صحــــتك
20 ديسمبر 2015

الوهم يأكلني

أنا عندي آلام في الثدي وحليب، وصداع نصفي لما بيجيني الصداع ما بعرفش أركز، وعندي قلق، وأي حاجة توجعني، أنا بقول عندي مرض آخر بصراحة، أنا بوسوس كثير. شو الحل يا دكتورة، أفيديني أرجوكِ وشكراً.
DefaultImage
صديقتنا العزيزة خديجة

أهلاً وسهلاً بك .. ونشكرك على ثقتك في موقع صحتك

كنت أتمنى أن أعرف عمرك بالضبط، وعلاقتك بتلك الوساوس، وعمر وجودها عندك، وهل يعاني أحد الوالدين من وساوس مشابهة؛ فمشكلات الآباء تؤثر في المفاهيم والبناء المعرفي للأبناء فتتأثر سلوكياتهم، وغير ذلك من التفاصيل التي تصب في صالح الإجابة.

ولكن رغم غياب تلك التفاصيل، إلا أن قلقك ووساوس القلق نحو وجود أمراض خطيرة لا تخطئه عين متخصص بلا شك، فالقلق من أكثر الأمراض النفسية انتشارا، خاصة حين يأخذ شكل الوساوس؛ فلقد أثبتت الدراسات أن أكثر من 93% من المجتمع العربي يعاني من الوساوس التي يقبع من ورائها القلق، حين يصل ﻷعلى من حدوده الطبيعية المقبولة.

القلق من ألد أعداء جهازنا النفسي والعصبي؛ وهو يسبب درجة كبيرة من التوتر وتوقع الأذى، لدرجة تسبب عند بعض الناس "التعطل" عن قيامهم بأدوراهم المطلوبة منهم في الحياة؛ فيتأثر تحصيلهم الدراسي، وعلاقاتهم الاجتماعية، وعملهم، وحيويتهم، وﻷن القلق بهذه الخطورة على سلامتنا النفسية؛ وﻷن الجهاز النفسي يستطيع أن يشعر بإنذارات الخطر، فإنه يقوم ببعض الدفاعات التي تخفف من حدة أثر القلق عليه؛ فيصدر للسطح درجة من القلق يتمكن من التعامل معها بدرجة أخف من القلق بحجمه الكبير.

"الوسواس القهري" من تجليات و أشكال القلق الأقل حدة، والتي يتحملها الجهاز النفسي نوعا، وهو مرض شهير جدا، ولا يمكن تشخيصه فقط من خلال سطور قمت بإرسالها؛ ﻷنه يتطلب توافر ثلاثة شروط أساسية لتشخيصه، تنتهي بمرافقته اللصيقة للاكتئاب بأعراضه، وللأسف لم يظهر في سطورك القليلة ما ينفيه، أو يثبته، ناهيك عن وجود مساحة قبل الوقوع في مرض الوسواس القهري، تعرف مجازاً " بقبل الوسواس القهري، أو نطاق الوسواس القهري"، و كذلك هناك شخصيات لا تعاني من مرض الوسواس القهري، وإنما هي شخصية وسواسية تحمل سمات تخص التفاصيل، والانتباه، والشك، والالتزام بالقوانين، إلخ، والكثير من المساحات التي تقترب وتبتعد عن الوسواس القهري.

لذا نحتاج منك إلى الحديث أكثر عن معاناتك لنتمكن من وضع اقتراحات مناسبة وأدق، ولكن ما لا يمكن رؤيته مما ذكرته، وهو وجود وساوس تملك عليك نفسك وتخص مساحة "المرض"، فأنت تخافين من أية أعراض تشعرين بها، فتنتقلين من خلال منظومة القلق لديك لتوهم المرض، وقد تستدعين من وراء هذا القلق الخاص بالمرض، تفاصيل المرض، وآلامه، وربما تجترين الأفكار وتستدعين المستقبل لتجدي نفسك طريحة الفراش، ويزورك الناس، ويشفقون عليك، وربما تصلين حتى وفاتك ورؤية عزاء الناس فيك.

