تُعد فترة الحمل من أهم المراحل التي تتطلب اهتمامًا خاصًا بالتغذية، ليس فقط لصحة الأم، بل أيضًا لتأثيرها المباشر على نمو الجهاز المناعي عند الجنين. تشير الدراسات الحديثة إلى أن نمط التغذية أثناء الحمل قد يلعب دورًا حاسمًا في تقليل مخاطر الإصابة بحساسية الطعام (Food Allergy) لدى الأطفال. في هذا المقال، نستعرض أبرز الأبحاث التي تناولت العلاقة بين التغذية أثناء الحمل واحتمالية إصابة الطفل بحساسية الطعام، مع التركيز على أهمية التغذية المتوازنة ودور بعض الأطعمة المحددة في هذا السياق.
العلاقة بين التغذية أثناء الحمل وحساسية الطعام لدى الأطفال
تشير الأبحاث إلى أن نوعية الغذاء الذي تتناوله الأم خلال الحمل قد يؤثر على تطور الجهاز المناعي لدى الجنين، مما قد يقلل أو يزيد من احتمالية إصابته بحساسية الطعام لاحقًا. فمثلاً، أظهرت دراسة فنلندية حديثة أن تناول الأفوكادو (Avocado) أثناء الحمل مرتبط بانخفاض خطر إصابة الأطفال بحساسية الطعام بنسبة تصل إلى 44% عند بلوغهم عمر السنة، حتى بعد تعديل العوامل الأخرى مثل عمر الأم، ومؤشر كتلة الجسم (Body Mass Index - BMI)، ونمط الحياة.
فوائد الأفوكادو أثناء الحمل
يُعتبر الأفوكادو من الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية المفيدة، مثل الألياف الغذائية (Dietary Fiber)، والدهون الأحادية غير المشبعة (Monounsaturated Fats)، وحمض الفوليك (Folate)، واللوتين (Lutein). تساهم هذه المكونات في دعم نمو الجهاز المناعي للجنين وتطوره بشكل صحي. بالإضافة إلى ذلك، قد تساعد الألياف في تحسين توازن البكتيريا النافعة في الأمعاء (Gut Microbiome)، مما يعزز مناعة الطفل ويقلل من احتمالية تطور حساسية الطعام.
نمط التغذية العام وتأثيره على حساسية الطعام
لا يقتصر الأمر على تناول الأفوكادو فقط، بل إن نمط التغذية العام للأم أثناء الحمل يلعب دورًا مهمًا في تقليل مخاطر الحساسية لدى الأطفال. تشير الدراسات إلى أن اتباع نظام غذائي غني بالخضراوات، والفواكه، والحبوب الكاملة، مع تقليل استهلاك اللحوم الحمراء والأطعمة المصنعة، قد يقلل من احتمالية إصابة الأطفال بالحساسية.
أهمية التنوع الغذائي في مرحلة الرضاعة
بعد الولادة، يُعتبر تنوع النظام الغذائي للطفل خلال السنة الأولى من العوامل المهمة في تقليل خطر الإصابة بحساسية الطعام. أظهرت دراسة سويدية أن تقديم مجموعة متنوعة من الأطعمة للرضع في عمر 9 أشهر مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالحساسية بنسبة 45% عند بلوغهم 18 شهرًا، خاصةً لدى الأطفال الذين يعانون من الإكزيما (Eczema).
تأثير بعض الأطعمة الأخرى أثناء الحمل
هناك بعض الأطعمة الأخرى التي يمكن تناولها أثناء الحمل التي قد تؤثر علي صحة الجنين:
-
السكر المضاف (Added Sugar): أظهرت دراسة أن تناول كميات كبيرة من السكر المضاف أثناء الحمل مرتبط بزيادة خطر إصابة الأطفال بالحساسية والربو التحسسي (Allergic Asthma).
-
المكسرات (Nuts): تشير بعض الأبحاث إلى أن تناول المكسرات أثناء الحمل قد يكون مرتبطًا بانخفاض خطر إصابة الأطفال بالحساسية، على الرغم من أن الأدلة ما تزال غير حاسمة.
-
اللحوم الحمراء (Red Meat): يرتبط استهلاك كميات كبيرة من اللحوم الحمراء أثناء الحمل بزيادة خطر إصابة الأطفال بالحساسية.
توصيات غذائية للحوامل
إليك بعض التوصيات الغذائية للمرأة الحامل لتأخذها بالاعتبار:
-
تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية: مثل الأفوكادو، والخضراوات الورقية، والفواكه، والحبوب الكاملة.
-
تقليل استهلاك الأطعمة المصنعة والسكريات المضافة: لما لها من تأثير سلبي على تطور الجهاز المناعي عند الجنين.
-
الحرص على التنوع الغذائي: لتوفير مجموعة واسعة من العناصر الغذائية الضرورية لنمو الجنين.
-
استشارة أخصائي تغذية: لضمان تلبية الاحتياجات الغذائية الخاصة بكل مرحلة من مراحل الحمل.
نهايةً، تلعب التغذية أثناء الحمل دورًا محوريًا في تحديد صحة الطفل المستقبلية، بما في ذلك احتمالية إصابته بحساسية الطعام. تشير الأدلة إلى أن اتباع نظام غذائي متوازن وغنيّ بالعناصر الغذائية، مع التركيز على أطعمة مثل الأفوكادو، قد يقلل من خطر الإصابة بالحساسية. لذلك، من المهم أن تولي الحوامل اهتمامًا خاصًا لتغذيتهنّ، ليس فقط لصالحهنّ، بل أيضًا لصحة أطفالهنّ المستقبلية.



