يُعد اختبار العرق (Sweat Test) من الفحوصات التشخيصية المهمة التي تساعد في الكشف عن مرض التليف الكيسي (Cystic Fibrosis)، وهو مرض وراثي يؤثر على قدرة الجسم على إنتاج مخاط وعَرَق طبيعيين. يتمثل دور هذا الاختبار في قياس مستوى الكلور (Chloride) في العَرَق، إذ تكون نسبته مرتفعة لدى الأشخاص المصابين بهذا المرض.
ويُعتبر التليف الكيسي من الأمراض التي تُعوق وظائف الرئة والجهاز الهضمي وتؤثر سلبًا على صحة المريض وجودة حياته، مما يجعل التشخيص المبكر ضروريًا لتلقي العلاج المناسب. يساعد هذا المقال في تقديم فهم أعمق لآلية اختبار العرق وأهميته، والأعراض المرتبطة بمرض التليف الكيسي، بالإضافة إلى إجراءات الاختبار ومعاني نتائجه، لتزويد المرضى والأهالي بمعلومات شاملة حول هذا الاختبار الحيوي.
ما هو اختبار العَرَق؟
يقيس اختبار العرق كمية الكلور (Chloride) في العَرَق، ويُعتبر الكلور جزءاً من الأملاح التي توجد في العرق، ويمكن لهذا الاختبار تشخيص مرض التليف الكيسي (Cystic Fibrosis أو CF) لأن الأشخاص المصابين بهذا المرض لديهم مستويات أعلى من الكلور في عرقهم.
التليف الكيسي هو مرض وراثي يمكن أن يؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار. لكي يصاب الشخص بالتليف الكيسي، يجب أن يرث نسخة متغيرة من جين CFTR من كلا الوالدَين. (التغييرات في الجينات تُعرف أيضًا بالمتغيرات أو الطفرات). إذا ورث الشخص نسخة واحدة متغيرة فقط، فلن يُصاب بالمرض ولكنه سيكون حاملًا له، مما يعني أنه إذا أنجب أطفالًا مع شخص آخر يحمل تغييرات مماثلة في إحدى نسخ أو كلتي نسخ جين CFTR لديه، فقد يرث أطفالُه نسختين متغيرتين ويصابون بالتليف الكيسي.
يؤثر هذا المرض على الأجزاء من الجسم التي تُنتج المخاط (Mucus) والعَرَق. بشكل طبيعي، يكون المخاط الطبيعي زلقًا ويعمل على حماية بطانات المجاري التنفسية والجهاز الهضمي والأعضاء والأنسجة الأخرى. أما في حالة التليف الكيسي، يصبح المخاط سميكًا ولزجًا، مما قد يؤدي إلى تراكمه في الأعضاء وإحداث ضرر فيها.
تأثير التليف الكيسي على الجسم
غالبًا ما يؤثر التليف الكيسي على الرئتين، إذ يمكن أن يجعل المخاط السميك من الصعب على الشخص التنفس، وقد يؤدي إلى حدوث التهابات متكررة في الرئة ويتلفها. ومن المشكلات الشائعة الأخرى الناجمة عن التليف الكيسي سوء التغذية، ويمكن أن يُقلل من قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية في الجهاز الهضمي.
أسماء أخرى لاختبار العرَق:
- اختبار الكلور في العَرَق (Sweat Chloride Test).
- اختبار التليف الكيسي بواسطة العرق (Cystic Fibrosis Sweat Test).
- اختبار الكهارل (أو الشوارد) في العرق (Sweat Electrolytes).
ما هو الغرض من اختبار العرق؟
يُستخدم اختبار العرق لتشخيص مرض التليف الكيسي.
لماذا أحتاج إلى اختبار العرق؟
يُمكن لاختبار العرق أن يشخص مرض التليف الكيسي لدى الأشخاص من جميع الأعمار:
-
حديثو الولادة: يخضع الأطفال حديثو الولادة في الولايات المتحدة لفحوصات كشف أولية للتحقق من وجود مجموعة من الحالات الصحية، بما في ذلك التليف الكيسي. إذا أظهرت هذه الفحوصات أن الطفل قد يكون مصابًا بالتليف الكيسي، فإن اختبار العرق سيكون مطلوبًا لتأكيد التشخيص. يُفضل إجراء الاختبار عندما يكون عمر الطفل بين 10 أيام و4 أسابيع. يمكن أن يؤدي بدء العلاج في أسرع وقت ممكن إلى تأخير أو تجنب المشكلات الصحية الناجمة عن مرض التليف الكيسي.
-
الأطفال والبالغون: قد يحتاج الأطفال والبالغون إلى إجراء اختبار تشخيص التليف الكيسي بواسطة العرق إذا كانت لديهم أعراض التليف الكيسي، أو إذا كان أحد أفراد الأسرة مصابًا بهذا المرض. بالرغم من أن معظم المصابين بالتليف الكيسي تظهر لديهم أعراض، فإن البعض لا تظهر لديهم، وفي الحالات الأخف قد لا تظهر الأعراض حتى سن البلوغ.
أعراض التليف الكيسي
تعتمد أعراض التليف الكيسي على الأعضاء المتأثرة، وقد تشمل:
- السعال أو الصفير الذي قد يُنتج مخاطًا أو دمًا.
