تخضع الفحوصات المخبرية في العديد من الأحيان لقوانين ورقابة صارمة لضمان دقتها وسلامتها في تشخيص الحالات الطبية، وتعد هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) من أبرز الهيئات التي تنظم هذه الفحوصات، إذ تشرف على العديد من الفحوصات المخبرية التي تُستخدم للكشف عن الأمراض المختلفة مثل السرطان، وفيروس كورونا، وفقر الدم، وغيرها من الأمراض التي تؤثر على صحة الإنسان. في الآونة الأخيرة، تم فرض رقابة أشد من قبل الهيئة على الفحوصات المخبرية التي يتم تطويرها داخل المختبرات (LDTs)، وهي الفحوصات التي تُستخدم لتشخيص الأمراض المختلفة باستخدام عينات من الدم أو اللعاب أو الأنسجة.
الرقابة الجديدة على الفحوصات المخبرية
في 6 مايو 2024، أعلنت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية عن إجراء تغيير جذري في طريقة تنظيم الفحوصات المخبرية التي يتم تطويرها داخل المختبرات. تُستخدم هذه الفحوصات لتشخيص مجموعة متنوعة من الحالات المرضية مثل السرطان، وأمراض الدم، وفيروسات مثل COVID-19. قبل هذا التغيير، كانت بعض هذه الفحوصات تعمل ضمن "ثغرة قانونية" لم تُنظمها الهيئة، مما أدى إلى وجود بعض المخاطر المتعلقة بدقتها وموثوقيتها. وفقًا للقانون الجديد، ستحتاج الشركات التي تقوم بتطوير هذه الفحوصات إلى التسجيل لدى هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، والموافقة على الخضوع لمراجعة أشد قبل أن يتم طرح الفحص في السوق. كما يتطلب الأمر من الشركات الإبلاغ عن أي آثار جانبية أو مشكلات متعلقة بهذه الفحوصات.
أنواع الفحوصات المخبرية الخاضعة للرقابة
تغطي هذه الفحوصات المخبرية التي تُطور داخل المختبرات العديد من الأمراض والحالات الصحية، بما في ذلك السرطان، ومرض ألزهايمر، وCOVID-19. على سبيل المثال، قد يتم إرسال عينات من الدم أو الأنسجة إلى المختبرات لاختبار وجود مواد وراثية أو تغيرات جينية تشير إلى وجود مرض. من المعروف أن هذه الفحوصات تتميز باستخدام تقنيات عالية ومتخصصة لا تتوفر عادة في المستشفيات أو العيادات المحلية، مما يجعلها تستدعي توجيهًا دقيقًا من قبل الهيئة.
ما هي الفحوصات التي تحتاج إلى رقابة؟
الفحوصات التي تتطلب رقابة تشمل تلك التي يتم تطويرها داخل المختبرات لاستخدامها في تشخيص الأمراض النادرة أو الحالات المعقدة. على سبيل المثال، عندما يحتاج الطبيب إلى اختبار لوجود أجسام مضادة غير عادية لمرض نادر مثل بابيزيوز (Babesiosis)، فإن هذا الفحص لا يتوفر عادة في المستشفيات المحلية، بل يتم إرساله إلى مختبر متخصص قادر على إجراء الفحص. وهذه الأنواع من الفحوصات تُعتبر فحوصات مخبرية داخلية (LDTs).
الأسباب التي دفعت هيئة الغذاء والدواء إلى الرقابة
أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت الهيئة إلى فرض رقابة أكبر على هذه الفحوصات هو ضمان صحة وموثوقية نتائجها، فقد صرح جيف شورن (Jeff Shuren)، مدير مركز الأجهزة والصحة الإشعاعية في الهيئة قائلاً: "لا أحد يعرف بالضبط عدد هذه الفحوصات الموجودة أو الشركات التي تقوم بتصنيعها، ناهيك عن الفحوصات التي تحتوي على مشكلات، مثل النتائج غير الدقيقة". هذه المخاوف بشأن دقة الفحوصات دفعت الهيئة إلى إصدار القواعد الجديدة التي تلزم الشركات بتسجيل هذه الفحوصات وإخضاعها للمراجعة قبل طرحها في السوق.
