دخلت الطب بسبب ضغط أهلي الدائم ومضايقاتهم لي
التحقت بدراسة الطب تحت ضغط الأهل الشديد، وهم يقارنوني بابن جيراننا، ذاكرت كثيرًا ولم يكن في رأسي شيء غير المذاكرة والقرآن والصلاة، لكن لم أفرح بدخولي كلية الطب، ولم أشعر بالسعاده التي تنتظرها أي طالبة، كان الشعور عادي جدًا وأقل من العادي، ولدي ما يُشبه الوسواس من ناحية المذاكرة، الآن أنا غير شغوفة بما لدي وأبحث عن حل للتخلص من آثار الضغوط، فما الحل؟
عزيزتي:
هذا الضغط الشديد الذي تعرضتِ له يسبب الكثير من الضيق والقلق، ولكن ليس كل من يتعرض للضغوط يحدث معه قلق زائد أو مستمر، وكأني أريد أن أقول لكِ: إن طبيعتك الحساسة ربما كانت جزءًا من ظهور هذا القلق الذي لا يزال معك بعد أن تعودتِ على طريقة الدراسة وامتحاناتها وضغوطها، وأقول لك قلق؛ لأن القلق حين يزداد عن المعدل الذي يتمكن جهازنا النفسي من تحمله يأخذ عدة أشكال، منها بعض الوساوس، والوساوس كلها أفكار، فلعل وساوسك تنبع من فكرة أن أهلك هم من تسببوا في تعاستك، والفكرة هذه تحتاج لتعديل يعود للمنطق، فجزء من رقة نفسك ساهمت في حدوث هذا الضغط، وربما أفكار أخرى قد تحتاج منك لمراجعة من مصادرها لتطمئني، مثلاً طاعة الوالدين، أو التعامل مع الاستخارة، أو الأقدار والاختيارات، فكلها أو ما شابهها يحتاج لمراجعة من مكان موثوق؛ لتتأكدي من طبيعة وحقيقة تلك الأفكار أو غيرها، وربما مناخ العائلة له طابع حساس، أو فيه شعور عالٍ بمشاعر الذنب، وهذا أيضا يحتاج لمراجعة.
وعلى أية حال، ما دمت تلاحظين بعض الوساوس فأقترح عليكِ أن تتعاملي معها مثل الضيف ثقيل الظل الذي يزورك وسط أصدقاء تحبين مجلسهم، فإذا اشتبكت معه أو تحدثتِ معه أو تعاملتِ معه بتجاهل واضح أو تشاجرت معه؛ ذهب جهدك كله معه وفقدت الأنس بأحبائك، ولكن حين ترينه وتنظرين إليه وتلاحظينه وترحبين به ثم تركزي مع أحبابك سيخنس!، فلاحظي الوساوس واعرفي ماذا تقول، ورحبي بوجودها ثم دعيها وانخرطي بأمور أخرى، ستهدأ بإذن الله، ولا تشتبكي معها بمناقشة أو حوار أو غصب أو تحدي فستزداد للأسف، وإذا وجدت أنك لا تتمكنين من التعامل معها فلا تترددي في علاجها في بدايتها حتى لا تزداد بإذن الله، دمت بخير.
