صحــــتك
06 أبريل 2018

صدمة وفاة الوالد وضياع البوصلة

عندي كذا مشكلة، والدي توفي من سنتين ونص، وكانت صدمة كبيرة علي؛ فضلت سنتين كاملين ضايع في المذاكرة، وشلت في ترم 4 مواد من 7، وبدأت أخرج من الحالة دي الترم اللي فات، المشكلة التانية إنه والدتي بتفرق بيني وبين اخويا الكبير في المعاملة والاهتمام وده عاملي مشكلة زيادة، والمشكلة التالتة إنه انا مش متوافق مع الكلية اللي انا فيها (كلية زراعة سنة 3)، وكنت المفروض أدخل كلية نظرية أفضل لأني دلوقتي مهتم جدا بالعلوم الانسانية والاجتماعية والشرعية، وده بيزود المشكلة أكتر، وبرده بحاول أتعافى من إدمان الإباحية والعادة، وفي نفس الوقت موضوع الارتباط شاغلني وعايز أخطب.. كل ده بيأثر على انتاجي بشكل كبير.
صدمة وفاة الوالد وضياع البوصلة
أهلا وسهلا بك يا عمرو،
لقد مررت بصدمة نفسية كبيرة حين توفي والدك، وكثيرا ممن يمرون بمثل تلك الصدمة حتى وإن اختلف سببها يعانون مما يعرف علميا "بكرب ما بعد الصدمة"، ومن آثارها ظهور أعراض قلق واكتئاب؛ مما يسبب عدم توازن يؤثر على التركيز، وتعطل في القيام بالأدوار المطلوبة من الشخص في حياته المعتادة؛ كالدراسة، والعلاقات الاجتماعية، ودوره داخل الأسرة، والزواج، والأنشطة المعتادة... إلخ، وتتراوح تلك الآثار في شدتها، ومدة بقائها من أيام لسنوات.



والحقيقة أني وجدت لديك أمرا عجيبا يقول إنك رغم تلك المحنة، ورغم وجود بعض التعثر الدراسي الذي تم تداركه؛ إلا أنك لم تصل أبدا للقاع، ومازلت تحمل بداخلك الرغبة في أمور مفيدة، وجيدة جدا كالدراسات الإسلامية، والرغبة في الارتباط حتى لو كانت على مستوى الأحلام والأمنيات؛ فمن يصل للقاع لا يتمنى، ولا يحلم، ولا يرغب.

أنت صاحب إرادة، وتحتاج فقط لتنظيم الأمور حتى تتحقق الأحلام تباعا، وكأنك تحتاج لإعادة البناء بعد ما حدث من كرب، وفي إعادة البناء نحتاج لتنظيم، وتفهم وإدارة، واقترح عليك ما يلي:
- غياب والدك عن حياتك "قرار"؛ فمن له وجود حقيقي بداخلنا لا يغيب حتى بالوفاة؛ فصدقا حين ترى ذلك؛ ستتمتع بذكرياتك معه، وتستدفئ بما تركه لك من حب ورعاية وتوجيه إن أردت استبدال مشاعر الفقد الشديدة بمشاعر استدفاء، وامتنان تعيد توازنك مع وجود مشاعر ألم من الفقد طبيعية جدا، وهذا يحتاج لانتباه، يساعدك عموما بالتدرب عليه في زيادة تركيزك.



- رغم أنك لم تحدثنا عن أسباب، أو كيفية التفرقة بينك، وبين أخوك من والدتك؛ إلا أننا ننسى كثيرا أن العلاقة بين أي اثنين هي مسؤولية الاثنين معا؛ فلا تنسَ أن تسأل نفسك هذا السؤال المهم ألا وهو "بماذا أسهمت أنا في حدوث ذلك"؟

ربما تحتاج منك أن تتصرف تصرفات مختلفة توصل لها رسالة جديدة عما كانت تستقبلها منك؛ كأن توصل لها رسالة أنك محل للثقة، أو تتحدث معها عن مشاعرك وتسمع منها جيدا؛ لتفهم احتياجها منك، أو أن توصل لها رسالة أنك صرت فعلا مسؤولاً عن اختياراتك في الحياة، وأنك تحتاج لدعمها فقط حتى لو الاختيارات كانت عكس ما هي تحب، أو قد تحتاج مثلا أن تشعر بحبك لها، أو احتياجك لها كأم، وهنا أترك لك أن تفتش عما يمكن فعله في علاقتك بها بشكل مختلف عما تعودتما سويا من نمط يتكرر.

وقد لا أملك القدرة على الدفاع عن تصرفاتها التي قد تخطئ فيها، ولكنني أستطيع أن أدافع عن حبها لك الذي قد يشوبه خوف مستتر عليك، أو رغبات تحملها لك؛ فتخرج في شكل تصرفات غير جيدة.

احتياجك لها كأم حقك تماما، ولا يجوز أن تفرط فيه، ولا أن تعطله بشروط تقدمها هي أو أنت لتحصل عليه؛ فالذكي يحصل على حقه دون وضع شروط معجزة تجعله في النهاية هو الخاسر.



- الزواج حق مشروع جدا لك؛ يبدأ بإنهاء دراستك، والحصول على فرصة عمل تمكنك من دخول بيت إحداهن لطلب الزواج منها، وهذا يحتاج لتخطيط، وبداية تنظيم أمورك الدراسية، والعملية، والمالية؛ فابدأ كما بدأت بالرجوع لدراستك بعد التعثر الطفيف الذي حدث بوضع يدك على الاختيار الدراسي المناسب لك، وهنا أنت الوحيد القادر على اختيار ما ستفعله في دراستك؛ والخيارات أمامك مفتوحة:
1. فقد تقرر الانتهاء من دراستك الحالية؛ لتبدأ حياتك العملية.
2. أو تقرر أن تدرس ما تحب دون أن تقتل نفسك كمدا على السنوات السابقة؛ فلكل حياته، وقرارته الخاصة التي لا يدركها سوى صاحبها، ولا يجب وقتها أبدا الوقوع في المقارنة؛ فهي أقبح وأخرق ما يمكن فعله في نفسك.
3. أو تقرر إكمال دراستك الآن، والاستمتاع بما تحبه بجانب ذلك في وقت لاحق قريب.



وأيا كان اختيارك فأنا واثقة أنك قادر على النجاح فيه، وأن عجلة التخطيط ستبدأ في الدوران لتحقيق الأحلام؛ كما استطعت سابقا أن تخطط لإنهاء العام الفائت على خير.

أعلم تماما أن ما اقترحته ليس سهلا، ولكنه كذلك غير مستحيل، وهذا يحتاج لإرادة تتوافر لديك فعلا يا ولدي، ينقصها فقط تنظيم.

واخيرا.. إن لم تتمكن من القيام بذلك وحدك؛ فلا تبخل على نفسك باستشارة متخصصة تساعدك عن قرب، واستخدام لتفاصيل حياتك بخطة مناسبة، وفي كل الأحوال نحن هنا لأجلك إن أردت المزيد من المتابعة، ودمت طيبا.
آخر تعديل بتاريخ
06 أبريل 2018

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.