صحــــتك
31 مارس 2018

خلصت التجنيد ومش عارف أنا مين

خلصت التجنيد، عشت الألم كل لحظة، ألم نفسي لا يمكن وصفه، فقدت الثقة بنفسي، عانيت من ضعف شخصيتي ربما بسبب اهتمامي بمشاعر الآخرين. أتعرض لانتقادات بسبب الانطوائية، أحبُ الصمت، فظنوا أنني أبله! رغم أن إخوتي يمدحون عقلي. الاكتئاب أصبح ضيفي، دائم التفكير في سلبيات الماضي وأقارن نفسي بالآخرين، ابتليت بالعادة فهي من أسباب تعاستي، رغم هذا كله إلا أنني أجد يد الله معي في كل محنة، أريد تحقيق (الفردوس، الزواج بامرأة صالحة، امتلاك قوة مالية لخدمة الدين والناس)، من فضلك أخبريني من أين أبدأ؟
خلصت التجنيد ومش عارف أنا مين
أهلا وسهلا بك يا محمد؛
البداية ستكون في اجتهادك الحقيقي في أن تكون موجودا داخل المعادلة؛ فالناس، وخدمة الدين، ومشاعر الآخرين، وحتى المقارنة كلها تفتقر لوجودك أنت كما أنت فيها أولا، وقصدت مع سبق الإصرار والترصد أن أقول أولا؛ لأن وجودك الحقيقي كما أنت بغضبك حين تغضب فعلا، بمخاوفك، بتوترك، بقدرتك على العطاء، بحبك للخير، بائتناسك بدرجة عزلة تحتاجها، بكل ما تحب، بكل ما تكره، بكل اهتماماتك، هو حقيقة وجودك، وهو ما سيجعل لكل شيء تريده معنى حقيقيا واقعيا بداخلك، وبداخل من حولك أيضا دون أن تدري.



لكن مقارنتك لنفسك بالآخرين، وحرصك على عدم فقدهم يحطم قبولك لنفسك، ويثبّت بقاءك في مربع لا يعينك على التحرك للأمام، حتى لا تخطئ، أو تفقد من حولك؛ مما يجعلك حزينا تشعر بالدونية، وقلة القيمة، وعدم الاستحقاق، وكأنك تتصور أن وجودك كما أنت مرهون بالتشجيع، أو بسماح من حولك لك بالخروج والظهور.. وهو ما يجعلك تنتظر هكذا لسنوات بلا جدوى، وحتى يتنفس وجودك الذي تقهر ظهوره تحتاج أن تراجع جيدا تلك النقاط:
* الصمت والعزلة
- حين يكون جزءا من وجودك، فهو أمر تحتاج إلى أن تحترمه، ليحترمه الآخرون.
- لكن حين يكون بديلا عن قول رأيك، أو خوفا من عدم كفاءة ما ستقول، أو رعبا من فقدهم، وحكمهم عليك، فهو قاتل صامت يقتل سلامك وتناغمك الداخلي، وتحتاج هنا لمناقشة مخاوفك. - قد تجد أن سبب مخاوفك هو البقاء وحيدا بلا أنيس، أو أنك تصدق عدم استحقاقك للاهتمام أو الحب أو الاحترام، وهنا سيكون "بيت القصيد"، لأن تلك المشاعر قديمة ولا تخص من حولك الآن إطلاقا.
- لقد خلقنا الله بحقوق منحها لنا، ولم يجعلها في يد أحد، وتلك عظمته جل جلاله؛ فلقد منحني ومنحك ومنح كل البشر حق الاستحقاق للحب غير المشروط، وحق الوجود بمذاق يخص كل أحد، وحق القبول، وحق الاهتمام؛ لأنه سبحانه يريدنا موجودين، ولأن وجودنا فارق في الحياة.


