صحــــتك
10 نوفمبر 2018

تحرش جنسي.. ودراسة لا أحبها

تعرضت لتحرش جنسي بعمر 8 سنين من إبن عمي ثم من ابن عمي الآخر ثم من أخي، مارست العادة السرية بالماء التي اكتشفتها صدفة بطفولتي بعد تعرضي للتحرش ثم عند معرفتي لها عندما كبرت تكركتها بعمر 18، أنا طالبة طب وأكره تخصصي جدا.. دخلته عن إكراه من قبل والدي.. أعاني إضافة لكرهي تخصصي من تفكيري بما تعرضت له خصوصا بأوقات الامتحانات مما يؤثر على أدائي الدراسي، قمت بعمل اختبار للاكتئاب على موقع شيزلونغ كانت النتيجة 12.. لا أرغب بأداء أعمالي رغم اني اقوم بها في كثير من الأحيان مما يؤثر على انتاجيتي ووضعي الدراسي.. لا أرتاح إلا بالرسم، راودتني أفكار انتحارية سابقا خصوصا بالطفولة.. والآن اعتقد ان رادعي عنها هو الجانب الديني.
تحرش جنسي.. ودراسة لا أحبها
أهلا وسهلا بك يا ابنتي،
التحرش الجنسي من أسوأ التجارب التي تمر بها الفتاة في حياتها، فهي تتعرض فيها لمشاعر متضاربة صادمة وخصوصا حين تكون من الأهل، وتزداد أثرا حين تكون من محرم، من المفترض أن تكون علاقتها به علاقة حماية؛ فتنقلب لعلاقة غير آمنة وصادمة مثل ما حدث معك من أخيك، وأبناء عمومتك.



لم تتحدثي معنا عن تكرار هذه الأحداث، أو كيفية حدوثها، أو حتى مشاعرك نحوها. وهدف تلك التفاصيل أن تلك التحرشات تؤثر بشكل أكبر عند فتيات عن غيرهن بناءً على نوع التحرشات، وهل كانت من فوق الملابس، أم من تحتها، وكيف وأين، ومرات تكرارها، إلخ.. وكذلك يرتبط أثرها بالتكوين النفسي للفتاة التي تم التحرش بها، والمناخ المحيط بها؛ فكلما كانت الفتاة على درجة وعي نفسي أكبر قل الأثر، وكلما كان من حولها داعمين لها، ويهتمون بالتعامل الصحي معها دون حكم أخرق عليها، أو بتعامل مناسب مع المتحرش؛ ساعدها أكثر في غالب الحالات.

ولكن على أي حال، أنت تحتاجين جدا لتقييم ما حدث بشكل أكثر واقعية، لتتمكني من التعامل الصحي مع نفسك أولا؛ لأنه بيت القصيد في ما تعانينه الآن، ودعيني أقُل ذلك في نقاط:
- ما حدث في صغرك كان صادما، وحين نفاجأ بأمر غير متوقع تختلف ردود فعلنا، فمنّا من يتجمد من المفاجأة فيصمت، ومنا من يهرب، ومنا من يهاجم من يفاجئه، ولا يوجد في تلك الحالة "صح، وخطأ"؛ فالموقف المفاجئ يجعلنا نتصرف بشكل لا إرادي.
- قد يخالجك، مثل كثيرات ممن تعرضن لمثل ما تعرضت له، الشعور بالذنب للإحساس بأنك كنت سببا في تحرش هؤلاء بك. والحقيقة أن تلك المشاعر غير صائبة؛ فمن يقوم بالتحرش يقوم به، لأنه يريد أن يفعل ذلك بغض النظر عن شكل أو سلوك الفتاة بنسبة كبيرة؛ فهناك من يتحرش بطفلة لم يظهر لجسدها ملامح أساسا، ومن يتحرش بفتاة لا تحمل ملامح جمال باهر، ومن يرفض التحرش بفتاة لعوب تحاول إغراءه. والمهم أن مشاعر الذنب هنا لا محل لها من الإعراب؛ فلقد كنت صغيرة خائفة لا تثقين بأنك إن تحدثتِ فسيفهمك الآخرون، أو لعلك كنت تخافين حدوث مشكلات من العيار الثقيل في ذات العائلة فقررت الصمت، ولك كل الحق في تلك المخاوف حينها.
- حين يحدث التحرش تحدث معه إفاقة جنسية مبكرة، يصاحبها الفضول في فهم ما يحدث، وربما يبدأ الشعور بالذنب حين يخالط التحرش مشاعر لذة، ورغم أنها مشاعر طبيعية في الممارسات الجنسية عموما، لكن تلك اللذة لا ترتبط أساسا بالشخص المتحرش، ولا بمشاعر حب مثلا بين الطرفين، ولكن في وقتها كانت مشاعر ترتبط بفعل الجنس نفسه مع تلك الإفاقة المبكرة التي تجعل الأوراق تختلط؛ فيحدث شعور بالذنب يؤلم نفسيا في ما بعد، خصوصا ما يتبعه من ممارسة العادة السرية، التي قد يقع فيها الكثير فقط لإزالة توتر ما يمرّون به دون داعٍ جنسي حقيقي، واقرئي في ذلك.



