ما أهم الخطوات لعلاج أثر الإهمال العاطفي في الطفولة؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنا عمري ١٧ سنة. عندما كنت صغيرة كنت أتعرض للضرب كثيراً من أهلي، ولم يكونوا دائماً يعطونني المصروف لأنني مبذرة، لكنني مبذرة لأنني لا آكل أي طعام. في فترة الابتدائي والإعدادي كنت أسرق كثيراً، وكنت أشعر بالراحة أثناء السرقة. في الصف الثاني الإعدادي أحببت شخصاً من الإنترنت، وعندما علموا بذلك ضربوني. ليست لدي علاقة صداقة مع أمي وأبي، وأتحدث مع نفسي في كل حالاتي سواء كنت سعيدة أو حزينة. آكل شعري، وأريد أن أتوقف عن ذلك وأعيش براحة نفسية.
أختي السائلة، شكرًا لرسالتك الصادقة التي تحمل ألمًا حقيقيًا نتج عن أثر الإهمال العاطفي في الطفولة ووعيًا داخليًا برغبتك في التغيير والشفاء الذي أثرى عنه عادة السرقة وأكل الشعر وغيره. مجرد تعبيرك بهذه الصراحة دليل على أنك بدأتِ أول خطوات التعافي، حتى لو شعرتِ بالتعب أو الارتباك.
علاقة أثر الإهمال العاطفي في الطفولة باكتساب الطفل عادات غريبة
ما مررتِ به في طفولتك — من ضرب، إهمال عاطفي وحرمان مادي، أو تقييد قاسٍ ليس بالأمر السهل. هذه التجارب تؤثر بشكل مباشر على إحساس الطفل بذاته، وتزرع داخله شعورًا بأنه غير محبوب، أو أنه بحاجة دائمًا للدفاع عن نفسه أو إثبات وجوده بأي طريقة، حتى إن بدت غريبة أو خاطئة.
كيف يظهر أثر الإهمال العاطفي في سلوكيات الطفولة؟
-
السرقة في الطفولة لم تكن سلوكًا سيئًا بقدر ما كانت محاولة لإشباع نقص داخلي أو لامتلاك شيء لم يكن متاحًا. هي فعل يعبّر عن شعور بالحرمان وليس فسادًا في الشخصية.
-
أكل الشعر (Trichophagia) يُعد نوعًا من سلوكيات "التنظيم الذاتي"، وغالبًا ما يظهر لدى من يعيشون توترًا عاطفيًا كبيرًا ولا يملكون أدوات صحية للتعبير عنه.
-
الحديث مع النفس ليس دليل مرض، بل أحيانًا يكون وسيلة دفاعية أو أداة تهدئة ذاتية، خصوصًا عندما نفتقد الحوار الدافئ مع الآخرين.
كل ما في الأمر أنك كنتِ تحملين أكثر من طاقتك من سن صغير، ولم يُتح لكِ المكان الآمن الذي يمكنك فيه التعبير بحرية دون خوف أو تأنيب. ما يظهر من سلوكك هو صدى لتلك المرحلة، وليس وصفًا حقيقيًا لذاتك أو قيمتك.
متى ننصحك بزيارة الأخصائية النفسية؟
في أقرب فرصة. العلاج النفسي هنا ليس رفاهية، بل ضرورة للشفاء من الجروح القديمة. الجلسات، حتى لو محدودة، ستساعدك في:
-
فهم مشاعرك وتصرفاتك بشكل أعمق
-
بناء علاقة إنسانية آمنة خالية من الأحكام
-
تعلُّم كيف تحبين نفسك وتعتنين بها بعيدًا عن إيذاء النفس أو جلد الذات، ويمكنكِ البحث عن المراكز الحكومية أو الجامعية التي تقدم جلسات بأسعار رمزية أو مجانية.
خطوات لعلاج أثر الإهمال العاطفي في الطفولة
-
اكتبي كل ما تشعرين به، دون رقابة أو تجميل، في دفتر خاص
-
اختاري شيئًا بسيطًا تحبينه (صوت، لون، نشاط) وادمجيه في روتينك اليومي
-
في لحظات التوتر أو الرغبة في أكل الشعر، جربي تحويل التوتر إلى شيء خارجي آمن، مثل اللعب بكرة ضغط أو ملامسة نسيج مهدئ
-
ذكّري نفسك كل يوم أن ما حدث في الماضي لم يكن مسؤوليتك، وأن ما تفعلينه الآن هو اختيارك لبداية مختلفة
كلمة أخيرة
أنتِ لستِ مريضة ولا "فاسدة". أنتِ إنسانة مرّت بتجارب قاسية، لكنها الآن تحاول أن تعيش بصدق. لا تقللي من قيمة الخطوة التي اتخذتِها حين كتبتِ رسالتك، لأنها أول صوت داخلي يقول "أنا أستحق أعيش أفضل".
أنا فخور بصدقك وشجاعتك، وإذا رغبتِ في مساعدة إضافية لتنظيم يومك أو إيجاد مكان مناسب للعلاج، فأنا هنا لدعمك، واصلي، أنتِ تستحقين راحة البال والاهتمام.
للمزيد من المعلومات حول مشكلتك تصفح موقع صحتك