قد لا يستطيع أحد منا الاستغناء عن البلاستيك نهائياً، فهو موجود في كل مكان حولنا، مثل المياه المعبأة في عبوات إلى علب الوجبات الجاهزة، وغيرها الكثير، ولكن هناك نوع آخر من البلاستيك ربما يجب أن نقلق منه وهو النانو بلاستيك، وهو جزيئات صغيرة من البلاستيك قد نستهلكها دون أن ندرك ذلك. نبين في هذه مقالة معلومات عن النانو بلاستيك.
ما هو النانو بلاستيك ؟
يُعد النانو بلاستيك في المقام الأول منتجات ثانوية لتحلّل العبوات البلاستيكية، ويقصد بكلمة نانو أن جزيئات البلاستيك هذه صغيرة جدًا لدرجة أننا لا تستطيع رؤيتها بالعين المجردة، ويصعب حتى رؤيتها بالمجهر العادي، ولهذا يجب استخدام مجهر إلكتروني أو ليزري خاص لرؤية هذه الأنواع من البلاستيك لأنها صغيرة للغاية.
ما مدى انتشار النانو بلاستيك ؟
في حين أن هناك بعض الأبحاث حول تأثيرات جزيئات البلاستيك الصغيرة وتأثيرها على جسم الإنسان، فإن هناك دراسة جديدة تسلط الضوء على جزيئات أصغر من هذه، ألا وهي النانو بلاستيك، ومدى انتشارها في زجاجة مياه بلاستيكية واحدة. توصلت هذه الدراسة إلى أنه بالمعدل يحتوي لتر من المياه المعبأة على 240,000 شظية بلاستيكية، تم تحديد 90% منها على أنها من النانو بلاستيك.
أبلغت العديد من الدراسات عن وجود النانو بلاستيك في العديد من الأطعمة، بما في ذلك الملح والمأكولات البحرية والسكر والمياه المعبأة في زجاجات والعسل والحليب والشاي، ولكن الأدلة العلمية الحالية لا تثبت أن مستوياتها المكتشفة في الأطعمة تشكل خطرًا على صحة الإنسان. بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لعدم وجود طرق موحدة لكيفية الكشف عن النانو بلاستيك أو تحديد كميتها أو توصيفها، فقد استخدمت العديد من الدراسات العلمية طرقًا متغيرة ومشكوك فيها و/أو محدودة الدقة والخصوصية.
التأثيرات الصحية المحتملة للنانو بلاستيك
بالرغم من أن الأبحاث ما تزال مستمرة لاكتشاف مضار جزيئات البلاستيك التي نستهلكها، فإن هناك بعض المضار المحتملة التي يمكن الحديث عنها. النانو بلاستيك متنوع من حيث تركيبه الكيميائي، فلهذا لا يمكن حصر أضراره في أمر واحد، ومن تأثيراته المحتملة اختلال عمل الغدد الصماء، وما تفعله هذه المواد هو أنها تتداخل مع هرمونات الجسم، مثل هرمونات الغدة الدرقية وهرمونات التوتر مثل الكورتيزول والهرمونات الجنسية مثل الإستروجين والتستوستيرون، فعلى سبيل المثال، قد يحتوي النانو بلاستيك على مواد كيميائية مثل ثنائي الفينول أ (BPA)، التي يمكن أن تحاكي نشاط هرمون الإستروجين وتؤدي إلى البلوغ المبكر لدى الشباب.
قد يكون تأثير التعرض للنانو بلاستيك أكبر لدى الرضع والأطفال الصغار والمراهقين والحوامل مقارنة بالبالغين وغير الحوامل، ولكن هذا المجال يحتاج إلى مزيد من الدراسات لفهم جميع التأثيرات الصحية المحتملة بشكل كامل، إذ يمكن أن يعْبر النانو بلاستيك الحواجز المعوية والأنسجة وحواجز الدم في الدماغ، ولهذا فإنها تصل إلى مناطق من الجسم لم تتعرض للبلاستيك من قبل.
هل يجب أن نقلق من النانو بلاستيك ؟
معظم النانو بلاستيك الذي سنستهلكه سيكون موجوداً في الطعام والشراب إذا كان هذا الطعام والشراب معبأ في عبوات وعلب بلاستيكية، ولكن تظهر الأبحاث أن النانو بلاستيك موجود في العديد من الأمور في حياتنا. نظرت بعض الأبحاث في العديد من الأنسجة البشرية ووجدت أن النانو بلاستيك موجود فيها، ولذلك من الواضح أننا نتعرض لهذه المواد الكيميائية.
