تعتبر الأعشاب جزءًا من الممارسات العلاجية التقليدية منذ آلاف السنين، وقد ازدادت شعبيتها بشكل كبير في الآونة الأخيرة، بفضل انتشار منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك (TikTok). ولكن على الرغم من أن هذه المكملات تُصنّف كمنتجات "طبيعية"، فإنها ليست دائمًا آمنة، وقد تؤدي إلى آثار جانبية خطيرة. ووفقًا لدراسة حديثة، فإن حوالي 15.6 مليون بالغ أمريكي، أي ما يعادل 5% من السكان، تناولوا مكملات غذائية تسبب ضرر الكبد خلال الثلاثين يومًا الماضية.
مكملات غذائية تسبب ضرر الكبد
أجرى الباحثون تحليلًا لبيانات أكثر من 9500 بالغ أمريكي بمتوسط عمر 47.5 عامًا، والذين شاركوا في المسح الوطني لفحص الصحة والتغذية (National Health and Nutrition Examination Survey - NHANES) بين عامي 2017 و2020. وتضمنت هذه البيانات معلومات طبية حول استخدام المشاركين للأدوية الموصوفة والمكملات العشبية. ركز الباحثون على ستة مكملات غذائية تسبب ضرر الكبد (Potentially Hepatotoxic Botanical Products) وهي:
- عشبة الأشواغاندا (Ashwagandha).
- عشبة الكوهوش الأسود (Black Cohosh).
- عشبة الجارسينيا كامبوجيا (Garcinia Cambogia).
- مستخلص الشاي الأخضر (Green Tea Extract).
- أرز الخميرة الحمراء (Red Yeast Rice).
- الكركم أو الكركمين (Turmeric or Curcumin).
ويشير الخبراء إلى أن هذه المنتجات العشبية قد تحتوي على مكونات نباتية ترتبط بإمكانية التسبب في تلف الكبد (Liver Damage).
كيف تسبب هذه المكملات تلف الكبد؟
رغم أن الآلية الدقيقة لحدوث تلف الكبد بسبب هذه المكملات ما تزال غير معروفة تمامًا، فإن بعض الباحثين يعتقدون أن عملية التمثيل الغذائي (Metabolism) التي تحدث في الكبد بعد استهلاك هذه المنتجات قد تكون السبب وراء ذلك.
وأوضح خبراء في مجال أمراض الكبد أن بعض المرضى تعرضوا لإصابة حادة في الكبد بسبب تناول مكملات غذائية تسبب ضرر للكبد، بل إن بعض الحالات استدعت عمليات زراعة كبد طارئة. ووفقًا لبيانات تم جمعها حول إصابات الكبد الناتجة عن الأدوية، فإن معدل الإصابات الكبدية الناتجة عن هذه المنتجات ارتفع من 7% في الفترة بين 2004-2005 إلى 20% في الفترة بين 2013-2014.
نتائج الدراسة
توصل الباحثون في نهاية الدراسة إلى أن حوالي 58% من المشاركين ذكَروا أنهم استخدَموا مكملًا غذائيًا أو عشبيًا مرة واحدة على الأقل خلال الثلاثين يومًا الماضية. ومن بين هؤلاء، أشار حوالي 5% إلى أنهم تناولوا واحدًا على الأقل من المكملات الستة المعروفة بأنها مكملات غذائية تسبب ضرر الكبد. وعند تطبيق هذه النسبة على سكان الولايات المتحدة، فإن العدد يُقدّر بنحو 15.6 مليون بالغ.
تحذيرات طبية مهمة
تشير النتائج إلى أن استخدام هذه المكملات العشبية التي قد تؤذي الكبد يماثل تقريبًا عدد الأشخاص الذين يتناولون أدوية موصوفة معروفة بأنها قد تضر الكبد، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) وعقار سيمفاستاتين (Simvastatin) المستخدم لتقليل مستوى الكوليسترول الضار.
وحذر الخبراء من أن المنتجات المتاحة في الأسواق لا تخضع دائمًا لتنظيم صارم، ما يعني أن بعضها قد يحتوي على مكونات غير مذكورة في الملصق أو بتركيزات مختلفة. كما أشاروا إلى نقص في البيانات التي توضح المخاطر الدقيقة لإصابة الكبد عند تناول أحد هذه المكملات، ما يجعل من الصعب على الأطباء تقديم إرشادات واضحة حول ذلك.
الوقاية من أضرار المكملات العشبية
لتجنب مخاطر مكملات غذائية تسبب ضرر الكبد، يُنصح باتباع هذه الإرشادات:
- استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي، خاصة لمن يتناولون أدوية أخرى.
- قراءة ملصقات المنتجات بعناية والتأكد من عدم وجود مكونات مشكوك فيها.
- اختيار منتجات من علامات تجارية موثوقة تخضع لاختبارات سلامة مستقلة.
- مراقبة أي أعراض جانبية بعد تناول المكملات، مثل آلام في البطن، أو اصفرار الجلد، أو تغير لون البول، لأنها قد تكون علامات مبكرة لتلف الكبد.
نهايةً، رغم انتشار الاعتقاد بأن المكملات العشبية آمنة لأنها "طبيعية"، فإن الأبحاث الحديثة تسلط الضوء على المخاطر المحتملة لبعض هذه المنتجات. لذا، من الضروري استشارة الطبيب قبل تناول أي مكمل غذائي لتجنب حدوث أي مضاعفات خطيرة. إن زيادة الوعي حول مكملات غذائية تسبب ضرر الكبد يُعد خطوة مهمة نحو حماية الصحة العامة، لا سيما مع الانتشار الواسع لهذه المنتجات في الأسواق. يتطلب الحفاظ على الصحة وعيًا دقيقًا بالمكونات التي نتناولها، والتأكد من أن المكملات التي نستخدمها لا تعرض الكبد للخطر.