صحــــتك
19 سبتمبر 2017

وصفة تفصيلية للتعامل مع القلق القاتل

لدي شعور قاتل بالقلق تجاوز حدود السيطرة، واتناول بروزاك ٢٠ بإنتظام كل يوم صباحا كبسولة بإعتبار التشخيص إن قلقي عرض للإكتئاب، القلق يتمحور حول أولادي وما يحتمل من اخطار تتوالد فى كل موقف دون سيطرة عقلية مع توقع الأسوأ دائما رغم صلتي القوية بالله، وحرصي الشديد على الصلاة وقراءة القرآن، الخوف والقلق أفسدا حياتى وحياة من حولي، أتوسل إليكم بكل مافى قاموس الإنسانية من رحمة أن تساعدونى مهما كلفكم الأمر، ولو تعتبرون ذلك رسالة إنسانية قبل أن تكون حرفية مهنية
اضطراب القلق العام
أهلا بك وسهلا أخي الكريم؛
ذكرت في بياناتك أنك رجل، لذا سأخاطبك بلسان المذكر.
تحتاج أن تصدق أن قلقك الذي صار ينغص عليك عيشك هو من صنع رأسك وحدك دون أن تدري!
أتعلم لماذا؟ ﻷنك مؤمن بالله تعالى، وعلاقتك به سبحانه قوية كما ذكرت؛ فأنت تعلم حق العلم أن قلقك لن يمنع أي حدث تراه مؤلما من وجهة نظرك؛ ﻷنك تعلم أن قدر الله نافذ مهما حاولت؛ وتعاركك مع تفاصيل الحياة، وسيطرتك على تحركات وسكنات أولادك لن يمنع قدر الله تعالى.

واجبك الحقيقي الآن إن كنت صادق القول في رغبتك الحقيقية في التخلص من هذا القلق أن تعرف أولا لماذا تستدفئ فيه على مدار كل تلك السنوات مع قوة إيمانك! وهنا أحتاج منك أن تقترب من نفسك لتعرف أنك استخدمت القلق والاكتئاب من دون وعي منك؛ لحمايتك من قبول نفسك كما هي ورؤية ضعفها وفشلها ومخاوفها، وقبول الحياة كما هي بما تحمله من ألم وموت وفقد كجزء أساسي منها لن ينفك عنها، وهذا هو بداية العلاج والتقاط أول الخيط، وسيساعدك كثيرا أن تتدرب على عدة أمور سأقترحها عليك في شكل نقاط تستعين بها، ولكن قبل ذلك أحتاج منك أن تتواصل مع متخصص نفسي يسمعك، ويتعرف على تفاصيل مشاعرك وحياتك؛ ليصف لك العلاج الدوائي المناسب لك بجرعات تتناسب مع درجة احتياجك؛ فلا يوجد أسوأ من أخذ علاج نفسي بعيدا عن متخصص قريب من تفاصيل ما تعانيه، وحتى لو كان طبيبك قد وصف لك العلاج الذي تتناوله فمهم جدا أن تتناول العلاج تحت إشرافه وبمتابعة دقيقة منه؛ حيث يمكنه أن يزيد الجرعات أو ينقصها حسب حالتك، ويمكنه في أحيان أخرى أن يغير العلاج تماما إذا كان غير فعال أو إذا تسبب في أعراض جانبية مزعجة، وأعود للاقتراحات وأقول:

- قبول ما تجده في نفسك مهما كان هو الذي سيهيئ الطريق للتغير الحقيقي؛ فرفضك وشجارك أو استسلامك وموافقتك لما تكره فيك هو العقبة الكئود التي ستعرقل مسار تغييرك مهما تحايلت على نفسك شئت أم أبيت، والقبول هنا أعني به إقرارك الصادق الراضي بأن ما هو موجود الآن هو موجود بدون حكم عليه؛ فتقبل أنك قلوق، وأنك فاشل في كذا، وأنك خائف من كذا، وأنك ضعيف أمام كذا بإقرار ناضج دون موافقة.. فقط هو موجود.

