يُعد تحليل التروبونين (Troponin Test) من أهم الفحوصات المستخدمة في تشخيص النوبات القلبية الحادة وبعض مشكلات القلب الأخرى، ويعتمد هذا التحليل على قياس مستويات التروبونين، وهو بروتين يوجد بشكل طبيعي داخل خلايا عضلة القلب. ترتفع مستوياته في الدم عند حدوث تلف في خلايا عضلة القلب، مما يجعله أداة تشخيصية دقيقة وفعّالة لأذية هذه الخلايا. في هذا المقال، سنقدم شرحًا مفصلًا عن تحليل التروبونين، واستخداماته، وطريقة إجرائه، وكيفية تفسير نتائجه.
ما هو تحليل التروبونين؟
تحليل التروبونين يقيس مستوى التروبونين في عينة من الدم، ويوجد نوعان رئيسيان من هذا البروتين يُمكن قياسهما: التروبونين I (Troponin I) والتروبونين T (Troponin T). هذه البروتينات توجد في داخل خلايا عضلة القلب، وتلعب دورًا رئيسيًا في عملية انقباض هذه العضلة. في الحالة الطبيعية، تكون مستويات التروبونين في الدم منخفضة جدًا، ولا يمكن الكشف عنها إلا باستخدام تقنيات حساسة للغاية. لكن عند تعرض عضلة القلب لتلف أو أذية، مثلما يحدث في النوبة القلبية، تتسرب كميات كبيرة من التروبونين إلى الدم، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوياته.
استخدامات تحليل التروبونين
يُستخدم تحليل التروبونين في تشخيص الأزمات القلبية الحادة، وهو الاستخدام الأكثر شيوعًا لهذا التحليل. عند الاشتباه بوجود نوبة قلبية، يساعد هذا الفحص في تأكيد حدوث تلف في عضلة القلب ويعطي فكرة عن تقدير مدى الضرر الذي حدث. يُستخدم أيضًا في تشخيص الذبحة الصدرية غير المستقرة (Unstable Angina)، وهي حالة طبية طارئة قد تتطور إلى نوبة قلبية. كما يستخدم في متابعة صحة القلب بعد العمليات الجراحية للتأكد من عدم حدوث تلف في عضلة القلب أثناء العملية.
لماذا قد أحتاج إلى تحليل التروبونين؟
قد يطلب الطبيب إجراء التحليل إذا كنت تعاني من أعراض نوبة قلبية، مثل ألم أو ثقل في منتصف أو يسار الصدر، يمتد الألم إلى الذراعين أو الكتفين أو الظهر أو الرقبة والفك أو أعلى البطن، أو صعوبة في التنفس حتى أثناء الراحة، أو الغثيان والقيء، أو تعب عام غير مبرر، أو دوار أو شعور بالإغماء، أو تعرق غزير غير مبرر، وقد تحدث ضربات قلب سريعة أو غير منتظمة (Arrhythmia). إذا كنت تعاني من هذه الأعراض، يجب الحصول على رعاية طبية فورية لأن التشخيص والعلاج السريع قد ينقذ حياتك.
كيفية إجراء التحليل
يتم التحليل بسحب عينة دم من الوريد، ويقوم مختص الرعاية الصحية باستخدام إبرة صغيرة لجمع الدم في أنبوب اختبار. قد تشعر بوخزة بسيطة عند إدخال الإبرة أو إخراجها، وعادةً ما يستغرق الإجراء أقل من خمس دقائق.
لا يحتاج تحليل التروبونين إلى تحضيرات خاصة. ومع ذلك، إذا كنت تتناول مكملات الفيتامين B7 (البيوتين)، يجب إبلاغ الطبيب، إذ يمكن أن تؤثر هذه المكملات على دقة النتائج وتجعل مستويات تحليل التروبونين تظهر أقل من حقيقتها. كما أن تحليل التروبونين آمن تمامًا. قد تشعر بألم بسيط أو يظهر كدمة في مكان الإبرة، لكن هذه الأعراض تختفي سريعًا.
تفسير نتائج تحليل التروبونين
إذا كانت مستويات التروبونين ضمن الحدود الطبيعية بعد 12 ساعة من ظهور الأعراض، فمن غير المرجح أن تكون النوبة القلبية هي سبب الأعراض. ارتفاع مستويات التروبونين يشير عادةً إلى وجود تلف في عضلة القلب. ترتبط مستويات التروبونين المرتفعة جدًا غالبًا بحدوث أزمة قلبية مهمة.
