صحــــتك
27 فبراير 2016

عجز الروح والنفس أخطر من عجز الجسد

كيف تعيش من لا تستطيع الحركة إطلاقا، ولكنها تشعر وتفهم ماحولها، كيف يمكنها أن تقضي حياتها؟ علما بأنها حاولت قراءة كتب او مشاهدة برامج ولكنها لا تكمل القراءة ولا مشاهدة اى شيء، حالة من الملل والضجر والاحساس بالعجز يصل الى تمنى الموت.
DefaultImage
الصديقة العزيزة أسماء؛
أهلا وسهلا بك صديقتي العزيزة؛

فكرت كثيرا كيف سأرد على رسالتك، ولكني أخترت أن أحدثك مما علمتني الحياة على المستوى المهني المتخصص في المجال النفسي، وعلى المستوى الإنساني العام؛ فلقد تيقنت تمام التيقن أن الإنسان يحتاج بالطبع لجسده معافى سليما، ويحتاج لعقله معافى سليما، ويحتاج لروحه ونفسه معافاة سليمة، ولكن تظل نفسه، وروحه أهم كنوزه، وتظل نفسه، ونفسيته هي الضمان الأبقى لوجوده الوجود الحقيقي الذي يتجاوز جسده بكثير؛ فلو اضطرته الأقدار لفقد أحد كنوزه فيظل أصعب فقد لا يمكن تعويضه هو فقد "نفسه"، و"روحه"، و"نوعية وجوده".

وهذا الحديث ليس نظريا إنشائيا مستفزا، ولكنه حقيقة الحقائق كلها بصدق؛ فتعرضك لعدم الحركة التي لم تحدثينا عن أسبابها، وهل هي دائمة، أم مؤقتة جعلتك تتخذي قرارا نفسيا خطيرا هو حقيقة ما تعانيه، ألا وهو قرار الغياب عن الحياة، أو بمعنى أصدق قرار "بالموت حية" رغم أكلك، وشرابك وقراءتك التي لا تنهيها!؛ فالحياة ليست في الجسد وحده أبدا، الحياة في الروح، والنفس؛ وهذا ما جعل طه حسين بفقدان بصره عميداً للأدب العربي، وجعل بيتهوفن الذي لم يسمع قط أي مقطوعة موسيقية بيتهوفن، وهذا ما جعل صلاح الدين الأيوبي الأعرج صلاح الدين الأيوبي!، فكل هؤلاء وأكثر بشر مثلك تماما عاشوا بيننا، وتعلمنا على أيديهم ما لم نتعلمه على يد مدرس يتحرك في الفصل، ولا أب وأم يقطعان المنزل إيابا وذهابا ليلا ونهار!

فالقصة إذن ليست في "ماذا تفعلين"، ولكنها قصة "ماذا تريدين؟"؛ فهناك اختيارات أمامك، وأقول اختيارات؛ ﻷننا نختار بالفعل، حتى مع أقدارنا نختار كيف سيكون رد فعلنا تجاهها؛ فأمامك أن تظلي هكذا تضيّقين أفقك فلا ترين إلا الإعاقة، ويحل بداخلك قرار الموت مهما عشت، وستذبلين، وتموتين مرات، ومرات في اليوم، أو أن تختاري أن تستبدلي قرار الموت بقرار حياة؛ ﻷنك حية ومسؤولة عن نوعية وجودك مهما تعطل جسدك.

أنت تستطيعين، وهذا هو الدرس الثاني الذي تعلمته على مدار سنوات وسنوات من العمل، والخبرة؛ "أن الإنسان إذا أراد؛ يستطيع أن يفعل ما يريد مهما كانت الحواجز، والعقبات"، ولكنه قد يستسهل الركون، والمبررات "الشيك"، و"النحيب" حتى لا يقوم بمهمته الأساسية وجهده المطلوب ليكون حاضرا لا غائبا، يحرك الحياة، ويجتمع معه البشر حتى وإن لم يتمكن من تحريك جسده، ولا يمكنني تصور أنك ستتخيلين أني لم أشعر بمعاناتك، وألمك، بالعكس تماما؛ فأنا أشعر تماما، بضيقك، وغضبك، ومعاناتك، ولكن أعرف تمام المعرفة أنك تستطيعين تجاوز كل هذا بقبولك للموجود الآن من دون تكيف، ومن دون استسلام يجعلك فعلا تقهري عجز حركتك؛ ويمكنك أن تبدئي بمهام لم تقومي بها من قبل، مثل تقييمك لعلاقاتك، تجديد رؤيتك لنفسك، والحياة، تعهد ذاتك في أمر كنت تودين تعهده، إصلاح علاقات، أو إنهائها، تخطيط أهداف تحتاجين لها، عمل شبكة علاقات اجتماعية جديدة، إلخ.

هناك الكثير الذي يمكنك فعله، ويمكنك إرسال تفاصيل أكثر مرة أخرى تساعدنا للتفكير سويا بشكل عملي أكثر إن أردت.

دمت بخير .. دمت حاضرة .. دمت حية وموجودة.
آخر تعديل بتاريخ
27 فبراير 2016

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.