- قبولك لحقيقة ما هو موجود لديك سيسمح لك بقبول أمور صعبة جدا عليك مثل قبول محدوديتك، وقبول عجزك، وقبول موتك أنت شخصيا قبل موت من تحب؛ فعدم قبولنا لموت من نحب حقيقته النفسية هو عدم قبولنا لموتنا نحن؛ وقبولنا لكل هذا "نضوج"؛ يجعلنا نتوقف عن جهد القلق الذي يتغذى على طاقتنا الذهنية والنفسية والعصبية، ويحعلنا نتمكن من ممارسة غريزة الحياة من داخلنا بدلا من الموت النفسي الذي يلون الحياة بلون أسود كئيب لا يسمن ولا يغني من جوع، ويجعلك وأنت في العقد الخامس من عمرك تتصالح مع حقيقة دورك في الحياة والتخلي عن دور المتحكم القادر على منع المرض والألم والموت عن الأحباب؛ ﻷنها لله وحده سبحانه.

- هناك فارق كبير بين المعرفة والتصديق؛ فأنت تعرف أن الله هو الضار وهو النافع، وأنه هو الحافظ، وأنه الأول والآخر، وأنه الظاهر والباطن، ولكنك تحتاج أن تصدق ما تعرفه؛ فتصديقك لذلك فعليا سيفرق كثيرا يا صديقي.

- البدء في التخلي يوميا على الأقل عن فكرة واحدة سوداوية مع تدوين نجاح اختبار عدم صحتها في كل مرة لا تتحقق، ومع كل أسبوع جديد قم بزيادة فكرة جديدة لتنتهي كل تلك الأفكار مقرونة باختبار عدم تحققها، هذا التدريب سيعينك على أن تتذكر أعظم درس تلقيته منذ سنوات وأهملته عن غير وعي منك.. هذا الدرس هو أن أكثر من 95% من مخاوفك لم تحدث أبدا، والباقي تمكنت من التعامل معه بأفضل ما أمكنك فعله.

- خوفك على أولادك يجعلك تسيطر عليهم، والسيطرة هي أول طريق تحويل العلاقات لعلاقات مزمنة غير مريحة نحتاج أن نتخلص منها.. فهل أنت مستعد لذلك بينك وبين أولادك؟.. هل أنت مستعد للتخلي عن كبح إرادتهم وتركهم يخوضون خبرة حياتهم، ويتعلمون مهارات التعامل معها، ويتعلمون وهم يخوضون دروب الحياة قبول ضعفهم ليكونوا أكثر شجاعة، وقبول مخاوفهم ليكونوا أكثر مبادرة، وقبول فشلهم ليكونوا أكثر نجاحا، وهذا يا صديقي هو الطريق المشروع المنطقي الناضج الوحيد لتحتفظ بحبهم الصادق، وعلاقتهم الطيبة بك؛ فلتبدأ بجدول يومي كجدول الفكرة السوداوية حتى تتخلى عن معظم تحكماتك فيهم بمرور الوقت؛ وحتى تستمتع بتبادل علاقة مريحة صحية معهم.

- التدرب الدائم المستمر على تمارين الاسترخاء، والتنفس الصحي، ولن أصف لك أحدها؛ ﻷنها متوفرة بكثرة على الإنترنت؛ فلتختر بتدرج وبتكرار ما يمكنك البدء به بما يتوافق مع طاقتك ووقتك.

- تذكر أن القلق كان اختيارا غير واع منك في وقت ما لسبب ما، والآن التخلي عنه على صعوبته صار اختيارا واعيا مسؤولا يمكنك ممارسته بجهد ووقت وتواصل مع متخصص نفسي؛ مما يعينك على التخلص من جزء كبير جدا منه لا تتخيله.. هيا ابدأ.

اقرأ أيضاً:
اضطراب القلق العام.. معاناة مستمرة والعلاج ممكن (ملف)
غير حياتك واهزم القلق
للقلق أنواع وأشكال
قلق مدمر للحياة
أعراض اضطرابات القلق ومضاعفاتها

استشارات ذات صلة:
الخوف عند الاستيقاظ وعلاقته باللاوعي
أخاف الموت وأتوهم المرض.. ما الحل؟
الخوف يسيطر عليّ.. أغيثوني

آخر تعديل بتاريخ
30 سبتمبر 2017

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.