هناك حالات أخرى يمكن أن تسبب ارتفاع التروبونين مثل اضطراب نبضات القلب، وفشل القلب، وأمراض صمامات القلب، ووجود التهاب أو عدوى في عضلة القلب (Myocarditis)، وبعد التمارين الرياضية المجهدة لفترات طويلة مثل جري الماراثونات، وإصابات الصدر، وأمراض الكلى المزمنة، وحدوث انسداد رئوي (جلطة دموية في الرئتين)، والإنتان (تعفن الدم)، أو إصابة شديدة بفيروس كوفيد-19 أثرت على عضلة القلب.
ماذا يحدث إذا كانت النتائج غير طبيعية؟
في حال ارتفاع مستويات التروبونين دون وجود علامات واضحة للنوبة القلبية، قد يطلب الطبيب إجراء فحوصات إضافية لتحديد السبب، مثل تخطيط القلب الكهربائي (Electrocardiogram - ECG) أو تصوير القلب بالأشعة فوق الصوتية (الإيكو القلبي Echocardiogram).
الأسئلة الشائعة
ما هو المعدل الطبيعي لتحليل Troponin؟
المعدل الطبيعي لتحليل التروبونين T في الدم عادةً يكون أقل من 0.04 نانوغرام/مل (ng/mL). إذا كانت المستويات بين 0.04 إلى 0.39 نانوغرام/مل، فقد تشير إلى وجود ضرر طفيف في القلب أو حالات أخرى، بينما إذا تجاوزت 0.40 نانوغرام/مل، غالبًا ما تكون مؤشرًا على نوبة قلبية أو تلف حاد في عضلة القلب.
وعلى كل حال؛ قد تختلف المستويات الطبيعية المعتمدة باختلاف جهاز القياس المستعمل في التحليل، وتعطي الشركات لائحة بالمستويات الطبيعية في أجهزة قياسها، ويرجع الأطباء عادة للأرقام الطبيعية المستخدمة في كل جهاز عند قراءة النتائج.
متى يُطلب تحليل تروبونين؟
يُطلب تحليل التروبونين في الحالات التالية: عند الاشتباه بوجود نوبة قلبية نتيجة لأعراض مثل ألم الصدر أو ضيق التنفس، ولتشخيص أو مراقبة الذبحة الصدرية غير المستقرة، وبعد العمليات الجراحية الكبيرة على القلب، وعند وجود أعراض مثل التعب الشديد غير المبرر، ووجود خفقان وتسرع في ضربات القلب، أو وجود الألم مع الغثيان والتعرق المفرط دون سبب واضح، وكذلك لمتابعة صحة القلب عند المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة كالفشل القلبي أو الالتهابات القلبية.
ما الفرق بين Troponin I و Troponin T؟
Troponin I يُعتبر أكثر تحديدًا لعضلة القلب، إذ يقتصر وجوده على القلب فقط، ويُستخدم بشكل رئيسي لتشخيص الضرر القلبي الناتج عن النوبات القلبية. أما Troponin T فيوجد أيضًا بشكل أساسي في عضلة القلب، لكنه قد يظهر في حالات أخرى مثل أمراض الكلى المزمنة، مما قد يقلل من دقته في بعض الحالات. كلا النوعين يستخدمان لتشخيص تلف عضلة القلب، والاختيار بينهما يعتمد على البروتوكول المخبري المتبع.
كم المعدل الطبيعي لإنزيمات القلب؟
المعدل الطبيعي لبعض إنزيمات القلب الرئيسية وارتفاع أي من هذه الإنزيمات فوق المعدلات الطبيعية يشير إلى وجود ضرر في عضلة القلب، ويحتاج إلى متابعة طبية فورية:
- Troponin أقل من 0.04 نانوغرام/مل.
- Creatine Kinase-MB (CK-MB) أقل من 3-5% من إجمالي CK أو أقل من 5 نانوغرام/مل.
- Myoglobin أقل من 90 ميكروغراما/لتر.
نهايةً، يُعتبر تحليل التروبونين أداة فعّالة في تشخيص النوبات القلبية الحادة وفي متابعة صحة القلب. في حال الاشتباه بوجود مشكلة قلبية، يُعد الحصول على رعاية طبية فورية أمرًا بالغ الأهمية لإنقاذ الحياة وتقليل الضرر على المدى الطويل. إذا كان لديك أي استفسار حول نتائج التحليل، لا تتردد في استشارة طبيبك للحصول على تفسير شامل وخطة علاجية مناسبة.