ابني غارق بالديون وكثير الطلبات ولا أعرف السبب

عزيزتي؛

قبل أي حديث أو اقتراح أريد أولاً أن أقدم لك تحياتي وتقديري لمشاعركِ تجاه ابنك، ولهفة قلبك على إراحته، وأشعر بمدى الضغط الذي تمرين به بين رغبتك في إراحته  والعجز عن مساعدته، وهذا الوضع هو ما أحتاج فيه أن أوضح عدة نقاط ظهرت لي من خلال سطورك، منها:

• أن غضبه الكبير بالطبع يعود لديونه التي تقيده وربما تهدده، وكذلك يعني أن لديه مخزونا من الألم من مواقف غالباً لا تعلمينها قد تكون صحيحة أو غير صحيحة ولكنها لديه هو بداخله موجعة وتؤلمه، وفي أوقات كثيرة يغطي الإنسان ألمه بالغضب، وكلما كان ألمه كبيرا؛ زاد غضبه، وأقول لك هذا لتتفهمي ما يمر به من ألم وليس تبريراً لتصرفاته أو قراراته.
• لا أشجعك أبدا على  أن تستجيبي لعدم مسؤوليته تجاه اختياراته التي توقعه في الديون التي تصل لدرجة بيع أرض، أو البقاء دون خلق فرص عمل ليقوم بها ولو مبدئيا حتى يعمل في مجال ما يتمناه، فمن حقك أن تعرفي أسباب تلك الديون التي يحتاج لها المال، فهذا هو الأمر الطبيعي.
• كذلك إن اراد الزواج فمهم أن تعرفي ما هي خطته للقيام بتلك الخطوة لتعرفي ما هو بالضبط الذي يمكنك فعله، وهو كذلك ماذا سيفعل ليحقق هذا الهدف؟

اقرأ أيضاً

المبالغة تفسد التواصل الفعال وتدمر العلاقات

 لذا أقترح عليك:

• لا تخافي من غضبه وصوته وشكله واحتفظي بهدوئك لتوصيل رسالتك له بشكل سليم وحقيقي، حتى مع إصراره لعدم الحديث أو بعد انتهائه من كل الغضب الذي يخرجه، اثبتي مكانك وحدثيه بهدوء، عن أنك لا تتمكنين من مساعدته بسبب ما يفعله، وأنك تحتاجين أن تفهمي ما هي أسباب ديونه الكبيرة تلك ما دام يريد مساعدة وليس من الطبيعي أن تساعديه في أمر لا تعرفينه ولا تعرفين أبعاده ولا تعرفين لماذا تلك الديون تزداد ولا تنتهي بعد تسديدها، وأنه بالفعل يفعل ما يريده بطريقة تزعجك فهو باع الأرض فعلا وأخد المبالغ وكلما حاولتِ مساعدته ينهرك ويرفض ما تقدمينه له؛ لذلك أنت لا تتمكنين من مساعدته، كأني أريد أن أقول لك أن توصلي له بالود والترحاب في حديثك معه أنه هو من يوقف المساعدة التي يحتاجها؛ لأنك لا تملكين ما يريده ويحاسبك على ذلك، ويرفض أن تفهمي ما يمر به فكيف ستساعدينه؟
• فإن استجاب كوني رحيمة ودودة معه وطمأنيه أنك لست ضده، ولكن المبالغ الكبيرة تحتاج لتخطيط وتحتاج لمسؤولية، وأنت على استعداد للمساعدة من جهتك بما يمكنك القيام به وبقي أن تعرفي ما الذي يمكنه أن يقوم هو به أيضا لتتناقشا فيه أو تضعا له توقيتات وأن يخلق فرص عمل له ولو مبدئيا حتى يعمل في المجال الذي يحبه، فالتعاون هو الحل والديون ليست سوى حفرة يغرق فيها صاحبها ولا يتمكن من الخروج منها، وبمرور الوقت إن لم يتمكن من سداد ديونه؛ يتعلم الدائن ألا يساعد المستدين؛ لأنه يتعثر أو لا يحصل على ماله؛ فلن يجد حتى من يساعده.
•  فإن استجاب ستكون صفحة جديدة بينكما على أساس التعاون والتفاهم والمسؤولية وإن لم يلتزم بهذا فيعلم أنه هو من أوقف المساعدة وليس أي أحد آخر، وإن رفض؛ فاثبتي وقولي له بصوت واضح راسخ حين تهدأ يمكننا الحديث، وإن لم تتحدثا فلن تتمكني من مساعدته بلطف ورحمة، وإن لم تتمكني أبدا من ذلك، فلا تغرقي أنت في تلك الحيرة وهذا الضغط دون فائدة، فهو رجل في منتصف عمره يحتاج أن يكون مسؤولا وذا عقل ونضج إن لم يتمكن من الحصول عليه بما تقدمينه له الآن من يد التعاون والتفاهم؛ فيستجيب ولو بعد حين، وادعي له وعامليه دوما برفق حاسم وقلب ودود مع مسؤولية ووضوح، دمت بخير.