لذا أقترح عليك بعض النقاط على أن نتفق معاً على أنك ستتواصلين مع متخصص نفسي يساعدك في تخطي تلك المعاناة، إن لم تتمكني من القيام بما أقترحه وحدك؛ لتبدئي في الاستمتاع بحياة طبيعية هادئة ونفسية مستقرة، تمكنك من القيام بأدوراك وأحلامك بعد طول معاناة، والآن بعض ما يمكنك القيام به:
- ذكري نفسك بنفسك بأن مشاعرك المقلقة بوجود مرض خبيث، أو خطير، هي في حقيقتها جزء منك يتعامل تعاملا غير صحي مع حقيقة مشكلاتك، التي قد لا ترينها بوضوح على السطح ولكنها موجودة وقديمة.
- ذكري نفسك بنفسك بأن أكثر من 95% من الأمراض، أو المخاوف، التي كنت تقلقين جدا بشأنها لم تحدث، وهذا دليل على النقطة السابقة التي حدثتك عنها.
- تدربي على مناقشة أفكارك حول المرض بموضوعية؛ وسيساعدك على تلك الموضوعية القيام بالرد على عدة تساؤلات مثل:

1. ما هي المزايا التي تحققينها حين تقلقين من وجود مرض خطير؟
مثلا: هل اكتشف المرض في مراحله المبكرة؟ فالأطباء أكدوا أن اكتشافه مبكرا يفرق كثيرا، إذ أستطيع أن أحمي جسمي وأسيطر عليه. أستطيع تفادي الكثير من الأذى.
ثم تقابلين تلك المميزات بأن الدراسات أثبتت كذلك الآتي: أن الاكتشاف المبكر لم يمنع تدهور العديد من الحالات، أن سيطرتي على جسدي لا تجعلني أستمتع بوقتي، وتذهب طاقتي وتركيزي في تتبع كل، وأية أعراض، أن قلقي يؤثر على عملياتي العقلية، التي تخص استيعاب المعلومة، وتذكرها، والقدرة على استرجاعها؛ فأظل أعاني من النسيان وقلة التركيز، أن مشاعرالحزن، تملأ وجداني، ولا سبيل إلى الاطمئنان من الخارج حتى من الطبيب؛ فكثيرا ما أقلق بما قد يفوت من أمور على الأطباء، وكثيرا ما لم ينتبهوا لشكوى رأوها بسيطة، وهذا يجعلني في دائرة مفرغة لا أحقق منها شيئاً.

إذن، سأتحدى الأفكار التي تتوهم المرض؛ ﻷنها لا تجعلني أستمتع بحياتي، ولا تحقق لي الاطمئنان مهما سعيت وراء أية أعراض، سأستمر في الحركة والأكل والعمل بشكل عادي،
سأتوقف عن مراقبة ذاتي.

لن أتجنب قراءة الموضوعات، التي تتعلق بالمرض، من مقالات، أو برامج، أو غيره.
لن اطلب الطمأنة من أي شخص آخر؛ فأنا أحتاج إلى التواصل الصحي مع مشكلاتي من نفسي أنا، سأشغل ذهني عند الشعور ببداية الغرق في توهم الأمراض بأمور تشغل ذهني، وليس جسدي، كالقراءة، حل ألغاز، الحديث مع شخص، إلخ.
سأتذكر أن السيطرة على مجريات الأمور غاية لم ولن يدركها أي بشر، لا أنا ولا غيري؛ فهي قدرة إلهية محضة.

هذا نموذج بسيط جدا للتعامل الصحي مع أفكارك؛ سيحتاج إلى تواصل مع متخصص نفسي إن لم تتمكني من القيام به، أو بشبيهه وحدك .. دمت بخير.

اقرأي أيضا:
توهم المرض .. معاناة مستمرة (ملف)

آخر تعديل بتاريخ
26 ديسمبر 2015

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.