يعتبر الأسبرين (Aspirin) من أشهر الأدوية المضادة للالتهاب والمستخدمة لتخفيف الألم وخفض الحرارة، لكن بالنسبة لبعض الأشخاص، يمكن أن يكون هذا الدواء مشكلة صحية بدلًا من كونه علاجًا فعالًا. حساسية الأسبرين هي حالة تصيب بعض الأفراد عندما يعانون من ردود فعل سلبية بعد تناول هذا الدواء أو غيره من المنتجات التي تحتوي على مركبات الساليسيلات (Salicylates). هذه المركبات توجد أيضًا في العديد من الأطعمة والمنتجات اليومية، مما يجعل التعامل مع هذه الحساسية أمرًا معقدًا. في هذا المقال، سنتعرف على أسباب حساسية الأسبرين، وأعراضها، والأطعمة التي يجب تجنبها لمن يعانون منها.
ما هي مركبات الساليسيلات؟
الساليسيلات (Salicylates) هي مجموعة من المركبات الكيميائية المشتقة من حمض الساليسيليك (Salicylic Acid)، والتي توجد بشكل طبيعي في بعض الأطعمة والنباتات، كما يتم تصنيعها لاستخدامها في الأدوية مثل الأسبرين، ومعاجين الأسنان، والمواد الحافظة الغذائية. تَستخدم النباتات هذه المركبات لحماية نفسها من الفطريات والجراثيم والآفات، وتنقسم الساليسيلات إلى نوعين رئيسيين:
- ساليسيلات طبيعية: توجد في الفواكه والخضراوات والشاي والقهوة والتوابل والعسل.
- ساليسيلات صناعية: تُستخدم كمادة حافظة في الأطعمة، وأيضًا توجد في بعض الأدوية مثل الأسبرين وأدوية أخرى مثل بيبتو-بيزمول (Pepto-Bismol).
على الرغم من أن معظم الأشخاص يتحملون هذه المركبات دون مشاكل، فإن البعض قد يعانون من ردود فعل سلبية حتى عند تناول كميات صغيرة جدًا.
ما الذي يسبب حساسية الأسبرين؟
يمكن لمعظم الناس تناول الأطعمة الغنية بالساليسيلات أو استخدام الأسبرين دون أي مشكلة، ولكن الأشخاص الذين يعانون من حساسية الأسبرين تكون لديهم قدرة منخفضة على استقلاب أو أيض (Metabolize) هذه المركبات وإخراجها من الجسم.
تشير الأبحاث إلى أن هذه الحالة ناتجة عن زيادة إنتاج الليوكوترينات (Leukotrienes)، وهي مواد التهابية ترتبط بعدد من الحالات مثل الربو (Asthma)، والتهاب الأنف التحسسي (Allergic Rhinitis)، والتهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid Arthritis).
في بعض الحالات، قد تؤدي حساسية الأسبرين إلى ردود فعل خطيرة، وتُلاحظ بشكل أكبر عند البالغين الذين يعانون من الربو. وتشير الدراسات إلى أن 2-22% من البالغين المصابين بالربو قد يعانون من هذه الحساسية، كما أن الأشخاص الذين يعانون من الحساسية الغذائية وأمراض الأمعاء الالتهابية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بها.
أعراض حساسية الأسبرين
تختلف أعراض حساسية الأسبرين من شخص لآخر، وقد تتشابه مع أعراض الحساسية الأخرى، مما يجعل تشخيصها صعبًا. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:
- أعراض تنفسية: انسداد الأنف، والتهابات الجيوب الأنفية، والزوائد الأنفية، والربو.
- أعراض هضمية: إسهال، وغازات، وآلام في البطن، والتهاب القولون (Colitis).
- أعراض جلدية: شرى (Hives)، وتورم الأنسجة.
تعتمد شدة الأعراض على كمية الساليسيلات التي يتم استهلاكها وقدرة الجسم على معالجتها، إذ يعاني بعض الأشخاص من ردود فعل شديدة حتى عند التعرض لكميات ضئيلة.
