عند تشخيص أي اضطراب في الغدة الدرقية فمن الطبيعي أن نلقي نظرة على الأغذية والمكملات الغذائية التي قد تتداخل في عمل الغدة أو أدويتها سلبا أو إيجابا من أجل تخفيف الأعراض أو تحسين الاستجابة للعلاجات الموصوفة، أو بكل بساطة من الحفاظ على صحة الغدة الدرقية.
لمحة عن الغدة الدرقية
الغدة الدرقية هي واحدة من أهم الغدد الصماء في الجسم، تقع في مقدمة الرقبة أمام القصبة الهوائية، وتصنع هذه الغدة هرمونات ضرورية للعمليات الاستقلابية في كل أنسجة الجسم. إذا تعرضت الغدة لخلل ما، سواء كان نقصًا أو فرطًا في نشاطها، فإن أعراضًا شتى قد تلوح في الأفق مثل زيادة الوزن أو خسارته، وتسارع أو تباطؤ دقات القلب، والتعب، وفقدان الذاكرة، والقلق، وزيادة الحساسية تجاه البرد، والتعرق المفرط، وانتفاخ الوجه، وجفاف الجلد، وغيرها من الأعراض.
الأغذية والمكملات التي قد تتداخل في وظائف الغدة الدرقية
يمكن لبعض الأغذية والعناصر والمكملات الغذائية أن تؤثر على وظائف الغدة الدرقية:
-
الخضراوات الصليبية
يمكن لاستهلاك الخضراوات الصليبية (مثل الملفوف، والقرنبيط، واللفت، والبروكلي)، أن يمنع استخدام اليود بشكل صحيح من قبل الغدة الدرقية، ما قد يؤدي إلى إصابتها بالقصور والتضخم، ولكن يجب أن يكون الاستهلاك بكمية كبيرة جدا لكي يحصل هذا الأمر. ينصح بطهو الخضراوات الصليبية جيدا فهذا من شأنه أن يجعلها أكثر أمانا لمرضى الغدة الدرقية.
-
أعشاب وطحالب البحر
إن أعشاب وطحالب البحر قد تؤثر على صحة ووظائف الغدة الدرقية، فهي تتميز بغناها بعنصر اليود الذي يحرض الغدة على طرح المزيد من هرموناتها، إن تناول كمية زائدة من اليود قد يؤدي إلى تفاقم مرض فرط نشاط الغدة الدرقية، ونفس الشيء يمكن قوله عن مكملات اليود. أيضا يمكن لتناول كميات مفرطة من اليود أن يزيد الوضع سوءا عند المصابين بقصور الغدة الدرقية.
-
فول الصويا
هل تتناول البديل الصناعي لهرمون التيروكسين؟ إذا أجبت نعم فعليك أن تتجنب تناول فول الصويا، لأنه يتداخل في عمل هذا الدواء. في أسوأ الأحوال، إذا كنت مصرا على تناول فول الصويا فينصح بترك فسحة من الزمن لا تقل عن أربع ساعات بين تناول فول الصويا وأخذ البديل الصناعي.
-
الكارنيتين
الكارنيتين هو أحد مشتقات الأحماض الأمينية التي ينتجها الجسم، وهو يوجد بشكل طبيعي في جميع أنسجة وسوائل الجسم، ويلعب دورًا في إنتاج الطاقة، ولكن خلال هذه العملية يتم إطلاق نوع من الأكسجين النشط الذي قد يلحق الضرر بالخلايا، إلا أن الكارنيتين يساعد على التقليل من هذا التأثير. ينتج الجسم ربع ما يحتاجه من الكارنيتين أما الباقي فيحصل عليه من النظام الغذائي خاصة من اللحوم الحمراء. كشفت إحدى التجارب أن الكارنيتين على المرضى المصابين بفرط نشاط الغدة الدرقية مفيد في تحسين العديد من الأعراض، خاصة عدم انتظام ضربات القلب، ولكن لا يوجد دليل يشير إلى فائدته لمرضى قصور الغدة الدرقية.
-
الغلوتين
لوحظ أن الأشخاص الذين يعانون من داء هاشيموتو الذي ينتج عنه قصور في نشاط الغدة الدرقية، تتحسن أعراضهم بتناول نظام غذائي خال من الغلوتين. إذا كنت تعاني من هذا المرض أو تشتبه بإصابتك به، فبادر إلى التحدث مع طبيبك لوضع خطة لنظام غذائي يسمح لك في التحفيف من معاناتك.
