16 مارس 2018

وقعت في سجن الكمالية خوفاً من حكم الآخرين

السلام عليكم أرجو الرد وإفادتي، أنا شاب عندي 25 سنة، عندي بعض المشاكل النفسية؛ أولا لا أثق بنفسي وعندي إحساس دائم بالفشل في أي شيء أو مهمه توكل إلي وأي شغل أو أي شيء جديد، حتي في العمل أحب أن أقوم بالعمل علي أكمل وجه بدون أخطاء خوفا من التوبيخ والعقاب وعدم القبول؛ حتى إني لا أترك مجالاً للخطأ وقد أتحامل على نفسي حتي عندما وصلت لسن الزواج  ما زال عندي خوف منه، وأشعر أني سأفشل جنسيا، أصبحت أخاف وخوفي كل يوم يزيد، وآسف على الألفاظ حتى في الجنس أصبحت أحب أشياء غريبه كالجنس الفموي أو الشرجي أما الجنس الطبيعي لا يثيرني، وأميل لمشاهدة الجنس المثلي، أرجو الإفادة والنصيحة للوقوف على حالتي

أخي الكريم
رغم خوفك الذي تحدثت عنه ويلاحقك غالبا في معظم مساحات حياتك، إلا أن البداية ليست من عنده، فحقيقة ما يرعبك هو "حكم" الآخرين عليك ونقدهم واحتمال رفضهم لك، أو ربما معاقبتك؛ فتتفادى هذا بمزيد من البذل والعمل ومراعاة تفاصيل التفاصيل حتى لا يبقى لأحد أي تعليق يؤذيك، وهذا بدوره يجعل أي مهمة حتى لو بسيطة مهمة ضخمة مرهقة تحتاج لجهد ووقت وتركيز وربما التأجيل، أو عدم الرغبة في الإقبال على أمر حتى لو كان مهما، وتحتاجه.

وأقول لك يا أخي إن ما تحمله من خوف تجاه الحكم والنقد واللوم والرفض هو صوت من الماضي الذي عشش بداخلك، واستقر وصدقته لتكراره مرارا ممن كانوا يقومون على رعايتك وأنت صغير؛ فنحن نصدق بالتكرار الرسائل الخاطئة المؤذية ونحن صغار لا نملك الوعي، ولا القدرة على مناقشة ما يقال لنا، وخصوصا لو كان صادرا من أشخاص نرى فيهم الحكمة والمعرفة، وحتمية الصح وصعوبة الخطأ كوالدينا.

وآن الأوان أن تصدق حقيقة مختلفة؛ حقيقة أنك تستحق.. فهذه أول حقيقة صعبة التصديق تحتاج أن تصدقها؛ لأنها طوق نجاتك من دائرة الفشل التي تحكم غلقها عليك؛ طوق نجاتك من آثار كلمات التوبيخ والنقد الهدام والمقارنات التي تفعل فعلها في تشويه فطرة الإنسان.. هذه الفطرة التي لا تحمل سوى الحياة والطاقة والحركة والاستكشاف.

تحتاج أيضا أن تقبل الخطأ والضعف والفشل، وتتعلم منهم لتكمل المسار؛ فهذا دور الفشل والخطأ في حياتنا.. أن نتعلم منهم، ولكنك لو جلست مع نفسك ستجد الطثير من المواقف التي أثرت فيك دون أن تدري، وكانت الرسالة المبعوثة لك فيها هو أنك لن تقدر أو أنك ستفشل أو ربما صرامة في طلب الدقة، أو إتمام الشيء لآخره من وجهة نظر شخص ما، فكل تلك الأمور وغيرها جعلتك في النهاية تصدق أنك لا تستطيع، وأنك فاشل، وأستطيع أن أدرك أن ما حدث كان له سبب كبير في هذا في الماضي؛ حيث كنت صغيرا ضعيفا غير مسؤول، ولكن لا يمكنني أن أوافق على احتفاظك بذلك حتى تلك اللحظة؛ فأنت الآن لست ذلك الطفل، ولا تتعامل مع أبويك في منزلك، فلماذا تصر على سجن نفسك في هذا السجن المحكم؟ وترى الناس كلهم والديك؛ فالناس ليسوا والديك، وأنت تستطيع أن تفعل، وتستطيع اليوم إن أردت ان تقبل أن تخطئ؛ فتتعلم، وأن تفشل؛ فتتعلم، وأن تضعف؛ فتكون أكثر شجاعة، وتستطيع أن تتحرر من سجن الماضي، وتسمح لنفسك بأن تقبل أنك تخطئ وتضعف وتفشل؛ لأنهم أدوات التعلم أصلا في الحياة.

أما ما تحدثت عنه في ما يخص الجنس؛ فجزء منه يعود لنفس السجن الذي وضحته لك، وجزء يعود لرغبتك في القرب من والدك في الغالب ويأخذ شكل تلك الرغبة في المشاهدة، وعلى أية حال أنا أصدق تماما أن تغيرك الحقيقي في موقفك تجاه نفسك؛ سيجعل تلك المشاهدات تذبل وتنتهي؛ فهي مجرد عرض موجع للمشكلة التي حدثتك عنها.

أنت تحتاج لمراجعة متخصص - ليس لسوء وضعك - ولكن ليتمكن من مساعدتك بشكل متخصص من التحرر من هذا السجن ثقيل الظل، وحينها ستجد نفسك حرة حاضرة قابلة لنفسها، وتسعى للأمام دون خوف، أو ارتباك يأخذ شكلا جنسيا.. هيا لا تتأخر؛ فأنت تستحق حياة حقيقية يا أخي.

اقرأ أيضاً:
الكمالية وإدمان العمل.. من عواقب غياب القبول
الاحتياج للقبول.. هل يمكن العودة إلى الجنة؟
كيف أحقق التوازن في جميع جوانب حياتي؟
وسواس قهري أم كمالية .. أعراض متشابهة وتشخيصات متباينة
آخر تعديل بتاريخ
16 مارس 2018