إساءات الطفولة من والدتي تدمر حياتي

أهلا وسهلا بك عزيزتي؛

أشعر بك يا ابنتي حين تتكالب عليك تلك المشاعر الصعبة لدرجة أن جهازك النفسي يحاول أن يجد مخرجًا آمنًا قدر الإمكان، فيختلق تلك الأحلام لعلها تهدئ من روعك، ولكن تتحول من كثرة ضغط تلك المشاعر لأحلام تعبر عما فعلته فيك تلك الإساءات، كالجروح والإيذاء وربما أكثر من ذلك، رغم أنها لم تحدث بهذا الشكل ولكنها تحمل أثر ما حدث من خلال تلك الأحلام.

والحقيقة أن ما تركته لنا في آخر رسالتك جعلني أشعر كأنك تغلقين البوابة الحقيقة القادرة على نجاتك من تلك الهجمات الشرسة من المشاعر، بطرق متخصصة لم يتعلمها إلا المعالج النفسي؛ لأنه يملك -بجانب تلك التقنيات المتخصصة- القدرة على خلق مناخ تشعرين فيه بالأمان الحقيقي لتخرج تلك المشاعر بشكل صحي وتنتهي، ويتمكن من قراءة علامات يقف عندها، أو يجعلك تتمكنين من المرور خلالها بطريقة لا تؤذيك في الجلسات أو بعدها.

فالمعالج مثل الجراح شديد التركيز القادر على احتواء أي مفاجآت، أو الخوض في مناطق يتمكن من التعامل معها بدقة تمكنه من فتح أماكن الألم بحسابات دقيقة، فيقوم بتنظيفها على أكمل وجه، ومن ثَمَّ يكون قادراً على إغلاق تلك الجراح بجدارة تجعل من تلك المناطق مكانًا آمنًا بلا نزيف أو نتوءات حين نتحسسها.

لذا أقول لك: إن بداية رحلتك تجاه التخلص من تلك المعاناة ستكون رحلة أقصر وأسهل من غيرك بكثير لصغر سنك، وكذلك كلما تمكنت من القيام بتلك الخطوة بصورة مبكرة؛ كان الأثر التراكمي لتلك الهجمات والأحلام أقل بكثير؛ لان ترك المعاناة من دون حلول يحولها لأكثر من مشاعر تداهمك أو أحلام يقظة مزعجة.

لذا ادعوك لمناقشة الأسباب التي تعيق تواصلك مع معالج لتجدي لها حلولا، ويمكنك مشاركتنا هنا إن أردت بتلك الأسباب لنفكر معاً كيف يمكنك إيجاد حلول، ولا أجد أدوات تساعدك بدرجة ما حتى تقومي بتلك الخطوة غير تلك النقاط:

•  التعرف على لحظات أو أماكن أو أشخاص تشعرين أثناء وجودك معهم، أو فيها، أنك في حالة هدوء وراحة ومشاعر سارة "تماما" من دون أي منغصات، لتكون تلك الأمور هي مصدرك الذي يدعم المشاعر الجيدة بداخلك، وكلما مارست ذلك على الأقل مرتين يوميا ؛ هدأ نظامك الداخلي بمرور الوقت، وفيه تستبعدين كل ما يشتتك من أجهزة أو أمور تقومين بها لتتخيلي نفسك داخل المصدر بكل التفاصيل الدقيقة التي تسبب لك مشاعر سارة، فإن كنت في مكان مثلا فيه أزهار، فتعمقي فيه لدرجة أنك تشمين روائحها وترين لونها وترين أثر الهواء عليها وترين نفسك جالسة فيه، وماذا ترتدين وماذا تسمعين، وهكذا مدة 5 دقائق في المرة، فالانتظام على ذلك بتعمق يهدئ بشكلٍ عام جهازك النفسي ويمكنك بمرور الوقت تبديل تلك الأحلام بهذا المصدر أو المصادر.
• القيام بنشاط حركي منتظم يوميا عالي الحركة، وليكن رقصاً في غرفتك على أقل إمكانية لمدة ربع ساعة متصلة، حتى تشعري أن جسمك أنهك وستجدين بعدها أن المشاعر والأفكار هدأت كثيرا جدا.
• يمكنك محاكاة عمل الغواصين لأثر البرودة في التهدئة، بأن تقومي بوضع وجهك مدة 30 ثانيه في ماء بارد جدا، قدر تحملك، وأنت تكتمين نفسك ولا تزيدي في الوقت عن ذلك أبداً؛ فتبدئين بأخذ نفس عميق ثم تكتمينه 30 ثانية داخل الماء البارد، ثم تستنشقين الهواء مره أخرى خارج الماء. هذا التمرين يهدئ جدا في وقت قصير، ويجعلك قادرة على الدخول في المصدر لتحصلي على فائدة أعلى منه؛ و كأن هذا التدريب يخفض حدة المشاعر لتتمكني من القيام بدخولك المصدر، فهو مساعد وقتي لينقلك من الحدة الشديدة إلى حدة تتمكنين فيها من عمل أمر آخر، فيساعدك على التحكم في ذاتك، ودمت بخير.