صحــــتك
30 ديسمبر 2017

الغضب.. عبري عنه ولا تكتميه

بقالى فترة مبعرفش أعبر عن غضبي إطلاقا.. حتى آجى أحكى لحد أسمعه وهو بيتكلم واسكت.. الوجع بقي متركز فى بطنى حتى مبيوصلش لخنقه فى الزور زى زمان.. أفرغ غضبي إزاى بصورة صح وصحية.. ومش مثلا أسامح أو كده لا.. أنا لسه فاكرة الحاجات اللى أغضبتنى ونرفزتنى بالرغم من صغرها لحد دلوقتى
مشاعر الغضب
آه يا زهراء.. سؤال بسيط يحتاج لإجابة عميقة، ولأنك سألت سؤالك بهذه الطريقة؛ فأنت غالبا ستتمكنين من استيعاب ما سأقوله بإذن الله؛ فالغضب مشاعر طبيعية يشعر بها البشر، ولم يضعها الله تعالى فينا لنتجنب وجودها، أو حتى تنغص علينا عيشنا بحضورها ثم كبتها؛ فالله تعالى لا يفعل ذلك فينا، والبشر الذي منهم أنا وأنت وغيرنا نحتاج في الأصل للغضب.

فالغضب في حقيقته هي قوة وقدرة كلمة "لا"؛ وستمر علينا أحداث وضغوط وقرارات واختيارات وعلاقات ستحتاج منا قوة وقدرة قولنا لكلمة "لا"؛ فنحتاج أن نقول لا للمستغل والمسيء والظالم، ونحتاج لقول لا في اختيار من الاختيارات، ونحتاج أن نقول لأنفسنا في أوقات كثيرة لا.

الغضب إذن ليس أمرا قبيحا ولا مخيفا ولا يدل على إساءة الأدب، أو عدم حفظ الفضل لأصحابه حين نحتاج أن نقول لهم لا؛ فنحتاج أن نرى الغضب على حقيقته، وأن نعترف لأنفسنا بوجوده، ونقبل وجوده، ثم نسمح له بالخروج؛ أي نعبر عنه، وهنا يحدث اللبس بين مشروعية وجود الغضب جدا، وبين كيفية التعبير عنه؟ فالتعبير عن الغضب هو ما يجعل سمعته سيئة، وهو ما يجعل بعض الناس كالمجانين، وهو ما قد يسبب القطيعة، أو خلافات تمتد لسنوات أحيانا؛ وكل تلك الأمور السيئة تقع فقط بسبب التعبير غير الصحي لما نشعر به من غضب.

التعبير الصحي للغضب حتى يحدث يحتاج لفهم وإدراك حقيقي لكل ما قلته سابقا أولا "تماما"، ثم يحتاج منا ثانيا أن نتخلى عن" المعيلة"؛ فالعيل - وليس الطفل فهناك فارق كبير-حين يغضب وهو أقل وعيا ونضجا يصرخ ويخبط الأشياء ويكسر ويسب، ويغلق الأبواب من ورائه بعنف ويحقر ويجرح، وقد يتجاهل ويعند أو يغيظ، ولكن "الكبار" - من الداخل - يتصرفون تصرف الكبار؛ فيتحدثون فيما أغضبهم مع من سببوا لهم شعور الغضب مهما كان حجم وجودهم، ومهما كان الموقف صعبا؛ لأنهم يأخذون حقهم في التعبير عن غضبهم برقي، وبطريقة تجعل من أمامهم يتقبلون ما يقولون، وكأنهم يتحدثون لمن أغضبهم بالطريقة التي لو تحدث معهم آخرون فيما أغضبهم منهم لقبلوها، ويتخيرون الكلام فلا يكون فيه تجريح أو إساءة أدب، ورغم أدبهم يكونون في منتهى الوضوح والحسم، ويقولون الرسالة بوضوح تام، وبتأكيد مستقر جدا لحقوقهم، وعدم قبول أشياء لا يمكن أن يقبلوها، وحين يفعلون ذلك تماما؛ تصل رسالتهم بوضوح وقوة واحترام، ويشفوا من مشاعر الغضب؛ لأنها خرجت وتبددت، وحديثي هذا واقعي جدا.

ولكن لو حاولت أن تفعلي ذلك، ولم تتمكني؛ فتذكري أنك لم تقومي بالسير في طريق التعبير الصحي من أوله كما أوضحت، فلو بدأت مثلا بكتم مشاعر الغيظ؛ لتتحدثي بهدوء ووضوح لن تجني شيئا مما قلت، ولكن تحتاجين أولا أن تأخذ وقتك في التخلي عن "المعيلة" بصدق، وتري من داخلك كيف تفعل فيك، ومدى ما حققته لك على أرض الواقع، لو كانت غيرت شيئا بالأساس، وأن "تصدقي" أن من حقك أن تقولي لا، وأنك مسؤولة، وأنك تحترمين ذاتك وحقوقها، وتسمحين لها بالتعلم من الخطأ والفشل دون الإحساس بالذنب غير المبرر المعيق، وأعلم أن هذا يحتاج لجهد ووقت، ولكن الموضوع يستحق من أجلك أنت، وليس لأجل أي آخر، ويبقى فقط أن أترك لك تلك النقاط لتتذكريها:

* المشاعر عموما كالدخان في مكان مغلق، كلما أحكمنا إغلاقه، اختنقنا، وربما نموت، لذا خروجها هو أصح ما يمكن فعله لنحيا.
* نحن نحتاج أن نقول "لا" التي تجعلنا أنضج، وتساعد في نفس الوقت على نضوج من نواجهه، وتصل معها رسالة إيجابية تماما.
* من حقنا أن نخطئ ونفشل ونضعف، ليس حبا فيهم، ولا موافقة عليهم، ولكن لأنهم أدوات تعلم البشر، والبشر يخطئون ويضعفون ويفشلون، ولكن منهم من يتعلم ويتقدم للأمام، ومنهم من لا يتعلم أو لا يقبل أنه يخطئ؛ فيتجمد مكانه بلا حراك لسنوات وسنوات غارقا في مشاعر الذنب المعيقة القبيحة.. فالاختيار لك.
* العيل هو من يفعل كل ما ذكرته، ولكن الطفل هو أجمل ما فينا بتلقائيته وإبداعه وحركته وطاقته وحبه لنفسه ولمن حوله وبقدرته العميقة جدا السلسة جدا للتسامح.
* الرياضة المستمرة تساعد على التخلص من المشاعر السلبية المتراكمة، وبعض الأدوات الرياضية وجدنا أنها تساعد بعض الأشخاص في خروج الشحنة المتراكمة، وجلسات العلاج النفسي عن طريق الجسم بمساج متخصص دقيق، وغيره من هذا القبيل.
* حديثك عن شعور تراكم الغضب في بطنك هو حقيقي؛ فالمشاعر التي يتم كبتها يتم تخزينها في الجسم في أماكن مختلفة، وعلميا- على المستوى النفسي - البطن هي المكان الثاني الحاوي لمعظم تلك المشاعر، لذا ما قلته لك في النقطة السابقة ممكن أن يفيدك من خلال جسمك، أضيفي عليه التنفس بطريقة صحية، وتمارين الاسترخاء اليومية.
آخر تعديل بتاريخ
30 ديسمبر 2017

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.