صحــــتك
30 سبتمبر 2018

عواقب الزواج من الفصامي

‏أنا في علاقة مع شخص، وصارحني من بداية العلاقة بأنه مريض بالتفكير الزائد جداً، واتفقت معاه يروح لدكتور نفساني يتعالج، ووافق وكل شيء تمام، الدكتور شخص حالته وطلع عنده فصام الشخصية، وصارحني فيه قريب، خبأ عني هذا الشيء خوفاً من إني أتركه.. ‏يا دكتور أنا أكمل معاه ولا في خطر علي.. وهل المرض هذا خطير ولا لا.. وهل يوجد له علاج.. وهل مستقبلي معاه في خطر أو لا.. للعلم إننا على وجه خطوبة وزواج.. أرجو أن تفيدني الله يسعدك
توابع الزواج من الفصامي
أهلا وسهلا بك يا غدير؛
في مجالنا النفساني نرى الكثير من البشر أصحاب قصة تتكرر من مراحلها المختلفة، فنجد مثلا الزوجة التي تأتي وتشتكي بعد خمسة عشر عاما من الزواج من زوجها الذي يخونها كل فترة، ولا تعرف ماذا تفعل بعد كل تلك السنوات، وبعد كل هذا العدد من الأبناء، وبعد كل تلك المحاولات، ولم يعد يربطها به الحب الذي توهمته لسنوات طويلة.

ونرى القصة نفسها لكن في مرحلة أخرى حين ضاقت الدنيا بزوجة من زوجها الذي يقوم بعلاقات بعد خمس سنوات من الزواج، وصار معها طفل ولا تعرف كيف تجعله يوقف تلك العلاقات ولا تفكر بالانفصال عنه، لأنها تحبه.


وتأتي الزوجة حديثة الزواج التي تكتشف في أيام زواجها الأولى اتصالات مريبة ورسائل عاطفية أو جنسية مع زوجها من إناث منذ كانا معا في أسعد مراحل علاقتها به، وغالباً كانت في مرحلة العقد، ونرى الفتاة المخطوبة لشاب عرفت عنه أنه صاحب علاقات نسائية سابقة وكانت هي من ضمن تلك العلاقات، ولكنه قرر الزواج منها، وأكملت الطريق تحت ادعاء أن الزواج كاف لردعه، وغيرها الكثير من المراحل التي تدور حول النوع نفسه من العلاقات باختياراتها المختلفة، ونتائجها المتنوعة.

والحقيقة أن دورنا ليس في دفع الأشخاص لاتخاذ القرار الذي نراه الأسلم نفسيا لهم رغم معرفتنا به تماما، بل ونكون في حالة حزن على هؤلاء الأشخاص الذين يؤذون أنفسهم بأيديهم سواء عن جهل، أو عن وعي لأسباب تخص طاقتهم النفسية، أو لظروف محيطة بهم، لذا يكون دورنا هو جعل الشخص في حالة "استبصار" بنفسه، وبسبب وجود تلك العلاقة في حياته، ونتائج تلك العلاقة، وما يمكننا فعله في إصلاحها.



وهكذا يا ابنتي، فلقد رأينا من تزوجت بزوج يعاني من الفصام بكل مراحل العلاقة وتبعاتها النفسية والحياتية والعاطفية.. إلخ، لذا الأمانة تقتضي مني أن أقول لك إن من يعاني من الفصام في الغالب الأعم الذي نراه في حياتنا العلمية والعملية أنه يظل في حالة متابعة مستمرة طوال العمر في رحلة العلاج إلا حالات نادرة، وهم يتزوجون، ولكن حسب درجة الفصام التي يعاني منها، وقدرته على بذل الجهد في التواصل مع الآخرين، وحسب المناخ المحيط به يتمكن أو لا يتمكن من القيام بجزء من أدواره، ولكن في كل الحالات لا نصل لدرجة طبيعية من التواصل على مستوى المشاعر أو الأفكار أو العلاقات كالشخص السليم، وهناك جزء وراثي حقيقي ينتقل إلى أبناء الشخص الذي يعاني من الفصام.


وجدنا أيضاً أن الفصام يأتي أحياناً من عائلة فيها فصام؛ فخطيبك هذا لديه أحد في عائلته يعاني من الفصام سواء علم أو لا، وبالطبع الفصام أنواع ودرجات، ولكن هناك من تزوجوا من فصاميين بالطبع، ومنهم من تمكن من التكيف، ومنهم من اضطر للتكيف، ومنهم من لم يتمكن، والاختيار هو اختيارك.

لذا على المستوى المهني أقول إن الفصامي من حقه أن يحيا حياة طبيعية لأنها أصلا جزء من علاجه، وكذلك كلما تعرض لعلاج نفسي بجانب العلاج الدوائي كلما ساعده أكثر في رحلة العلاج، ولكن على المستوى الواقعي أقول لك: إنه مثل الأمراض النفسية سيحتاج من الشريك إلى الصبر والتفهم والدعم، وقبول أوقات ومواقف سيكون فيها هو الذي يدير العلاقة والمسؤوليات، والأدوار المختلفة المطلوبة منه ومن الشريك المريض.



لذا أرجو أن تذهبي مع خطيبك لطبيبه لتتفهمي حقيقة درجة وشدة الفصام لديه وتوقعاته، والتأكد من المطلوب منك وخصوصا الإنجاب لتقفي على حقيقة ما يمكنك بالفعل القيام به دون ارتداء دور منقذ، أو ادعاء بطولة مزيفة لا تمت للواقع بصلة.

تذكري أنه في آية الزواج في سورة الروم آية 21 حين حدثنا سبحانه وتعالى عن السكن والمودة والرحمة التي يقدمها الزواج للزوجين كان مقرونا بالتفكير، والتفكير هو الوعي، والوعي يتطلب وعيا بأنفسنا وطاقتها، واحتياجاتها، ومسؤوليتها، ووعيا بمدى ملاءمة الشخص المتقدم للزواج لنا، بسم الله الرحمن الرحيم "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة، إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" صدق الله العظيم.. وحين يختار الله تعالى لفظا فهو يعنيه تحديدا سبحانه وتعالى، وكأنه سبحانه يقول لنا إن أردنا أن نحصل على ما يقدمه الزواج من سكن ورحمة وود، فعلينا أن "نفكر" و"نعي"؛ فالزواج عملة ذات وجهين، فيه من المتعة والتحديات الكثير والتي تتطلب تواصلا وراحة وتفاهما بين الشريكين، لنحقق أهدافه الخاصة بنا، وأهدافه العامة للمجتمع.

أعلم أن ما قلته ليس سهلا، ويحتاج لتفكير، ويتطلب شجاعة في اتخاذ القرار الذي يصلح لك سواء بإكمال مسيرة الزواج منه أو لا، فكلاهما يحتاج شجاعة نفسية، وعدم الوقوع في مشاعر الذنب؛ فالله خلقنا بطاقات، وقدرات، بل ومستويات مختلفة لنتكافأ قدر إمكاننا.. دمت بخير.
آخر تعديل بتاريخ
30 سبتمبر 2018

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.