بين التلوث ونتائج الحمل توجد علاقة مثبتة، فالأشخاص الذين يعيشون في مناطق ذات هواء ملوث أو الذين يتعرضون لتلوث الهواء الداخلي كالتعرض للسموم مثل دخان السجائر، يعانون من معدلات أعلى من نتائج الحمل السلبية، ونبين في هذه المقالة كيفية تأثير تلوث الهواء سلباً على نتائج الحمل والطرق المفيدة في الحد من تأثير التلوث.
التأثيرات المحتملة لتلوث الهواء على الحمل
قد يؤثر تلوث الهواء على صحة الحامل والجنين على حد سواء، إذ يمكن للملوثات الموجودة في الهواء أن تَعْبر المشيمة، ما يؤثر على صحة المشيمة نفسها ويؤثر سلبًا على نمو الجنين. تعتمد التأثيرات المحددة لتلوث الهواء على عدة عوامل، منها:
- مرحلة النمو التي بلغها الجنين عند التعرض للملوثات.
- المدة الزمنية التي يستمر فيها التعرض للتلوث.
- مقدار التلوث الموجود في الجو.
- نوع الملوث الذي تتعرض له الحامل.
قد تتفاعل عوامل أخرى مع التلوث لتخفيف أو زيادة مخاطره، وتشير معظم الأبحاث إلى أن الفئات الأكثر عرضة للتشوهات الخَلقية هم أيضًا أكثر عرضة للعيش في مناطق ملوثة، وأما بالنسبة للآباء والأمهات ذوي الدخل المنخفض أو المنتمين للأقليات، فإن عوامل الخطر الأخرى، كعدم الحصول على طعام جيدة أو عدم تلقي الرعاية الصحية الجيدة قبل الولادة، قد تزيد من حدة تأثيرات تلوث الهواء.
ما هي أنواع التلوث؟
يأتي تلوث الهواء بأشكال عديدة، ويمكن أن يكون في المناطق المغلقة أو في الهواء الطلق، وتشمل بعض أنواع تلوث الهواء ما يلي:
- تلوث الهواء الخارجي من الضباب الدخاني.
- التلوث الداخلي والخارجي بسبب الحرائق والدخان، بما في ذلك دخان التبغ.
- المخاطر المهنية، مثل العمل في الهواء الطلق، والعمل مع المواد الكيميائية السامة، والعمل مع الحيوانات، والعمل في المناطق الصناعية.
- المواد الكيميائية المنزلية، مثل الأسبستوس.
- المواد الكيميائية الخطرة، مثل بعض مواد التنظيف والطلاء.
- التعرض الزائد لمسببات الحساسية، مثل العفن.
العلاقة بين التلوث ونتائج الحمل
لم يحدد الباحثون حتى الآن جميع التأثيرات المحتملة لتلوث الهواء، كما أن الخبراء لا يعرفون لماذا تتجلى العلاقة بين التلوث ونتائج الحمل في بعض حالات الحمل دون غيرها، كما لا توجد آلية للتنبؤ بمن سيتعرضنَ لنتائج الحمل السلبية نتيجة للتعرض لتلوث الهواء، على الرغم من أن الخبراء يعتقدون حاليًا أن التعرض لتلوث الهواء يزيد من خطر حدوث ذلك. تتضمن بعض التأثيرات المحتملة لتلوث الهواء أثناء الحمل ما يلي:
الولادة المبكرة
قد تكون الحوامل اللاتي يعشنَ في مناطق ملوثة أكثر عرضة للولادة المبكرة، وتزيد الولادة المبكرة من خطر حدوث مشاكل أخرى مثل انخفاض وزن المولود، وقصور نمو رئتي الطفل، ووفاة الطفل أثناء الولادة أو بعدها بفترة قصيرة.
قيّمت إحدى الدراسات التي أُجريت في عام 2019 تأثيرات الملوثات الشائعة، مثل الأوزون، وثاني أكسيد الكبريت، وأكسيد النيتروجين، وثاني أكسيد النيتروجين، ووجدت علاقة بين تلوث الهواء والولادة المبكرة، علمًا أن الخطر الأكبر كان أثناء فترة الحمل اللاحقة.
أثبتت هذه الدراسة كغيرها من الدراسات حول التلوث ونتائج الحمل وجود علاقة بينهما، ولكنها لم تثبت أن تلوث الهواء يسبب الولادة المبكرة بشكل مباشر. قد تتداخل عوامل أخرى في ارتفاع معدل انتشار الولادة المبكرة، أو قد يكون الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الملوثة هم أكثر عرضة لعوامل خطر أخرى تؤدي للولادة المبكرة.
ولادة جنين ميت
تشير ولادة الجنين الميت إلى وفاة الجنين بعد 20 أسبوعًا من الحمل. أثبتت إحدى الدراسات التي أُجريت في عام 2018 وجود علاقة بين التعرض لتلوث الهواء وولادة جنين ميت، وكان الخطر أعلى خلال الثلث الأخير من الحمل.