الأطعمة الغنية بالساليسيلات والتي يجب الحذر منها
تحتوي العديد من الأطعمة على كميات متفاوتة من الساليسيلات، ويمكن أن تؤثر طريقة تحضير الطعام أو درجة نضجه على مستوى هذه المركبات فيه. على سبيل المثال، تحتوي الفواكه المجففة على مستويات أعلى من الساليسيلات مقارنةً بنظيراتها الطازجة. تشمل الأطعمة الغنية بالساليسيلات:
-
الفواكه: التوت الأسود، والتوت الأزرق، والكرز، والعنب، والبرتقال، والفراولة، والأناناس، والقراصيا، والمشمش.
-
الخضراوات: البروكلي، والخيار، والسبانخ، والباذنجان، والكوسا، والبطاطا الحلوة، والفجل.
-
التوابل، القرفة، والزنجبيل، والكركم، والكمون، والأوريجانو، والزعتر، والفلفل الحار.
-
أطعمة أخرى: العسل، والشاي، والخل، والمخللات، والمشروبات الكحولية مثل النبيذ والروم.
إضافةً إلى ذلك، توجد الساليسيلات في العديد من المنتجات غير الغذائية مثل:
- معاجين الأسنان بنكهة النعناع.
- العطور، والشامبوهات، ومستحضرات العناية بالبشرة.
- بعض الأدوية المضادة للالتهاب مثل الأيبوبروفين (Ibuprofen).
لذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون من حساسية الأسبرين الحذر من المنتجات التي تحتوي على هذه المركبات، حتى لو لم تكن ضمن الأطعمة.
كيف يتم تشخيص وإدارة حساسية الأسبرين؟
لا توجد اختبارات مخبرية محددة لتشخيص حساسية الأسبرين، لكن الأطباء قد يستخدمون اختبار التحفيز (Provocation Test) إذ يتم إعطاء المريض جرعة صغيرة من حمض الساليسيليك (Salicylic Acid) ومراقبة رد فعله. يجب أن يتم هذا الاختبار تحت إشراف طبي دقيق، نظرًا لاحتمالية حدوث تفاعلات خطيرة.
إذا كان الشخص يعاني من حساسية مثبتة تجاه الأسبرين، فمن الأفضل تجنب الأدوية التي تحتوي عليه، لكن هذا لا يعني بالضرورة ضرورة تجنب جميع الأطعمة الغنية بالساليسيلات، إذ إن الأسبرين يحتوي على كميات أعلى بكثير من الساليسيلات مقارنة بالأطعمة.
قد يحتاج بعض الأشخاص إلى اتباع نظام غذائي منخفض الساليسيلات، ولكن يجب أن يتم ذلك تحت إشراف مختص في التغذية، لأن هذه الأطعمة تحتوي أيضًا على العديد من الفيتامينات والمعادن المهمة للصحة.
هل يجب عليك تجنب الساليسيلات تمامًا؟
إذا لم تكن تعاني من حساسية الأسبرين، فلا يوجد سبب لتجنب الساليسيلات، إذ إن لها فوائد صحية عديدة. في الواقع، تشير بعض الأبحاث إلى أن الأطعمة الغنية بالساليسيلات يمكن أن تقلل من خطر الإصابة بالأمراض الالتهابية مثل سرطان القولون.
لكن بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من حساسية الأسبرين، فإن تجنب الأطعمة والمنتجات الغنية بهذه المركبات قد يكون ضروريًا لتجنب الأعراض غير المريحة أو الخطيرة. ومع ذلك، يجب تجنب تقليل الساليسيلات من النظام الغذائي بشكل مفرط دون استشارة طبية، لأن ذلك قد يؤدي إلى نقص في بعض العناصر الغذائية المهمة.
نهاية، حساسية الأسبرين قد تكون تحديًا للأشخاص الذين يعانون منها، خاصةً بسبب انتشار مركبات الساليسيلات في العديد من الأطعمة والأدوية والمنتجات اليومية. ومع ذلك، من خلال التشخيص الصحيح والإدارة السليمة، يمكن للأشخاص المصابين بهذه الحساسية التحكم في أعراضهم، وتجنب المسببات دون الإضرار بصحتهم العامة. إذا كنت تشك في إصابتك بحساسية الأسبرين، فمن الأفضل استشارة طبيب مختص لتحديد أفضل استراتيجية للتعامل مع هذه الحالة.