يلعب تخثر الدم دورًا حيويًا في حماية الجسم من النزيف المفرط عند الإصابة، لكن أحيانًا قد تحدث مشاكل تؤثر على هذا النظام الدقيق، مما يؤدي إلى ما يُعرف باسم اضطرابات التخثر (Blood Clotting Disorders). تتضمن هذه الاضطرابات إما زيادة مفرطة في تكوين الجلطات، أو صعوبة في تجلط الدم عند الحاجة، وكلا الحالتين قد تؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل: الجلطات القلبية أو النزيف الداخلي. في هذا المقال، سنتناول بطريقة مبسطة أهم اضطرابات التخثر، وأنواعها، وأسبابها، وأعراضها، وطرق التشخيص والعلاج:
ما هي اضطرابات التخثر؟
اضطرابات التخثر هي حالات صحية تؤثّر على قدرة الجسم في تكوين الجلطات الدموية (Blood Clots) بشكل طبيعي. هناك نوعان رئيسيان:
-
اضطرابات النزيف (Bleeding Disorders): حين لا يتجلط الدم كما يجب، ما يؤدي إلى نزيف زائد وصعوبة في إيقاف نزف الدم بعد الإصابات أو الجروح.
-
الاضطرابات التخثرية المفرطة (Hypercoagulable Disorders): إذ يتجلط الدم بسهولة مفرطة دون الحاجة إلى ذلك، مما يسبب تكون جلطات قد تسد الأوعية الدموية وتؤدي إلى سكتات دماغية أو نوبات قلبية.
تُعد اضطرابات التخثر من المشكلات الخطيرة التي تستوجب التشخيص الدقيق والعلاج المناسب لتفادي المضاعفات.
أنواع اضطرابات التخثر
1. الاضطرابات التخثرية المفرطة (Hypercoagulable Disorders)
تُعرف هذه الاضطرابات بأنها تجعل الدم أكثر قابلية للتجلط، ما قد يسبب حدوث انسداد في الأوعية الدموية. تشمل الأمثلة:
-
طفرة عامل لايدن الخامس (Factor V Leiden Mutation): خلل وراثي يؤدي إلى زيادة خطر حدوث الجلطات.
-
طفرة بروثرومبين (Prothrombin Gene Mutation): اضطراب وراثي آخر يرتبط بزيادة خطر الجلطات.
-
متلازمة الأجسام المضادة للفوسفوليبيد (Antiphospholipid Antibody Syndrome): مرض مناعي ذاتي يسبب تجلطات بسبب مهاجمة الجهاز المناعي للأوعية الدموية.
-
مرض الخلايا المنجلية (Sickle Cell Disease): حالة وراثية تشوه خلايا الدم الحمراء، وتسبب انسداد الأوعية وتنشيط نظام التجلط.
-
الذئبة الحمراء الجهازية (Systemic Lupus Erythematosus): مرض التهابي يساهم في زيادة حدوث الجلطات.
-
السرطان (Cancer): بعض أنواع السرطان تزيد من حدوث الجلطات.
-
الصدمة أو الإصابة الشديدة (Shock): مثل الحوادث الكبرى التي تؤثر على جهاز الدوران.
-
تخثر الأوعية المنتشر داخل الجسم (Disseminated Intravascular Coagulation): اضطراب نادر ومعقد يؤدي إلى تخثر مفرط ونزيف في نفس الوقت، ويرتبط غالبا بالعدوى الشديدة.
2. اضطرابات النزيف (Bleeding Disorders)
في هذه الحالة، يعاني الجسم من ضعف في تكوين الجلطات، مما يؤدي إلى نزيف مفرط. من أبرز الأمثلة:
-
الآثار الجانبية لمضادات التخثر (Blood Thinners): مثل أدوية الوارفارين (Warfarin) أو الهيبارين (Heparin).
-
فشل الكبد (Liver Failure): لأن الكبد مسؤول عن إنتاج عوامل التخثر.
-
نقص الفيتامين ك (Vitamin K Deficiency): هذا الفيتامين ضروري لصنع عوامل التخثر.
-
الهيموفيليا (Hemophilia): مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تمنع الجسم من إنتاج بعض عوامل التخثر.
-
داء فون فيليبراند (Von Willebrand Disease): اضطراب وراثي يؤثر على أحد عوامل التخثر المهمة.
أسباب وعوامل خطر اضطرابات التخثر
بعض اضطرابات التخثر وراثية، بينما قد تتطور حالات أخرى في مراحل لاحقة من الحياة. تشمل عوامل الخطر:
-
نقص الفيتامينات والعناصر الغذائية.
-
السرطان.
-
العدوى الشديدة أو تعفن الدم (Septicemia).
-
أمراض مناعية أو التهابية.
-
بعض الأدوية مثل موانع الحمل أو أدوية الهرمونات.
-
الكسور أو العمليات الجراحية الكبرى.