يؤكد الخبراء أن أنظمة تنظيف وتعقيم المياه التي تتبناها البلديات فعالة في تنظيف المياه لتوفير المياه العذبة والنظيفة للناس، ولهذا فإن المياه في معظم البلديات آمنة للشرب، وفي الوقت ذاته، فإن المياه المعبأة إن تم تخزينها بشكل صحيح فهي أيضاً آمنة للشرب. بل ويذكر بعض الخبراء أن خطر الجفاف وعدم شرب كميات كافية من الماء قد يكون أكثر خطراً على الأشخاص من تأثيرات النانو بلاستيك.
طرق الحد من التعرض للنانو بلاستيك
فيما يلي بعض النصائح المفيدة حول كيفية الحد من التعرض للنانو بلاستيك:
استخدام عبوات آمنة لغسالة الأطباق والميكروويف
تأكد من أن العبوات البلاستيكية التي تستخدمها آمنة لغسلها في غسالة الأطباق ووضعها في الميكروويف، فقد يؤدي تسخين الأوعية البلاستيكية إلى إذابة البلاستيك وتسرب مواد كيميائية منه، ولهذا يوصي الخبراء بعدم تسخين الطعام في الأوعية البلاستيكية إلا إذا كانت آمنة ومخصصة للغسل في غسالة الأطباق، أو لوضعها في الميكروويف على وجه التحديد، ولتفادي هذه الاحتمالية كلها؛ يفضل استخدام أوعية زجاجية أو معدنية أو خزفية عندما يكون ذلك ممكناً لتخزين الطعام وتسخينه.
كيفية تخزين مياه الشرب ومكان تخزينها
يُعد المكان الأمثل لتخزين عبوات المياه البلاستيكية هو أي مكان مظلم وبارد، مثل الثلاجة، ويجب عدم ترك عبوات المياه في الشمس كي لا ترتفع درجة حرارتها، لأن ذلك سيؤدي إلى تسريع تلف البلاستيك وتفككه كيميائياً.
التخلص من الأوعية والعبوات البلاستيكية القديمة
يملك الكثير منا أوعية وعبوات بلاستيكية قديمة مخبأة في المطبخ، ومن المهم هنا هو تفقد العبوات البلاستيكية القديمة، فإذا بدأتْ تبدو هشّة أو كان لونها باهتاً، فهذه علامة تشير إلى أن البلاستيك قد بدأ يتلف.
التعامل مع الإيصالات أو الفواتير بعناية
قد يشكل الإيصال أو الفاتورة التي تتلقاها من المتجر أو المطعم خطراً عندما يتعلق الأمر بالنانو بلاستيك، إذ تحتوي العديد منها على مادة ثنائي الفينول أ (BPA)، وهي المادة البلاستيكية المذكورة أعلاه، والتي تمنح بعض الإيصالات ملمسًا شمعيًا أو مقاومًا للماء، ولهذا يُنصح بغسل اليدين بعد التعامل مع الإيصالات لأن عليها مواد بلاستيكية متناهية الصغر، فإذا وصل النانو البلاستيك إلى يديك ثم أكلت أو تعاملت مع الطعام قبل غسل يديك، فمن المحتمل أن تدخل تلك المواد البلاستيكية إلى جسمك.
الأسئلة الشائعة
هل يجب أن أقلق بشأن النانو بلاستيك؟
تشير الدراسات إلى أن اللدائن النانوية يمكن أن تكون أكثر ضررًا من اللدائن الدقيقة لأنها أصغر حجمًا، ويمكنها الدخول بسهولة إلى الخلايا، ونسبة مساحة سطحها الأكبر إلى حجمها تجعل هذه الجسيمات أكثر تفاعلية، إنما لا توجد دراسات تثبت أنها ضارة لصحة الإنسان بشكل محدد.
هل يوجد النانو بلاستيك في الأعضاء البشرية؟
في السنوات الأخيرة، تم العثور على اللدائن الدقيقة واللدائن النانوية في أدمغة وقلوب ورئات البشر، وقد تم اكتشافها في شرايين الأشخاص المصابين بأمراض الشرايين، مما يشير إلى أنها قد تكون عامل خطر محتمل للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ولكن مجرد وجود هذه المواد ليس دليلاً على أنها تسبب هذه الأمراض.
هل تمتص النباتات المواد البلاستيكية النانوية؟
يمكن للنباتات امتصاص المواد البلاستيكية النانوية الدقيقة البلاستيكية المتناهية الصغر ونقلها وتراكمها في الأنسجة المختلفة.
نصيحة من موقع صحتك
قد يكون التفكير في احتمالية وجود النانو بلاستيك في كل مكان مخيفاً، ولهذا فإن أفضل مسار هو اتخاذ خطوات للحد من التعرض له، وإذا لم تكن قادرًا على تقليل استخدامك للبلاستيك، فلا يجب أن تخاف منه، وأفضل شيء يمكنك القيام به هو أن تكون أكثر وعيًا بشأنه، وتحاول التقليل منه قدر استطاعتك، وتذكر أن ذلك لن يؤدي إلى حالة طبية طارئة.