- تورم أصابع اليد والقدم (Clubbing): وهو تغيّر في شكل الأظافر بحيث تصبح عريضة ومستديرة كظهر الملعقة أو شكل عصا الطبل، ويحدث ذلك بسبب انخفاض مستوى الأكسجين في الدم بشكل مزمن.
- الحمى، التي قد تشمل التعرق الليلي (التعرق الشديد أثناء النوم).
- أعراض هضمية، مثل ألم شديد في البطن، الإسهال المزمن، أو الإمساك.
- نقص الوزن.
- ألم في العضلات والمفاصل.
- تأخر النمو أو البلوغ.
- الجلد المالح والعرق أكثر ملوحة من الطبيعي.
- التهابات الجيوب الأنفية.
- الالتهابات التنفسية المتكررة.
إذا اشتبه الطبيب في إصابة المريض بالتليف الكيسي، فمن المهم إجراء هذا الفحص. لا يوجد علاج شافٍ للتليف الكيسي، لكن العلاج يمكن أن يساعد المريض أو طفله على العيش حياة أطول وأكثر صحة.
ماذا يحدث خلال اختبار العرق؟
لإجراء اختبار العرق، يقوم أخصائي الرعاية الصحية بجمع عينة العَرَق من المريض، وتستغرق العملية حوالي ساعة، وتشمل الخطوات التالية:
- إحداث التعرق: يتم تطبيق مادة كيميائية عديمة الرائحة تُعرف باسم بيلوكاربين (Pilocarpine) على منطقة صغيرة من الساعد أو الساق، ويُلصق على هذه المنطقة قطب كهربائي.
- تطبيق تيار كهربائي ضعيف: يُمرَّر تيار كهربائي ضعيف من خلال القطب لإدخال المادة الكيميائية في الجلد، وقد يشعر المريض بوخز خفيف أو حرارة.
- جمع العرق: بعد حوالي 5 دقائق، يتم إزالة التيار الكهربائي، ويجمع الأخصائي العرق إما بتثبيت ورقة ترشيح أو قطعة شاش على المنطقة، أو باستخدام لفافة بلاستيكية صغيرة.
- مدة الجمع: يتم جمع العرق لمدة 30 دقيقة.
- تحليل العينة: تُرسل عينة العرق إلى المختبر للفحص.
- قد لا يتمكن بعض الأطفال من إفراز كمية كافية من العرق في المحاولة الأولى، وفي هذه الحالة عادةً ما يُعاد الاختبار في يوم آخر.
كيفية التحضير للاختبار
لا يحتاج اختبار العرق إلى تحضيرات خاصة، لكن يجب تجنب وضع أي كريمات أو مراهم على الجلد لمدة 24 ساعة قبل الاختبار.
هل هناك أي مخاطر من الاختبار؟
لا يوجد خطر معروف لاختبار العرق، وقد يسبب تطبيق التيار الكهربائي الخفيف إحساسًا بالوخز أو الدغدغة نتيجة التيار الكهربائي، لكنه ليس مؤلمًا.
ماذا تعني النتائج؟
يُقاس الكلور في العرق بوحدة (مليمول لكل لتر):
- مستوى الكلور 60 أو أكثر: هذا يعني أن المريض أو طفله على الأرجح مصاب بالتليف الكيسي. لتأكيد التشخيص، قد يُطلب من المريض إعادة الاختبار أو إجراء اختبار وراثي للتليف الكيسي.
- مستوى الكلور بين 30 و59: هذا يعني أن النتيجة غير واضحة، ويحتمل وجود التليف الكيسي، لذا قد يطلب مقدم الرعاية الصحية إجراء اختبار عَرَق آخر، أو نوع مختلف من الاختبارات مثل الاختبارات الجينية.
- مستوى الكلور أقل من 29: هذه نتيجة طبيعية، ما يعني أن احتمال وجود التليف الكيسي ضئيل. لكن نتيجة الاختبار الطبيعية لا تستبعد التليف الكيسي تمامًا، فقد تظهر نتائج اختبار العرق طبيعية لبعض مرضى التليف الكيسي.
معلومات إضافية عن اختبار العرق
في حالات نادرة، قد تؤدي بعض الحالات غير التليف الكيسي إلى ارتفاع مستويات الكلور في اختبار العرق، وتشمل هذه الحالات قصور الغدة الدرقية (Hypothyroidism)، والسكري الكاذب الكلوي (Nephrogenic Diabetes Insipidus)، وداء أديسون (Addison Disease).
يمكن أن تساعد معرفة المزيد عن اختبارات المختبر، والمدى المرجعي للنتائج في المختبر، وفهم النتائج بشكل أفضل في التأكد من حصول المريض على الرعاية الطبية المناسبة.
نصيحة من موقع صحتك
يمثل اختبار العرق خطوة أساسية لتشخيص مرض التليف الكيسي بدقة، مما يُمكّن المرضى من تلقي العلاج المبكر الذي يساعد في تحسين جودة حياتهم، والتخفيف من تأثيرات المرض على المدى الطويل. نظرًا لأهمية التشخيص المبكر، ننصح الأهالي الذين تظهر على أطفالهم أعراض مثل السعال المتكرر أو الالتهابات التنفسية المتكررة أو عدم زيادة الوزن بشكل طبيعي، بالتوجه لإجراء هذا الاختبار واستشارة الأطباء المختصين. فالمعرفة المبكرة بالتشخيص تُسهم في اتخاذ قرارات علاجية فعّالة ودعم صحة المريض بشكل أفضل.