صحــــتك
30 ديسمبر 2016

الوحدة.. هي أساس كل مشاكلي

الوحدة - على حد علمي- هي أساس كل مشاكلي، ولكنها ليست الوحيدة. الوحدة هي السبب الذي جعلني أدخل في علاقتين فاشلتين في سنتين متتاليتين وأستمر فيهما إلى حد الإجهاد الكلي ذهنياً وعاطفياً، الأولي كانت حب أو "احتياج" من ناحية واحدة، والأخرى كانت مع شخص لا يتوافق معي دينياً وأخلاقياً واجتماعياً ونفسياً. الوحدة جعلتني أتعلق بالأشياء الخطأ التي تحقق لي سعادة مؤقتة ثم تزول. الوحدة لا تشعرني بالإشباع النفسي حتى وأنا بين أهلي وأصدقائي وأحبائي. الوحدة جعلتني أنجذب إلى الناس الذين لديهم مشاكل في حياتهم لأحلها أو أساعدهم في حلها لأشعر أني لست وحيداً وذا قيمة وهناك من يحتاجني. ماذا أفعل لأحارب هذه الآفة التي قد تدمر حياتي إن استمرت تستحوذ عليّ؟
DefaultImage
أهلا بك يا ولدي؛
أنا سعيدة فعلا بقدرتك على فهم ما وراء نوعية علاقاتك؛ فقد يأخذ شخص أكبر سنا منك وقتا غير قليل حتى يتمكن من رؤية حقيقة ما يعانيه؛ وهذا هو ما سيساعدك فيما سيأتي على تجاوز معاناتك، والتوقف عن إهدار جهد، ووقت، وطاقة نفسية على لا شيء حقيقي.

فما تسميه وحدة هو في الحقيقة عدم امتلائك بأنك "متشاف"؛ وهو نفسه عدم امتلائك بأنك "مهم"؛ فنحن في فطرتنا احتياجات أصيلة لابد من إشباعها حتى نستقر نفسيا ووجدانيا على مستوى المشاعر، وكذلك العقل، وتلك الاحتياجات إن لم تلب نكبر ولدينا "ثقب أسود"، قد يبلعنا نحن أنفسنا بداخله؛ فنعيش أمواتا ونحن نتحرك ونأكل ونتعلم، وقد نتزوج، وننجب أيضا بلا روح، بلا وجود نقرره كما نريده، أو نأخذ ما نتصوره إشباعا بلا إشباع صادق، أو قد نأخذ إشباعا حقيقيا ونرفضه؛ ﻷننا لا نعترف به إلا من أصحابه الحقيقيين.

فالبداية إذن هي في التعرف على احتياجاتنا التي هي جزء أصيل من فطرتنا، وليست تسولا، وليست لك وحدك بسبب ظروف عشتها؛ فهي احتياجاتك، واحتياجاتي، واحتياجات كل إنسان من أبيه وأمه؛ فإن لم يتمكن الطفل- لأسباب كثيرة تختلف فيما بيننا - من أخذ احتياجاته يكبر بثقب أسود كما أوضحت.

- أول احتياج لديك، ولدي، ولدى أبيك، وأمك، وكل إنسان، هو احتياج "الشوفان" أي: أريدك أن تراني أنا كما أنا، وأن أكون موجودا لديك وجوداً مختلفا، وجوداً يضمن قبولك وحبك لي بدون أي شروط.
- نحتاج كذلك لوجود آخرين وعلاقات نستدفئ فيها وتدعمنا، وندعمها، وتحقق لنا الأمان.
- نحتاج للإهتمام النفسي، وليس الجسدي أو العقلي فقط.

وقد أعلن علماء النفس عن وجود أكثر من 17 احتياجا فطريا يلزمنا الحصول عليها لنستقر، ولكن إذا كنت فقدتها أو حصلت عليها بشكل مزيف فماذا عليك أن تفعل الآن؟

- أولا: اعترف باحتياجاتك بدون معارك مزيفة، وأدرك أن احتياجاتك هي حق أعطاها الله لك لا يجوز معها التفريط، وكذلك الإفراط، أكدها بداخلك رغم مقاومة تصديقها؛ فهي خطوة صعبة للغاية، وأعلم صعوبتها؛ ﻷنك صدقت عكسها على مدار حياتك، فالجهد مطلوب، والصبر كذلك، ولكن حين تتأكد وتترسخ بداخلك ستجد عجبا.

- ثانيا: كن على يقين أن الاحتياجات لا تذهب بعد سن، فهي موجودة طوال عمرنا، ولكن فهمها وقبول بعض الحرمان منها يتحقق مع النضوج؛ فكم من شخص وجد الإشباع الحقيقي من مصادر أخرى ورفض الاستمتاع به؛ ﻷنه لن يرضى أن يحصل عليه إلا من والده، أو والدته دون حتى أن يعي رفضه.

- ثالثا: كفاك بكاء على ما مضى، وكن أنت كما أنت؛ فلا تتحمل فوق طاقتك، ولا تتعلق تعلقا يجعلك عبئا على الآخرين، ولا تتحمل عن أي أحد آخر مسؤولية تخصه؛ فمسؤوليتك الآن الفورية هي أن تأخذ احتياجاتك بجرعتها الطبيعية، من خلال علاقات طبيعية فيها تكون أنت كما أنت، تتحمل مسؤولية وجودك كما تحب وترضى لنفسك، وتنتبه ﻷن علاقاتك ستصبح صحية حين تتخلى عن دور الضحية، ودور المنقذ، ودور الجاني فيها، وأن تعلقك الشديد وجذبك لتلك الشخصيات كان بسبب احتياجاتك، وأدوارك المزيفة تلك؛ فلتتوقف عن تلك الأدوار تماما، ولتتحرر من "تحميل" علاقاتك المرضية باحتياجات لا تحصل عليها من أصدقاء، ولا أزواج، ولا أحباء؛ وتقبل حرمانك بنسبة ما منها مقابل أن تجد علاقات صحية بعيدة عن تلك الأدوار، لتسعد بعلاقات صحية فيها تكون أنت، وفيها تحصل على قدر كبير من احتياجاتك بشكل "حقيقي"، هيا ابدأ.. دمت بخير.

اقرأ أيضا:
احتياجك أن تُرى.. احتياج إنساني متبادل
الآخر الذي بداخلك.. وقاية وعلاج
نفسك الحقيقية ونفسك المزيفة
خدعة الثقة بالنفس
هل الزواج علاقة؟
احتياجات الطفل.. الطريق إلى السواء النفسي
آخر تعديل بتاريخ
30 ديسمبر 2016

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.