صحــــتك
04 مارس 2016

سيناريوهات متعددة .. فاختر لنفسك

تعلقت بزميلتي بالعمل، وصارحتني بحبها لي وهي امرأة متزوجة، ولديها مشاكل مع زوجها كما أخبرتني، أنا أيضا معجب بها، لكن حدث أمر، وهي أنها أصبحت حامل، فكيف أنهي هذه العلاقة؟ مع العلم حاولت، لكن هي تبكي، وتقول لي لا تتركني لوحدي، ما العمل؟؟
DefaultImage
الأخ الكريم عدنان؛
أهلا بك وسهلا

أما بعد التحية، فأريد أن أقول لك: إن أول كلمة لا بد أن تتغيّر في قاموسك هي كلمة "أحاول".

"أحاول" نقولها نفسيا حتى لا نقول إننا لا نستطيع، أو إننا لن نعرف، أو إننا نريد ولكن نخاف.

الحقيقة المؤكدة هي أننا كلما قلنا "نحاول" نعني أننا لا نريد، أو نريد ولكن نخاف من شيء ما سيحدث لو فعلنا ما نريد.

لقد بدأت الحديث معك بتلك المقدمة لتعلم أن ردك على حقيقة ما بداخلك هو الحل! فحين ترد على لماذا أنا أريد تركها؟ ولكن أخاف أن أتركها بسبب كذا وكذا، ستعرف جيدا حقيقة ما تشعر به تجاهها، فأنت شاب في الثلاثين من عمرك ولم تتزوج بعد، وحتما تشتاق لأنس أنثى تُدفِئ مشاعرك، وتهواك، وتراك رجلا تستطيع أن تكون معها، وبجانبها، وكذلك تحتاج فطريا مثل البشر جميعا القرب الجسدي الذي خلقه الله فينا، وهذا حقيقة ما ستفتقده حين تتركها.

لكن لو فكرنا معا بالمنطق ستجد أنك في علاقة مستحيلة، هي متزوجة أصلا، وزادت مشكلتها بحملها، وأنت لم تتحدث إطلاقا عن فكرة الزواج منها من الأساس بعد أن تترك زوجها مثلا لتتزوجك، ولم تذكر حتى أنك تحبها، فقط قلت معجب بها، ولم تقل ماذا ستفعل بعد أن تتركها أنت، ولكن قلت هي التي ستنهار!! فما هي إذن حقيقة العلاقة بينكما بما أنها ليست حبا؟؟

مهم أن تتخلى عن شماعات ومبررات تضعف عزيمتك، وعزيمتها، ولن تجنيا منها سوى مزيد من التخبط، والشعور بالذنب، والألم؛ فالحب يسعد، ويفرح، ويعشق النور، ولا تفكر كثيرا بألمها وما سيحدث لها، ولا أقول لك هذا قسوة مني، أو لعدم احساسي بمعاناتها، أو معاناتك، ولكن علمتني الحياة، وعلمتني مهنتي أن الإنسان يتعلق باحتياجاته في علاقات كثيرة ويتصور أنها حب! وتعلمت كذلك أن الألم الآن مهما عَظُم، ومهما ترك بصماته بداخلنا سيكون أهون ألف مرة من بعد الآن، وتعلمت كذلك أن ننهي ما بدأناه بحسم ووضوح وتوضيح ثم نغلق الملف ولا نعود له حتى نكمل بالفعل تصحيح المسار، وتأكد أنك رغم ما تحتاجه أنت كرجل، وهو حقك تماما، لن يرويه إلا علاقة حب صحية، فيها تشعر بأنك موجود، ولكن وجود شريك مع شريكة في الحياة، وليس وجود أب مع ابنته، فيها لا تقوم بدور"المنقذ"، ولكن تقوم بدور المحب والحبيب. أما هي، فمعاناتها ستظل موجودة، بل وستزداد سوءا إن ظلت كما هي تعيش دور "الضحية"، أو أقسى أمانيها أن تجد لها منقذاً ولو في الظلام، وكلما تركت نفسها هكذا دون أن تفيق لوجودها، وقبولها لنفسها، ومد يدها لنفسها بنفسها فلا تنتظر أن يتغيّر عندها الكثير.