- هناك طرف خارج ما حدث وتقع عليه مسؤولية حقيقية لم يقم بها؛ جعلت ما حدث يحدث، ولا يمكن التغاضي عن ذلك، هذا الطرف هو الأهل حين لم يتابعوا أولادهم بشكل حقيقي؛ ليحموهم ولو من أنفسهم تارة، وحين لم يقوموا بعمل علاقة قريبة آمنة يملأها الحب، والتفاهم، والصداقة، والثقة تارة أخرى، وغياب تلك المسؤولية لمن يتم التحرش به، ولمن يقوم بالتحرش هو في الحقيقة مسؤولية لا يجوز التهاون في تركها، ولا يجوز أن تحملي نفسك بها في تلك المرحلة الحرجة من عمرك، بل ومن عمر من تحرشوا بك.

- الشعور بالذنب شعور مؤلم جدا ثقيل على الإنسان يرهقه نفسيا، وجسديا، فيشعر الإنسان جسديا كأنه يحمل ثقلا حقيقيا يجعل خطواته ثقيلة جدا. والشعور بالذنب شعور على كل ثقله، إلا أنه لا يؤدي لفعل أي شيء يصحح، أو يحسن، أو يمنع، ولكنه شعور "معطل"، ويفعل ما يفعله فتات الطعام حين نتركه في كل مكان؛ فيساعد في النداء على الحشرات، والقوارض؛ فالشعور بالذنب ليس مرضا في حد ذاته، ولكنه مناخ جيد جدا لجلب القلق، والاكتئاب، والتعطل في حركة الحياة، وهو ما يحدث معك الآن يا ابنتي. والعلماء الذين اجتهدوا في مذاكرة الإنسان وجدوا ذلك تماما، ووجدوا أنه شعور ثقيل معطل يجعل الشخص غير مسؤول في النهاية، ولأن الله تعالى يرعانا، ويعلم فوق هذا العلم؛ فقد قال لنا منذ زمن بعيد بأنه يريد لنا ألا نتعطل في مشاعر الذنب، وخصوصا غير المبررة لأنه يريدنا في حالة سعي وحركة. وأرسل لنا ألف رسالة ورسالة يعلمنا فيها ذلك في القرآن، وعلى لسان الأنبياء ليؤكد لنا نفس ما وصل له علم النفس؛ فقال لنا سبحانه بأن الحسنات يذهبن السيئات دون تمييز لنوع السيئات أو الحسنات في كتابه العظيم، وأرسل لنا نبينا الكريم يقول لنا بأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وأنه تعالى يمد يده مرتين لنا كل يوم لمسيء الليل نهارا، ولمسيء النهار ليلا.. لماذا؟؟؟ ماذا يريد أن يقول لنا سبحانه من هذا؟.. يريد أن يقول لنا انفضوا شعور الذنب، وأكملوا المسير ما دمتم تصدقون أني غفور، ولا يعني ذلك أن نحب الخطأ، بل أن نعرف الخطأ، ونعترف به، ولا نفعله ثانية ونظل نجتهد في هذا دون الغرق في الشعور المعطل.

- حتى يحدث هذا التحرر من مشاعر الذنب المقعدة تلك تحتاجين "لأن تكبري"؛ لتتمكني من رؤية ما حدث على أنه ماض تهربين إليه؛ لأنك لا تسعدين بالحاضر، لا العكس؛ فما حدث لم يعد يحدث، ولن تكوني في ضعف وصمت الأمس، فلتنتبهي للآن يا ابنتي؛ فلا تكملي دراستك التي تكرهينها تلك، أو على الأقل تخصصك هذا تحت أي ظرف من الظروف، وتذكري أنك مسؤولة عن اختياراتك، ومشاعرك حتى تلك التي تثقلك، وعليك مسؤولية التحرر منها بوعيك يا ابنتي، وعن مشاعر الخوف التي سجنتك كثيرا، والتي لا مبرر لها الآن لأنك صرت أكبر من ذي قبل، وتعرفين أن المتحرش هو الذي يجب أن يخاف لأنه لص، ويقهر غيره على أمر لا يريده، أو أمر لم يكن الآخر يفهم أبعاده سابقا، ويمكنك ردع أي رجل يحاول أن يسرق عن طريقك شيئا.

- تحتاجين لمراجعة حقيقة شعورك نحو استحقاقك للعقاب؛ فأفكار الانتحار تلك تخرج من شعور الذنب وعدم الاستحقاق، وكلاهما غير حقيقي، فأنت لا تستحقين عقابا، أو موتا أبدا.



- وأخيرا... إن لم تتمكني من تجاوز تلك المعاناة في وقت مناسب؛ فلا تتأخري في طلب المساعدة المتخصصة، لتتمكني من تجاوز تلك المعاناة يا ابنتي.

آخر تعديل بتاريخ
10 نوفمبر 2018

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.