خطوات للتعافي وللتعامل مع تجربة الوالد المضطرب نفسيا
والدي مريض نفسي ويعاني من وسواس قهري، كان في الماضي يضرب أخي ضرباً شديداً لأنه يحمل نفس اسم والده، حيث كان والده يعذبه عندما كان صغيراً، فأصبح يفرغ غضبه في أخي. ونحن لم نعد نحتمله، وبعد أن كبرنا تغيرت معاملته معنا، وأصبح يريد التحدث إلينا وهكذا، لكننا لا نطيق سماع كلامه لأنه غير واعٍ، ونحن نحبه لكن لا نحب سماع حديثه ولا نطيق الجلوس معه. كل يوم أقول اليوم سأجلس معه، لكن عندما يأتي ليكلمني أتمنى أن ينتهي بسرعة، لا أريد أن أسمعه. وأتمنى أن أكون قريبة منه لكن لا أستطيع، لا أطيق الجلوس معه، وأشعر بالذنب ولا أعرف ماذا أفعل
أختي السائلة، شكرًا لرسالتك الصادقة، ولمشاركتك مشاعرك المتداخلة مع الوالد المضطرب نفسيا التي تعكس كمًّا من الحس الإنساني والرحمة، لكنها تحمل أيضًا الكثير من الألم والارتباك النفسي. من الواضح أنك تعيشين تحت ضغط داخلي سببه علاقة طويلة ومعقدة بوالدك، أثّرت على طريقة شعورك وتعاملك معه، وولّدت لديك مشاعر متناقضة يصعب فهمها أو التعايش معها.
فهم شعور التناقض بين الحب وتجنب الأذى مع الوالد المضطرب نفسيا
ما تمرّين به لا يدل على قسوة أو جفاء، بل هو رد فعل نفسي طبيعي ناتج عن سنوات من المعاناة. حين يعيش الطفل مع أب يُعاني من اضطراب نفسي شديد، خاصة إذا رافق هذا الاضطراب سلوك عنيف أو تصرفات مربكة، فإن النفس تُطوّر آليات حماية، من بينها الابتعاد العاطفي. هذا الابتعاد لا يعني الكراهية، بل هو نوع من الحماية الداخلية لتجنّب مزيد من الأذى أو الاستنزاف.
التناقض الإنساني في الحب والألم وهي تجربة طبيعية
من الطبيعي أن تحبي والدك وتتمنّي أن تكون العلاقة معه مستقرة ودافئة، لكن من الطبيعي أيضًا ألّا تحتملِي التواجد معه لفترة طويلة أو الاستماع لتصرفاته، لأنها قد تثير فيكِ مشاعر مؤلمة مرتبطة بالماضي.
الإحساس بالذنب لأنك لا تستطيعين الجلوس معه طويلاً، رغم نيتك الطيبة، مفهوم ومشروع — لكنه لا يعني أنك مقصّرة.
خطوات التعافي وللتعامل مع تجربة الوالد المضطرب نفسيا
- من المهم أن تعترفي لنفسك أن ما تشعرين به حقيقي، وأنك لست مضطرة لإنكار الألم الذي سببته لكِ العلاقة بوالدك المضطرب نفسيا خاصة في طفولتك.
- الابتعاد النفسي أحيانًا ضروري لحمايتك، ولا يتعارض مع برّ الوالدين أو النية الصادقة في الإحسان إليهم.
- ابدئي بالتقرب منه دون ضغط أو شعور بالذنب.
- حددي وقتًا قصيرًا يوميًا تقضينه معه — حتى لو بضع دقائق — في سياق مهمة واضحة: تقديم فنجان قهوة، تشغيل برنامج يحبه، أو سؤاله عن حاله.
- هذا يحقق شعورك بالواجب دون أن يرهقك عاطفيًا، ويمنحك مساحة لتوازنك النفسي.
- البر لا يتطلب الإنهاك، بل الإحسان بالقدر الممكن. يمكنك الدعاء له، والحديث عنه باحترام، وعدم إهانته أمام الآخرين حتى لو كانت العلاقة محدودة، ليس من البر أن تجرحي نفسك عاطفيًا يومًا بعد يوم في محاولة لإرضائه على حساب سلامك النفسي.
- إذا كان بإمكانك التحدث مع شخص ناضج في العائلة تفهمينه ويقدّرك، أو طلب المساعدة من أخصائية نفسية، فلا تترددي أحيانًا، مجرد الحديث عن مشاعرك مع شخص لا يُصدر حكمًا عليك يُخفف كثيرًا من الثقل الذي تحملينه.
كلمة أخيرة
محبتك لوالدك لا تُقاس بمدة الجلوس معه، بل تُقاس بنيّتك، واحترامك، واستمرارك في بذل المجهود رغم مشاعرك المتعبة، أنتِ لستِ سيئة ولا جاحدة، بل إنسانة تحاول أن توازن بين ما تستطيع تقديمه، وما تحتاجه للحفاظ على ذاتها، خذي الأمور خطوة بخطوة، ولا تحمّلي نفسك أكثر مما تحتملين. طلب المساعدة ليس ضعفًا، بل وعي وقوة.
للمزيد من المعلومات حول مشكلتك تصفح موقع صحتك