بخاخ باربي للتسمير | صرعة تيك توك التي تحذر منها الجهات الصحية

في عصر الجمال السريع والمثالية الرقمية، تنتشر منتجات تَعِد بتحقيق النتائج المرجوة بدون مجهود أو ضرر يُذكر، من أبرزها منتج يُعرف باسم "بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس". هذا المنتج الذي اجتاح منصات التواصل الاجتماعي مثل تيك توك، يُروَّج له كمفتاح للحصول على بشرة برونزية لامعة دون الحاجة إلى التعرض لأشعة الشمس الضارة. لكن خلف هذا الوعد البراق تكمن حقيقة مقلقة ترتبط بصحة الإنسان، وتُحذر الهيئات الصحية العالمية من مخاطر قد تصل إلى الإصابة بأمراض قاتلة.

ما هو بخاخ باربي للتسمير ؟

بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس هو منتج يُباع غالباً بشكل غير قانوني عبر الإنترنت، ويُقدََّم على هيئة بخاخ أنفي يحتوي على مركب يُسمى ميلانوتان II (Melanotan II)، وهو نسخة صناعية غير مرخصة من هرمون α-الميلانوسيت المحفِّز (Alpha-Melanocyte Stimulating Hormone). هذا الهرمون يُحفّز إنتاج الميلانين (Melanin)، وهي الصبغة المسؤولة عن لون الجلد.

يُروج للرذاذ على أنه وسيلة آمنة وسريعة للحصول على تسمير طبيعي دون تعريض البشرة للأشعة فوق البنفسجية، وغالبًا ما يُعبأ المنتج في عبوات وردية اللون مع صور مستوحاة من دمية "باربي"، مما يجعله جذابًا للجمهور الأصغر سنًا.

كيف يعمل بخاخ باربي للتسمير؟

عند استنشاق "ميلانوتان II" من خلال الأنف، يدخل المركّب إلى مجرى الدم عبر الأغشية المخاطية، ويرتبط بمستقبلات خاصة تُعرف باسم مستقبلات الميلانوكورتين (Melanocortin Receptors). يؤدي هذا الارتباط إلى تحفيز إنتاج الميلانين في خلايا الجلد، مما يمنح البشرة لوناً داكناً مؤقتًا.

لكن هذا التسمير ليس دائمًا، إذ إن التوقف عن استخدامه يؤدي إلى عودة إنتاج الميلانين إلى مستواه الطبيعي، وبالتالي يتلاشى اللون تدريجياً.

هل هذا المنتج آمن؟

الإجابة القصيرة: لا. لا يخضع بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس لأي رقابة من قِبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، مما يعني أن تركيبة المنتج قد تحتوي على مكوّنات مجهولة أو جرعات غير دقيقة أو حتى ملوّثات ميكروبية. في دراسة أجريت عام 2014، تبيّن أن منتجات "ميلانوتان II" المباعة عبر الإنترنت تحتوي على شوائب تتراوح بين 4.1% و5.9%، وأن كمية المادة الفعالة الموجودة داخل العبوات لا تطابق الكمية المعلنة.

حظرت العديد من الدول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا استخدام هذا المنتج، لكنه ما يزال يُباع في السوق السوداء، مما يُعرّض المستخدمين لمخاطر صحية جسيمة

ما المخاطر والآثار الجانبية؟

تشير التقارير الطبية إلى أن استخدام بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس قد يؤدي إلى مجموعة من الآثار الجانبية القصيرة والطويلة الأمد، من أبرزها:

الآثار الجانبية الشائعة

تشمل الآثار الجانبية الشائعة على الآتي:

• الغثيان والقيء (Nausea and Vomiting).

• الإسهال (Diarrhea).

• فقدان الشهية (Loss of Appetite).

• احمرار الوجه (Facial Flushing).

• دوخة (Dizziness).

الآثار الخطيرة

تشمل الآثار الجانبية الخطيرة على الآتي:

• انتصاب مؤلم ومطوّل لدى الذكور يُعرف باسم القساح (Priapism).

• زيادة مفاجئة في حجم وعدد الشامات (Moles) وتغير لونها، مما قد يُشير إلى نمو سرطاني.

