في السنوات الأخيرة، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي خصوصًا على منصة "تيك توك"، صيحات عديدة للعناية بالبشرة باستخدام مكونات منزلية بسيطة، من بينها صودا الخبز (Baking Soda). وتُقدََّم هذه المكونات على أنها حلول سحرية لتفتيح البشرة، وتوحيد لونها، والتخلص من حَب الشباب. لكن خلف هذه الوعود البراقة، يحذر الخبراء في الأمراض الجلدية (Dermatology Experts) من أن صودا الخبز قد تُسبب ضرراً أكثر من نفعها، وقد تُؤدي إلى تهيج البشرة وتلفها على المدى الطويل. في هذا المقال، سنتناول حقيقة صودا الخبز للعناية بالبشرة ولماذا يوصي المختصون بتجنبها.
خطر صودا الخبز للعناية بالبشرة
يؤكد الخبراء أن صودا الخبز للعناية بالبشرة قد تُخلّ بتوازن الحموضة الطبيعي للبشرة (Skin pH Balance)، ما يجعلها أكثر عرضة للجفاف والاحمرار. فالبشرة بطبيعتها تميل إلى الحموضة الخفيفة، وهذا يُساعدها على الاحتفاظ بالرطوبة ومقاومة البكتيريا. لكن صودا الخبز للعناية بالبشرة مادة قلوية قوية، تُعادل هذا التوازن وتُضعف طبقة الحماية الطبيعية.
عندما يتضرر هذا الحاجز الواقي (Skin Barrier)، تصبح البشرة أكثر حساسية تجاه المهيجات الخارجية، مما يؤدي إلى مشكلات مثل الالتهاب، والاحمرار، وظهور بقع داكنة يصعب علاجها. ويشير الخبراء إلى أنهم رأوا حالات كثيرة أصيبت بتشققات دقيقة في الجلد بعد استخدام صودا الخبز للعناية بالبشرة كمقشر منزلي.
هل تُساعد صودا الخبز على تفتيح البشرة؟
يدّعي البعض أن صودا الخبز للعناية بالبشرة تُساعد على تفتيح البقع الداكنة وتوحيد لون الوجه. لكن في الحقيقة، لا يوجد دليل علمي يدعم هذا الادعاء. ما يراه البعض من "تفتيح مؤقت" هو نتيجة إزالة طبقة من الزيوت وخلايا الجلد الميتة فقط، وليس علاجًا للتصبغات العميقة الناتجة عن الميلانين (Melanin) في الطبقات السفلية من الجلد. بل على العكس، قد تُسبب صودا الخبز للعناية بالبشرة زيادة التصبغات لدى أصحاب البشرة السمراء أو المتوسطة، نتيجة الالتهاب والتهيج المستمر.
هل تُفيد صودا الخبز في علاج حَب الشباب؟
يلجأ بعض الأشخاص إلى صودا الخبز للعناية بالبشرة ظنًّا منهم أنها علاج فعّال لحَب الشباب (Acne)، بسبب قدرتها على تجفيف البثور بسرعة. ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذا الجفاف المؤقت يُؤدي في النهاية إلى نتيجة عكسية، إذ تُصبح البشرة متهيجة ومتقشرة، مما يزيد من انسداد مسام الجلد وظهور المزيد من البثور.
تُشير الأبحاث إلى أن علاج حَب الشباب يحتاج إلى مكونات لطيفة ومدروسة مثل: حمض الساليسيليك (Salicylic Acid)، وحمض الجليكوليك (Glycolic Acid)، أو النياسيناميد (Niacinamide)، وهي مواد مثبتة علميًا وفعّالة في تنظيف المسام وتجديد الخلايا دون الإضرار بتوازن البشرة.
بدائل آمنة لصودا الخبز
ينصح الخبراء باتباع برنامج بسيط للحفاظ على بشرة صحية بدلًا من استخدام صودا الخبز للعناية بالبشرة. يشمل هذا البرنامج استخدام منظف لطيف (Gentle Cleanser)، ومرطّب خفيف (Lightweight Moisturizer)، مع واقي شمس (Sunscreen) يوميًا. أما للتقشير، فيُفضل استخدام المنتجات التي تحتوي على الأحماض الآمنة المذكورة سابقًا.
وفي حال ظهور جفاف أو تهيج في الجلد بعد استخدام صودا الخبز للعناية بالبشرة، يجب التوقف فورًا عن استخدامها واستعمال منتجات مهدئة تحتوي على السيراميدات (Ceramides) أو البانثينول (Panthenol) أو السكوالين (Squalane) حتى تستعيد البشرة توازنها الطبيعي.
في النهاية، من المهم أن نفهم أن العناية بالبشرة ليست مسألة "حيلة سريعة" كما تُروّج لها مواقع التواصل الاجتماعي، بل هي عملية تتطلب الصبر والمعرفة. استخدام صودا الخبز للعناية بالبشرة قد يبدو مغريًا بسبب بساطته وتكلفته المنخفضة، لكنه في الواقع قد يضر أكثر مما ينفع. وللحفاظ على بشرة صحية ومتوازنة، يُفضل الاعتماد على منتجات مثبتة علميًا واستشارة الخبراء عند الحاجة. تذكّر دائمًا أن صودا الخبز للعناية بالبشرة ليست الحل السحري الذي تروج له الفيديوهات المنتشرة، بل قد تكون تجربة محفوفة بالمخاطر ربما تترك آثارًا طويلة الأمد على بشرتك.