التحديات التي تواجه المختبرات الصغيرة والمراكز الأكاديمية
بينما يؤيد البعض هذه الخطوات لضمان سلامة المرضى، فإن هناك بعض المخاوف من قبل المختبرات الصغيرة والمراكز الأكاديمية، إذ يعتقد البعض أن الرقابة الصارمة قد تؤدي إلى تباطؤ في تطوير الفحوصات التي تعالج الأمراض النادرة أو التي لم يتم تطوير فحوصات لها من قبل الشركات التجارية. مارى-لويز لاندري (Marie-Louise Landry)، مديرة مختبر الفيروسات السريرية في مستشفى "يال نيو هافن" بأمريكا، أعربت عن قلقها من أن القواعد الجديدة ستجعل من الصعب على المراكز الأكاديمية الاستمرار في تطوير هذه الفحوصات.
التأثير المحتمل على صناعة الفحوصات المخبرية
قد تتأثر صناعة الفحوصات المخبرية بشكل كبير من هذه الرقابة. ففي الوقت الذي يدعو فيه البعض إلى ضرورة تنظيم هذه الفحوصات لضمان سلامة المرضى، يرى آخرون أن هذه القوانين قد تُعوق قدرة المستشفيات والمختبرات الصغيرة على الاستجابة السريعة للطوارئ الصحية العامة مثل جائحة COVID-19 أو الأوبئة الأخرى. من الممكن أن تزيد التكاليف المرتبطة بالحصول على الموافقات من تقليل قدرة هذه المختبرات على توفير الفحوصات اللازمة للأمراض النادرة أو التي لا تحقق ربحًا تجاريًا كبيرًا.
تأثير هذه القوانين على الفحوصات الخاصة بالأمراض النادرة
تعد الفحوصات الخاصة بالأمراض النادرة من الفحوصات التي قد تتأثر بالرقابة الجديدة، إذ إن العديد من هذه الأمراض لا تُدرج ضمن الأمراض الشائعة التي تتطلب فحوصات تشخيصية مُعتمدة من FDA، مما قد يؤدي إلى تقليل الفرص لتطوير الفحوصات لهذه الأمراض. ومع ذلك، أشار المسؤولون في FDA إلى أنه إذا كانت هناك حاجة ملحة لفحص خاص بحالة نادرة وكان لا يوجد فحص معتمد من قبل الهيئة، فيمكن للمختبر تطوير LDT دون الحاجة إلى الحصول على الموافقة المبدئية من الهيئة.
الآثار على المستهلكين والمرضى
بالنسبة للمستهلكين، قد لا يشعرون بتغييرات جذرية في رعايتهم الصحية نتيجة لهذه القواعد الجديدة. ومع مرور الوقت، قد تصبح النتائج التي يتلقونها من الفحوصات المخبرية أكثر موثوقية ودقة، مما يقلل من خطر الحصول على نتائج خاطئة قد تؤدي إلى قرارات علاجية غير صحيحة.
نصيحة من موقع صحتك
التنظيم الجديد للفحوصات المخبرية التي يتم تطويرها داخل المختبرات يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز دقة وسلامة التشخيصات الطبية، خاصة في ظل الاستخدام الواسع لهذه الفحوصات في تشخيص العديد من الأمراض المعقدة والنادرة. وعلى الرغم من أن هذا التنظيم قد يواجه بعض التحديات، مثل التأثير المحتمل على قدرة بعض المختبرات الصغيرة والمراكز الأكاديمية على تطوير اختبارات جديدة، فإن الهدف الأساسي من هذه الرقابة هو حماية صحة المرضى وضمان موثوقية النتائج. زيادة إشراف هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على الفحوصات المخبرية يساهم في تقليل المخاطر المتعلقة بالنتائج غير الدقيقة التي قد تؤدي إلى تقديم علاجات غير ضرورية أو إلى إغفال حالات صحية خطيرة.
من خلال هذه الإجراءات، ستتمكن الأنظمة الصحية من توفير نتائج أكثر دقة وموثوقية، مما يعزز الثقة بين المرضى والمرافق الطبية. بالإضافة إلى ذلك، سيسهم هذا التنظيم في تحسين استجابة النظام الصحي للأوبئة والأمراض النادرة التي قد تتطلب فحوصات مخبرية دقيقة. في المستقبل، من المتوقع أن تصبح النتائج التي يتم الحصول عليها من الفحوصات المخبرية أكثر دقة، مما يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات علاجية أفضل وأكثر استنارة.