- أعطانا أيضاً حق أن نقول "لا"؛ لأننا نحتاج أن نقول لا لمن يسيء لنا، لمن يستغلنا، للمعاصي.. إلخ.
- كوننا تربينا خطأ، أو تعرضنا لغير ذلك، أو حتى نشأتنا في مناخ أهدر تلك الحقوق يجب ألا يجعلنا نكفر بها، ولكن علينا أن نسير رحلة التغيير بدأب، لنتخلص من تركة الماضي الذي صدقناه، ليس لأنه صحيح، ولكن بسبب تكراره كثيرا جدا في مواقف وخبرات كثيرة؛ فقد تكون نشأت في مناخ لا يسمح بالتعبير وكان ذلك خطأ، أو الحماية الزائدة التي بترت خبرة الاحتكاك بالآخرين وكان ذلك خطأ، أو كانت نشأتك قاسية تكررت فيها رسائل عكس حقوقك فصدقتها لتكرارها لا لصحتها، وكان ذلك خطأ، أو وصل لك أنك عاجز وحدك أن تفعل شيئا، أو لن تحصل على الحب إلا بالطاعة، وكان ذلك خطأ.. إلخ، وهذا يحتاج لجهد ومثابرة، ولكن التغيير يحدث.



* العلاقات الصحية الآمنة
تحتاج إلى أن يكون طرفاها موجودان وجودهما الحقيقي لتبقى؛ فتكون أنت كما أنت، وهو كما هو، وتحتمل كل أطياف المشاعر، فيحدث فيها اختلاف، وغضب أحيانا، ولكنها تبقى بعدهما بصحة أفضل؛ فالخلاف ليس دوما "مساحة شر"، بل كثيرا بنضوج طرفيها يكون الخلاف سببا لتثبيت العلاقة وتفهم أكثر للطرفين، وفيها قبول حقيقي من كل طرف للآخر، والقبول ليس معناه الموافقة، ولكن القبول بوجود المختلف حق لنا ولهم، وفيها مسافة تبعد أحيانا، وتقترب أحيانا لصالح صحة العلاقة دون أن يرتبط ذلك بالحب أو عدمه، ولكنه يرتبط بالمرونة، والحرية، والتكامل، والتساوي، وليس التعلق، أو الهيمنة، أو استبدال غير واع للصديق كبديل للأب أو الأم فيرهق العلاقة ويثقل خطواتها، وتتحقق كارثة تأكيد المشاعر القديمة نفسها بجهل نفسي لحقيقة ما يحدث.


* إرضاء الآخرين
والحفاظ على بقائهم في حالة رضا معك أو عليك هدف غير صحي، ولن يتحقق من الأساس؛ فالبشر لا يقتربون منا ولا نقترب منهم لاكتسابهم الحكمة العظيمة، ولا لأنهم سيحملون همومنا عنا أو معنا، ولكنهم يقتربون فقط للائتناس، والمشاركة اللطيفة، والقبول بدون حكم علينا، ورضاؤهم ليس مسؤوليتنا أبدأ - مشاعر قديمة أيضا - وارتباط رضائهم بعدم التعبير عن رفضك لأمور تجدها، أو نقدك لتصرف، أو التعبير عن مشاعر تحملها، فلا تفعل أي منها يجعلك تتنازل عن حقيقة وجودك بمبرر "شيك" يؤلمك في حقيقة الأمر؛ فلتتحرر من هذا الهدف المؤذي؛ لتتنفس وجودك، وستجد عجبا.

* حقك في أن تقول لا مكفول لك ولكل البشر من الله تعالى
فهو حقك، وتحتاج أن تقبل من يقول لك لا أيضا، ومسؤوليتك في هذا الحق أن تعبر عنه في مكانه حين تحتاجه، وأن تمارسه بشجاعة دون تهور أو غضب أو تصرفات صبيانية؛ فقول لا يكون راسخا عذبا حين نصدق أنه حقنا فعل،؛ فلا نحتاج وقتها للدفاع حتى عنه.



* الله تعالى إله عظيم
ليس بشرا مثلنا ينفعل بالحدث، فيحرم، أو يعاقب، أو لا يسامح؛ فهو يعلم ما في قلبك من حب له، ويعلم حبك للخير والمساعدة، ويعلم مدى ألمك من ممارسة العادة السرية - فهو لا يحتاج لمن يوصل له حقيقة ما في نفسك -؛ وهو سبحانه وتعالى غفور رحيم، وحقيقة إيمانك به هو ببساطة أن "تصدقه" سبحانه؛ فتصديقك للحقوق الذي وهبها لك، وممارستها بمسؤولية ونضوج هو من حقيقة إيمانك، وخوض رحلة التغيير هو من حقيقة إيمانك، وتصديقك أنه سبحانه غفور، كما قال هو عن نفسه، هو من حقيقة إيمانك؛ فلتجدد إيمانك بالله تعالى يا ولدي.
آخر تعديل بتاريخ
31 مارس 2018

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.