• الورم الميلانيني (Melanoma)، وهو أخطر أنواع سرطان الجلد.

• تحلل العضلات (Rhabdomyolysis)، وهي حالة قد تؤدي إلى فشل كلوي.

• التهاب الدماغ (Encephalopathy).

• احتشاء الكلى (Renal Infarction)، أي موت أنسجة الكلى بسبب نقص التروية.

• تلون الأظافر باللون الداكن (Melanonychia).

في إحدى الحالات التي تم الإبلاغ عنها، عانت امرأة تُدعى إديث إيغل من رد فعل تحسسي خطير بعد استخدام بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس ووصِفت حالتها بأنها كانت "تغرق من الداخل"، ما استدعى نقلها إلى المستشفى على وجه السرعة.

اقرأ أيضاً

هل يمكن تسمير البشرة دون التعرض للشمس؟

الخطورة الاجتماعية والتسويق المضلل

تلعب وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك، دورًا كبيرًا في ترويج بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس . وقد أظهرت دراسات أن المستخدِمين يُشجعون على استخدامه من خلال فيديوهات تَعِدهم بتسمير فوري وآمن، دون الإشارة إلى المخاطر الصحية.

رغم أن تيك توك حظرت بعض الوسوم المرتبطة بالمنتج مثل #melanotan و#tanningnasalspray، فإن الترويج له مستمر باستخدام وسوم عامة مثل #tanning.

هذه الممارسات تُغري الشباب والمراهقين بتجربة المنتج دون إدراك العواقب الخطيرة، وهو ما دفع الخبراء للمطالبة بتشديد الرقابة على هذه المنتجات ومنع بيعها إلكترونيًا.

ما البدائل الآمنة؟

لحسن الحظ، هناك طرق آمنة وفعالة للحصول على تسمير دون المخاطرة بصحتك، ومنها:

• البرونزرات (Bronzers)، منتجات تجميلية تُوضع على الجلد لإعطاء مظهر التسمير، ويمكن إزالتها بسهولة بالماء.
• مستحضرات التسمير الذاتية (Self-Tanners)، تأتي على شكل كريمات أو سيرومات، وتحتوي غالباً على مادة الديهيدروكسي أسيتون (DHA)، وهي مركب يُسبب تفاعلًا مع الأحماض الأمينية على سطح الجلد فيمنحه لونًا داكنًا. هذه المنتجات آمنة عند استخدامها خارجيًا فقط، بعيدًا عن العينين أو الأنف أو الفم.
• الرذاذ الاحترافي للتسمير (Spray Tan)، يُطبق في صالونات التجميل من قبل مختصين باستخدام تركيبات خالية من الأشعة فوق البنفسجية. النتائج تستمر عادةً من 7 إلى 10 أيام.

اقرأ أيضاً

رغم فوائد أشعة الشمس ،انتبه لحدتها!!!

ما حقيقة "أفاميلاينوتايد" (Afamelanotide)؟

رغم تشابه تركيب أفاميلاينوتايد مع "ميلانوتان II"، فإن هذا الدواء تمت الموافقة عليه من قبل FDA لعلاج مرض نادر يُسمى البورفيريا الجلدية لانتاج الكريات الحمراء (Erythropoietic Protoporphyria)، وليس لأغراض التسمير، ويجب استخدامه فقط في بيئة سريرية وتحت إشراف طبيب مختص.

نهايةً، رغبة الإنسان في تحسين مظهره أمر طبيعي، لكن السعي للجمال يجب ألا يكون على حساب الصحة. استخدام بخاخ باربي للتسمير بدون التعرض للشمس قد يبدو مغريًا، خاصة مع الدعم الكبير من المؤثّرين عبر الإنترنت، إلا أن الحقائق العلمية تُثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه غير آمن ويشكل تهديدًا حقيقيًا للصحة العامة.

بدلاً من المخاطرة بحياتك من أجل مظهر برونزي مؤقت، اعتمد على البدائل الآمنة والمصرّح بها طبيًا. وتذكّر دومًا: جمالك يبدأ من صحتك، ولا يوجد تسمير يستحق الإصابة بالسرطان أو فشل الكلى أو أذية الدماغ.