-
الريسفيراترول
يعمل هذا المركب بشكل مشابه للكارنيتين، ويتميز بخواصه المضادة للأكسدة والسكري والالتهاب، ولكن لا توجد دراسات كافية حول فائدته في علاج أمراض الغدة الدرقية.
-
الزنجبيل
نوهت دراسة أن تناول مكملات الزنجبيل بجرعة 500 مليغرام مرتين يوميا يساعد في التخفيف من وطأة بعض العوارض لمرض نقص نشاط الغدة الدرقية، إلا أن هناك حاجة إلى المزيد من البحث لتأكيد نتائجها. إذا كنت ترغب في أخذ مكملات الزنجبيل فلا مانع من ذلك، ولكن إذا لم تلحظ أي تحسن في الأعراض فلا داعي للاستمرار في تناولها.
-
عشبة الليمون
عشبة الليمون هي نبات تقليدي ينتمي إلى عائلة النعناع، ويتميز هذا النبات بغناه بمضادات الأكسدة التي يقال عنها إنها تحسن النوم وجودة البشرة والدورة الدموية. أفادت تجارب معملية وتقارير طبية إلى أن عشبة الليمون قد تساعد في علاج مرض فرط نشاط الغدة الدرقية المعروف باسم "داء غريفيز"، وهو مرض مناعي ذاتي يهاجم فيه الجهاز المناعي الغدة الدرقية مما يؤدي إلى فرط نشاطها، ومع ذلك هناك حاجة إلى إجراء تجارب سريرية موثوقة قبل التوصية بعشبة الليمون لهذا الغرض.
-
الفيتامين B12
وجدت دراسة تحليلية حديثة وجود نقص ملحوظ في مستوى الفيتامين B12 لدى المرضى المصابين بقصور الغدة الدرقية الثانوي التالي لفقر الدم الخبيث بالمقارنة مع الأفراد الأصحاء، ولكن لم يستطع العلماء الحصول على أدلة قوية تشير إلى فائدة تناول مكملات الفيتامين B12 في تحسين وظيفة الغدة الدرقية. يجدر التنويه هنا إلى أن الفيتامين B12 يساهم في إنتاج كريات الدم الحمراء، وفي الحفاظ على صحة الجهاز العصبي، وهو يوجد في المنتجات الحيوانية فقط.
-
الفيتامين د
يلعب هذا الفيتامين دورا في تنظيم مستوى هرمون الغدة الدرقية، وقد يؤدي انخفاضه إلى تفاقم أعراض قصور الغدة. كشفت دراسات عديدة أن المستويات المنخفضة من الفيتامين د ترتبط بوجود أجسام مضادة ذاتية للغدة الدرقية أو حتى بعض سمات الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، لهذا ينصح البالغون والأطفال فوق سن الخامسة، الذين لا يتعرضون كفاية إلى أشعة الشمس، أن يتناولوا مكملًا غذائيًا يحتوي على عشر ميكروغرامات من الفيتامين د كل يوم.
-
فيتامين البيوتين
يشيع استعمال مكملات البيوتين من قبل الأشخاص الذين يعانون من قصور الغدة الدرقية، ولكن لا يتوفر أي دليل يوثق فائدة هذا الفيتامين. إن الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين البيوتين للبالغين هي 30 ميكروغراما، إلا أن العديد من مكملات هذا الفيتامين المتوفرة في الأسواق تضم جرعات عالية جدا تصل 5000 إلى 10000 ميكروغرام، ويمكن لمثل هذه الجرعات أن تكون سببا في إعطاء مستويات غير صحيحة لقيم هرمونات الغدة الدرقية في الدم، ما تعطي قراءة خاطئة تشير إلى وجود فرط في نشاط هذه الغدة. إذا كنت تتناول مكملات فيتامين البيوتين فتوقف عن أخذها لمدة يومين قبل أن تُقْدم على إجراء فحص الدم المتعلق بهرمونات الغدة الدرقية لتفادي الحصول على قراءة خاطئة.
