُلاحظ زيادات طفيفة إلى معتدلة في مستويات البروكالسيتونين لأسباب أخرى مثل وجود إصابات رضية أو بعض أمراض مزمنة. لا يمكن لهذا الاختبار وحده تشخيص تسمم أو تعفن الدم بشكل قاطع، ولكنه يقدم أدلة تحتاج إلى مزيد من الفحوصات لتأكيد التشخيص، مثل:
- زرع الدم (Blood Cultures).
- التعداد الدموي الشامل (Complete Blood Count - CBC).
- فحوصات وظائف الكبد والكلى.
- اختبارات البول (Urinalysis).
- التصوير بالأشعة فوق الصوتية، أو التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan) أو بالرنين المغناطيسي (MRI).
متى يُطلب فحص البروكالسيتونين ؟
يُطلب تحليل البروكالسيتونين غالبًا عند وجود اشتباه بالإصابة بتعفن الدم، خاصةً في أقسام الطوارئ أو وحدات العناية المركزة. تَظهر أعراض تعفن الدم على شكل:
- حمى شديدة.
- صعوبة في التنفس.
- انخفاض ضغط الدم.
- تشوش أو ارتباك ذهني، وربما إغماء.
قد يكون تسمم أو تعفن الدم صعب التشخيص في مراحله الأولى حين تكون مستويات البروكالسيتونين منخفضة، لكنها قد ترتفع بسرعة خلال ساعات أو أيام. يساعد ارتفاع البروكالسيتونين الأطباء في الكشف المبكر وبدء العلاج قبل تفاقم الحالة.
ما هي علامات التحذير من تعفن الدم؟
يحدث تعفن الدم عندما يستجيب الجسم بشكل مفرط لعدوى جرثومية، مما يؤدي إلى التهابات حادة قد تهدد الحياة. تشمل الأعراض الشائعة ما يلي:
- الارتباك أو التشوش الذهني.
- ضيق التنفس.
- سرعة ضربات القلب.
- الحمى أو الشعور بالبرودة.
- ألم أو عدم ارتياح شديد.
- الجلد الشاحب أو الرطب.
- نقص كمية البول.
من هم الأكثر عرضة للإصابة بتعفن الدم؟
يمكن لأي شخص أن يُصاب بتعفن الدم إذا تعرض لعدوى شديدة، لكن هناك فئات معينة أكثر عرضة للإصابة، منهم:
- المسنون فوق عمر 65 عامًا.
- الأطفال الذين أعمارهم أقل من سنة.
- مرضى السكري، أو السرطان، أو الأمراض المزمنة في الكلية أو الرئة.
- الأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.
- النساء الحوامل.
- الأشخاص الذين سبق لهم الإصابة بتعفن الدم.
ما معنى نتائج فحص البروكالسيتونين ؟
يُفسَّر فحص البروكالسيتونين بناءً على مستوياته في الدم:
- طبيعي: من 0 إلى 0.05 ميكروغرام لكل لتر (µg/L).
- خطر منخفض للإصابة بتعفن الدم: أقل من 0.5 µg/L.
- احتمالية الإصابة بتعفن الدم: بين 0.5 و2 µg/L.
- خطر متوسط إلى عالٍ للإصابة بتعفن الدم: بين 2 و10 µg/L.
- تعفن دم حاد: 10 µg/L أو أكثر.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد هذا التحليل في تحديد نوع العدوى، إذ إن تعفن الدم غالبًا ما ينتج عن عدوى بكتيرية، لكن يمكن أن يكون بسبب عدوى فيروسية أو فطرية. إذا كانت الأعراض شديدة ومستويات البروكالسيتونين منخفضة، فمن المرجح أن يكون السبب عدوى فيروسية.
ما هي أسباب ارتفاع البروكالسيتونين؟
قد ترتفع مستويات البروكالسيتونين لأسباب عديدة، منها:
- عدوى بكتيرية شديدة مثل تعفن الدم.
- إصابات الأنسجة مثل الحروق أو الصدمات الرضية الشديدة.
- عملية جراحية حديثة.
- التهاب البنكرياس الحاد (Acute Pancreatitis).
- صدمة قلبية المنشأ (Cardiogenic Shock).
- رفض أعضاء مزروعة.
- التهابات الأورام الصلبة (بعض أنواع السرطان).
هل يمكن أن تكون هناك أسباب غير العدوى؟
نعم، هناك حالات أخرى قد تسبب ارتفاعًا في مستويات البروكالسيتونين، مثل الأمراض المزمنة كمرض الانسداد الرئوي المزمن (Chronic Obstructive Pulmonary Disease - COPD) وأمراض الكلى المزمنة.
ما أهمية التشخيص المبكر؟
أثبتت الدراسات أن ارتفاع مستويات البروكالسيتونين مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالصدمة الإنتانية (Septic Shock) والوفاة. لذلك، يعتبر التشخيص المبكر واستخدام هذا الاختبار خطوة حاسمة في تقديم العلاج المناسب في الوقت المناسب وإنقاذ الأرواح.
الأسئلة الشائعة
ما هو المعدل الطبيعي للبروكالسيتونين (PCT)
المعدل الطبيعي للبروكالسيتونين في الدم يتراوح بين 0 و0.05 ميكروغرام لكل لتر (µg/L). عند هذا المستوى لا توجد عادةً مؤشرات على وجود عدوى جرثومية متعممة أو التهاب شديد. مستويات البروكالسيتونين التي تتجاوز هذا النطاق تتطلب تقييمًا طبيًا لتحديد سبب ذلك.
كيف يتم التخلص من البروكالسيتونين؟
يتم التخلص من البروكالسيتونين بشكل رئيسي من خلال الكلى حيث يتم تصفيته وإخراجه عن طريق البول، بالإضافة إلى ذلك يتراجع إنتاج البروكالسيتونين بشكل طبيعي عندما تنحسر العدوى أو الالتهاب الذي أدى إلى ارتفاع مستوياته. مدة بقاء البروكالسيتونين في الدم قصيرة نسبيًا إذ ينخفض مستواه إلى النصف كل 24 إلى 36 ساعة بمجرد السيطرة على العدوى أو الالتهاب.
هل ارتفاع البروكالسيتونين (PCT) خطير؟
يعتمد خطر ارتفاع البروكالسيتونين على مستواه، وعلى السبب وراء الارتفاع. وجود ارتفاع طفيف إلى متوسط (0.5–2 µg/L) قد يشير إلى عدوى موضعية أو التهاب بسيط ويحتاج إلى متابعة طبية. وجود ارتفاع متوسط إلى عالٍ (2–10 µg/L) يشير إلى وجود عدوى جهازية مثل تعفن الدم (Sepsis) وقد يتطلب تدخلاً طبيًا سريعًا. وجود ارتفاع شديد (أكثر من 10 µg/L) غالبًا ما يدل على تعفن دم شديد أو صدمة إنتانية (Septic Shock) وهو وضع خطير يهدد الحياة.
نصيحة من موقع صحتك
فحص البروكالسيتونين أداة مهمة تساعد الأطباء في تشخيص وجود عدوى تسمم أو تعفن الدم وتقييم شدتها. بفضل هذا التحليل، يمكن تقديم العلاج في مرحلة مبكرة قبل أن تصبح الحالة مهددة للحياة. ومع ذلك، يجب أن تفسر نتائجه ضمن سياق سريري شامل، وبالاعتماد على اختبارات إضافية لضمان الوصول إلى التشخيص الدقيق وبدء العلاج المناسب.