معرفة هذه العوامل قد يساعد الأطباء في اتخاذ احتياطات خاصة في حالات معينة، مثل التخطيط للجراحة أو الحمل.
أعراض اضطرابات التخثر
تختلف الأعراض بحسب نوع اضطراب التخثر، وقد تكون خفيفة أو شديدة. من الأعراض الشائعة:
أعراض اضطرابات النزيف
من أهم أعراض اضطرابات النزيف:
-
ظهور كدمات بسهولة وبدون سبب واضح.
-
كدمات تستمر لفترات طويلة.
-
نزيف شديد حتى مع الجروح الصغيرة.
-
نزيف غزير خلال الدورة الشهرية.
-
حدوث حالات نزيف دون رضوض أو إصابات.
أعراض زيادة التجلط
من أهم أعراض اضطرابات زيادة تجلط الدم:
-
ألم في الصدر (علامة على نوبة قلبية).
-
ضيق في التنفس (قد يدل على جلطة رئوية).
-
أعراض السكتة الدماغية مثل التنميل أو صعوبة في النطق أو الرؤية.
-
نوبات مفاجئة من الضعف أو الدوخة.
اضطرابات التخثر والحمل
قد تسبب اضطرابات التخثر مشاكل أثناء الحمل مثل وجود تجلطات في المشيمة أو نزيف أثناء الولادة. من الضروري أن تستشير الطبيبَ المرأةُ التي تعاني من اضطراب في تخثر الدم وترغب في الحمل لتلقي الرعاية المناسبة أثناء الحمل والولادة.
تشخيص اضطرابات التخثر
يبدأ التشخيص عادةً بفحوصات الدم الأساسية مثل:
-
تعداد الدم الكامل (CBC – Complete Blood Count): يكشف عن وجود فقر دم أو انخفاض في الصفائح الدموية.
-
اختبار دي-دايمر (D-dimer): يُستخدم للكشف عن وجود جلطات.
-
اختبارات التجلط (Coagulation Tests): مثل زمن البروثرومبين (PT) وزمن الثرومبوبلاستين الجزئي (aPTT).
-
اختبارات وظائف الكبد (Liver Function Tests).
-
اختبارات العوامل الوراثية مثل اختبار عامل لايدن الخامس أو الهيموفيليا.
-
الاختبارات المناعية للكشف عن أمراض مناعية مثل مرض الذئبة الحمامية.
قد يُستخدم التصوير الطبي (Imaging) مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي لتحديد مكان الجلطة إن وُجدت، خاصة في القلب أو الدماغ أو الرئتين.
طرق علاج اضطرابات التخثر
يعتمد العلاج على نوع اضطراب التخثر وشدته، ومن طرق العلاج الشائعة:
-
مضادات التخثر (Anticoagulants): مثل الأسبرين (Aspirin)، كلوبي idogrel (Plavix)، وريفاروكسابان (Xarelto) لمنع تكوين الجلطات.
-
نقل الدم أو مكونات الدم (Blood Transfusions): في حالات النزيف الشديد أو نقص عوامل التخثر.
-
العلاج بهرمون إنتاج خلايا الدم (Erythropoietin): لتحفيز إنتاج خلايا الدم الحمراء.
-
علاج الأمراض المناعية (Immunosuppressive Therapy): لتقليل تأثير الجهاز المناعي على عوامل التخثر.
-
مكملات الفيتامين ك في حالة نقصه.
متى يجب زيارة الطبيب؟
إذا لاحظت أيًا من الأعراض التالية، يجب مراجعة الطبيب فورًا:
-
كدمات متكررة دون سبب.
-
نزيف لا يتوقف بسهولة.
-
علامات السكتة أو النوبة القلبية.
-
ضيق التنفس أو ألم في الصدر.
تكرار المتابعة الطبية مهم جدًا للكشف المبكر والعلاج الفعال، خاصة للأشخاص الذين لديهم عوامل خطر أو تاريخ عائلي من اضطرابات التخثر.
متى يجب طلب المساعدة الطارئة؟
هناك أعراض تستوجب تدخلًا فوريًا:
-
ألم حاد في الصدر أو ضيق تنفس مفاجئ.
-
نزيف لا يتوقف.
-
فقدان الوعي أو دوار شديد.
-
اضطرابات في النطق أو الحركة.
نهايةً، اضطرابات التخثر من الحالات الصحية التي تتطلب وعيًا وفهمًا جيدًا لأنها قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة. سواء كانت الحالة تتعلق بزيادة في التجلط أم بضعف في تكوين الجلطات، فإن التشخيص المبكر والعلاج المناسب قد يقلل من المخاطر بشكل كبير. إذا كنت تعاني من أعراض أو كان لديك تاريخ عائلي مرتبط بهذه الاضطرابات، لا تتردد في استشارة طبيب مختص. تذكّر أن الوقاية والمتابعة المنتظمة قد تنقذ حياتك.