-
الحديد
تحتاج الغدة الدرقية إلى الحديد من أجل إنتاج هرموناتها، وقد يؤدي نقص الحديد إلى إضعاف وظيفة الغدة الدرقية. كشفت مراجعة للأدبيات الطبية، أن نقص الحديد غالبا ما يرتبط بقصور الغدة الدرقية، خاصة عند النساء الحوامل. يمكن لبعض أقراص الحديد أن تتداخل مع امتصاص هرمون التيروكسين، لذلك ينصح بترك فاصل زمني مدته أربع ساعات بين أخذ التيروكسين والحديد.
-
الكالسيوم
إن بعض الأطعمة والمكملات الغنية بالكالسيوم قد تؤثر على امتصاص البديل الصناعي لهرمون الغدة الدرقية، من هنا ينصح كل من يتناول هذا البديل أن يترك فاصلًا زمنيًا يقدر بأربع ساعات ما بين الاثنين. قد يقول البعض إنه يتناول الحليب الخالي أو الحليب القليل الدسم، وبالتالي لن يكون هناك أثر على مستوى هرمون الغدة، وهذا بالطبع غير صحيح، فالحليب يظل مصدرًا غنيًا بالكالسيوم على الرغم من انخفاض محتواه من الدهون.
المغنيسيوم
أشارت بعض الدراسات إلى وجود رابط بين نقص معدن المغنيسيوم ومرض نقص نشاط الغدة الدرقية، كما أن دراسات أخرى أظهرت أن زيادة مستويات المغنيسيوم قد تساعد في إدارة مرض غريفيز، إلا أن النتائج التي حملتها تلك الدراسات غير جازمة، لهذا فمن الضروري إجراء المزيد من البحث.
-
السيلينيوم
يدعم هذا المعدن تحويل هرمونات الغدة الدرقية ويساعد في الحفاظ على وظائفها بشكل سليم. أظهرت دراسة أوروبية كبيرة أن تناول مكملات السيلينيوم لمدة ستة أشهر ارتبط بتحسين نوعية حياة المشاركين الذي كانوا يعانون من مرض خفيف في الغدة الدرقية، واستمر هذا التأثير لمدة سنة من دون أي آثار جانبية. أيضا، أظهرت بعض التجارب أن السيلينيوم قد يخفض من مستويات الأجسام المضادة للغدة الدرقية لدى المصابين بمرض غريفيز. أما عن علاقة السيلينيوم بتحسين وظيفة الغدة الدرقية فلم يجد الباحثون أي صلة بينهما.
-
الزنك
يعد الزنك ضروريا لاستقلاب هرمون الغدة الدرقية، ويساعد تناول الزنك بشكل صحيح على موازنة هرمونات الغدة الدرقية وعلى دعم وظيفة جهاز المناعة. هناك اعتقاد بأن الزنك يساعد على تحسين وظائف الغدة الدرقية في ظل توفر معطيات طبية تفيد بأن تناول الزنك بمفرده أو مع مكملات غذائية أخرى قد يحسن من النتائج لدى الأشخاص الذين يعانون من قصور في الغدة الدرقية. ومع هذا، هناك حاجة إلى عمل المزيد من التجارب وعلى نطاق واسع لتقييم دور مكملات الزنك لدى الأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الغدة الدرقية وكذلك على عامة الناس. يعتبر المحار ولحم البقر والدجاج والبقوليات مصادر غنية بالزنك.
كلمة أخيرة من موقع صحتك
لا توجد أطعمة أو مكملات محددة يمكن استخدامها لعلاج اضطرابات الغدة الدرقية، ولعل خير ما يمكن ذكره في هذا المجال هو اتباع نظام غذائي متوازن ومتنوع يتضمن النسب الصحيحة من الأطعمة لضمان حصول الجسم على جميع العناصر الغذائية. وفي هذا الإطار؛ توصي مراكز الصحة الوطنية في بلاد العمة تاتشر بما يلي لكي تعمل الغدة الدرقية بشكل صحيح:
- تناوُل ما لا يقل عن خمس حصص يوميا من مجموعة من متنوعة من الفواكه والخضراوات.
- تناوُل نظام غذائي حافل بالألياف والأطعمة النشوية.
- تناول منتجات الألبان أو بدائلها.
- تناول البروتينات من مصادر نباتية وحيوانية.
- اختيار الدهون الصحية.
- الابتعاد عن الدهون غير الصحية.
- شرب كمية كافية من السوائل.
- التقليل من استهلاك السكر والمشروبات السكرية.
- التقليل من تناول اللحوم المصنعة.