انخفاض الوزن عند الولادة
قد يؤدي التعرض لتلوث الهواء إلى قصور في نمو الطفل، مما يتسبب في ولادته صغير الحجم بشكل غير عادي، وقد يتسبب أيضًا في الولادة المبكرة كما بيّنا، ما قد يؤدي إلى ولادة أطفال صغار جدًا بأجسام ورئتين غير مكتملة النمو. ويُعد انخفاض الوزن عند الولادة عامل خطر لتأخر النمو، بالإضافة إلى العديد من المشاكل الصحية وحتى للوفاة بعد الولادة، فقد وجدت دراسة تحليلية أُجريت في عام 2013 حللت نتائج 14 دراسة سابقة أن ارتفاع معدل انتشار بعض الملوثات، مثل ثاني أكسيد النيتروجين، يرتبط بارتفاع خطر انخفاض وزن المولود، ولكن هذا لا يثبت أن التلوث يسبب انخفاض الوزن عند الولادة بشكل مباشر، ولكنه يثبت وجود علاقة محتملة بين التلوث ونتائج الحمل السلبية.
المشاكل الصحية لدى الأم
يرتبط التعرض لتلوث الهواء بارتفاع خطر حدوث مضاعفات مرتبطة بالحمل لدى الأم، فقد وجدت دراسة لنتائج الولادة في مقاطعة أليغيني في بنسلفانيا أن التعرض لتلوث الهواء في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل يزيد من خطر الإصابة بتسمم الحمل وارتفاع ضغط الدم، يمكن أن تؤثر هذه المضاعفات سلبًا في صحة الأم والجنين، وقد يستلزم ذلك الولادة المبكرة أيضاً.
مشاكل نمو الرئتين
قد يؤثر التعرض لتلوث الهواء على نمو رئتي الجنين، ويحدث ذلك في بعض الأطفال بشكل غير مباشر عندما يؤدي التعرض للتلوث إلى الولادة المبكرة، وبالتالي ولادة طفل لا تعمل رئتاه بشكل كامل. ويعد عدم نمو الرئتين بشكل كامل أحد عوامل الخطر لوفاة المولود بعد الولادة. يرتبط التعرض لتلوث الهواء أيضاً بمشاكل الجهاز التنفسي عند الطفل على المدى الطويل، مثل الربو والحساسية.
كيفية الوقاية أو الحد من التأثيرات السلبية لتلوث الهواء
لا يستطيع الأشخاص عادةً التحكم في مستويات التلوث حول منازلهم أو أماكن عملهم، ولكن بالرغم من ذلك، فهناك بعض الأمور التي يمكن القيام بها للحد من تأثيرات التلوث ونتائج الحمل السلبية التي قد يؤدي إليها، منها:
- الانتقال إلى مناطق ذات تلوث أقل عندما تكون جودة الهواء سيئة جداً، أثناء حرائق الغابات مثلاً.
- فحص المنزل بحثاً عن الأسبستوس وغيره من المواد السامة، والتواصل مع خبراء للتعامل مع هذا الخطر إن لزم الأمر.
- تركيب كاشف أول أكسيد الكربون لمنع التسمم بأول أكسيد الكربون.
- فحص المنزل للكشف عن وجود العفن، والاستعانة بالخبراء للتخلص منه بشكل فعال إن وجد.
- ارتداء غطاء للوجه أو كمامة عند استخدام منتجات التنظيف أو الطلاء.
- تجنب التدخين داخل المنزل.
- تركيب فلتر هواء عالي الكفاءة لتقليل تلوث الهواء الداخلي.
- تجنب الخروج من المنزل في أوقات التلوث الشديد، علماً أن معظم محطات الطقس المحلية توفر تقارير عن جودة الهواء اليومية، خاصة في المناطق الملوثة.
- استشارة الطبيب حول نصائح أخرى لتقليل خطر حدوث مضاعفات الحمل المرتبطة بتلوث الهواء بشكل عام.
أسئلة شائعة
ما هي العيوب الخَلقية التي يسببها تلوث الهواء؟
بعض العيوب الخَلقية التي يمكن أن تنشأ عن تلوث الهواء تشمل عيوب الأنبوب العصبي، وأمراض القلب الخَلقية، وتعدد الأصابع الخَلقي، والحنك المشقوق، وتشوهات الجهاز الهضمي.
هل يمكن أن تسبب جودة الهواء السيئة الإجهاض؟
تشير الدراسات إلى أن التعرض لملوثات الهواء قد يرتبط بزيادة احتمال ولادة جنين ميت والإجهاض.
نصيحة من موقع صحتك
توجد علاقة واضحة بين التلوث ونتائج الحمل السلبية، حتى وإن لم تكن مباشرة، فإنها تشكل خطراً محتملاً على صحة الأم والجنين، فلا بد من السعي للحد التأثيرات السلبية هذه، وذلك لأن التلوث يتفاعل مع عوامل خطر الأخرى، ما قد يزيد احتمال حدوث مضاعفات أثناء الحمل.
يمكن التخفيف من هذه التأثيرات بتحسين جودة الهواء في الأماكن المغلقة عن طريق تركيب فلتر هواء والتعامل مع العفن وتجنب دخان السجائر، ويجب أيضاً مراقبة جودة الهواء الخارجي، وتقليل التعرض له في أوقات التلوث، مع الحرص على ارتداء معدات واقية مناسبة عند استخدام المواد الكيميائية.