وفي النهاية، سأترك لك ثلاث مساحات غالبا ستحدث واحدة منها في قصتك هذه، ولكن قبل توضيحها فقط أريد أن أذكرك أننا كائنات نختار كل تصرفاتنا، وأن كلمة الظروف كلمة نقوم بتضخيم حجمها لنبرر لأنفسنا البقاء في ما عهدناه من قلق، أو إحساس بالذنب، أو الصمت، إلخ؛ فحتى مع الأقدار نختار ماذا سنفعل مع قدرنا، فنجد من يتقوقع وينطوي مثلا بسبب إعاقته الطرفية، ونجد من يتجبّر ويقسو ويحقد على كل سليم بدنيا، ونجد من يحقق مراكز متقدمة وميداليات ذهبية رغم وجود إعاقته لدرجة تخجلنا نحن سليمي الجسد. فالظروف قد تعطلنا قليلا، وقد تحتاج لجهد، ولكنها أبدا لا تجعلنا نفعل ما لا نريد فعله بصدق. والآن أترك لك المشاهد لتختار؛ ﻷننا نختار.

- المساحة الرمادية: تظلا على اقتراب، وبُعد، وعقل، ومشاعر، ولقاء، وفراق، وضحك، وبكاء، إلخ.. فترة حتى تتفاقم الأمور في نفس تلك المساحة بنفس تلك المشاعر حتى تجد نفسك منهكا، مكتئبا، معطلا، أو مسجوناً في مربع لا تتمكن من التقدم ولا التأخر، حتى يفعل بك هذا الوضع فعله ما دمت تركت الاختيار له.

- المساحة البيضاء: فيها تقرر بوضوح إغلاق ملف تلك العلاقة رغم ما ستعانيه أنت من ألم، وما ستعانيه أنت من مقاومة احتياجاتك التي حدّثتك عنها، وكذلك رغم ما ستعانيه من مقاومتك الشديدة لمحاولاتها ألا تتركها بطرق مختلفة: مرة بكاء ونحيب، ومرة غضب وخصام، ومرة توسل، ومرة رفع درجة غيرتك عليها، إلخ، أو ستكون مساحة بيضاء حين تقررا انتما الإثنين بجدية ومسؤولية إنهاء زواجها لتبدأ في معركة إقناع أهلك بالزواج من سيدة كانت متزوجة وستنجب طفلا، وفي كلتا الحالتين ستبذل جهداً ترى فيه حقيقتك، وحقيقتها، وحقيقة نوع العلاقة بينكما كما لم ترها من قبل.

- المساحة السوداء: فيها قد تصل هي لدرجة من التعلق بك لا تسعفها أن تتكيّف مع وضعها بدونك من جديد - وهذا مجرد تخمين لا أكثر قد تتمكن أنت من تقييم صحته من عدم صحته - والذي أفترض فيه أن يشعر زوجها بوجود رجل آخر في حياتها، ويتصور أن هذا الرجل هو السبب الوحيد الذي يفسد عليه زواجه رغم عدم صحته، هذا رغم أن فساد الحياة بينه وبين زميلتك هو نفسه الذي سمح بدخولك خطأً بينهما، وهنا سيكون السيناريو الأسوأ.

أخيرا أتمنى أن تتأكد من أننا فعلا نختار، ودائما نختار ما بين أمرين سيئين، فلم نجد مَن يختار بين سيئ وجيد، ولا بين محبوب ومكروه، ولكننا نختار الاختيار الذي نستطيع أن ندفع ثمنه، ونتحمله أكثر من الآخر. وكذلك أتمنى ألا تشعر بالإحساس بالذنب إطلاقا إن قررت تركها؛ ﻷن نوعية وجودها وحياتها مسؤوليتها الذاتية المحضة، وتركك لها إن اخترت ذلك هو وقف للخطأ ووقف للإحساس بالذنب، والعجز.

دمت طيبا.. مرتاح البال.. مسؤولاً.. راضياً عن نفسك.
آخر تعديل بتاريخ
04 مارس 2016

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.