صحــــتك
04 سبتمبر 2018

أمي تلعب دور الضحية وكلنا نعاني

أمي ربة منزل ونحن 3 ذكور واب..  أمي دائما تشعر أنها ضحية أبي بسبب ذكرياتها مع أبي الأليمة من عشر سنوات عندما كان يضربها ويعاملها معاملة سيئة.. الآن أبي أصبح شخص آخر، واعتذر كثيرا عما فعله، ولكن مازالت أمي من الوقت للآخر عندما يحدث سوء تفاهم، ولو بسيط تشعله بذكريات أليمه ليست لها علاقة، وأنها كانت ضحيته، دائما تبحث عن المعاناة حتي تشعرنا بالذنب جميعا، وأننا لا نساعدها وأنها من ضحت لأجلنا وانها وانها وانها، بالرغم من أننا دائما نريد المساعدة لكنها ترفض، أصبحنا نشعر انها ترفض لكي تشعر انها ضحية، واننا مخطئون في حقها، الوضع سيء، وجميعنا متوترون.. لان الوضع كالقنبله الموقوت .. ويمكن ان يسوء الوضع من اي موقف عابر.
أمي تلعب دور الضحية وكلنا نعاني
أهلاً بك يا سعيد،
أقدر تماماً مشاعر الحزن لأجل والدتك، وعليها في نفس الوقت، وكذلك تخبط مشاعر اندهاشك مع ترددك في تصديق ما تجده من تصرفاتها، واكتشاف حقيقة واسم ما تمارسه والدتك والذي نسميه عندنا في المجال النفسي بـ "لعب دور الضحية".



والحقيقة أن من يرتدون هذا الدور لا يدرون أنهم يلعبون دوراً من الأساس؛ لأنه دور اضطروا للبقاء فيه لسنوات بسبب تعرضهم لظروف قاهرة في الغالب حدثت في نشأتهم، وتكررت بصور وخبرات مختلفة جعلتهم نفسياً يدمنون لعب هذا الدور تصوراً منهم أنهم يستحقونه، أو أنه الأفضل لهم.

هذا الدور ثقيل الظل مؤذٍ لصاحبه ولمن حوله، والتخلص منه يحتاج لوعي وبصيرة؛ لأنه يتطلب تغييراً في الأفكار والمشاعر، وبالتالي التصرفات، ويحتاج ممن حول الشخص أن يساعدوه في رؤية حقيقة اختيار هذا الدور برفق وتؤدة حتى لا يؤذوه؛ فيرد بالإساءة وترتبك العلاقات.

أكرر لك ثانية أن الغالب الأعم أن من يلعب هذا الدور لا يدري أصلاً أنه يلعب الدور الذي أدمنه، وأن التخلص منه لن يأتي بضغطة زر، وبما أنك تمكنت بوعي أن ترى تمسك والدتك بدور الضحية، وعدم قدرتها على تركه، فأولاً أنا أحييك على وعيك، وعلى مرونتك النفسية التي مكنتك من ملاحظة أن تغير والدتك هو تغير حقيقي.



* والآن سأقترح عليك أدوات المساعدة لها:
- دور الضحية هو تركة قديمة؛ لذا فحين تنفجر والدتك معكم، أو مع والدك، لا تكون في حالة ألم أو غضب من الموقف الحالي، ولكنها في حالة استدعاء - دون إرادة منها - لمواقف كثيرة تسبق كثيرا العشر سنوات، لذا يفيد معها التحدث بلباقة وحذر عن الماضي مع التلميح لخطأ ما حدث معها، وتقدير ما شعرت به واضطرت له؛ فهي تحتاج لشاهد على رحلتها.. شاهد لا يستطيع تغيير الماضي.. ولكنه قادر على الشهادة على ألم رحلتها السابقة.. يمكنه تقدير مشاعرها.. ويمكنه أن يقدر ويمتن لها لقدرتها على النجاح رغم تلك الصعوبات.
- البداية الأكبر في رحلة تغيير والدتك ستكون في مساعدتها بالتدرج والتكرار - دون يأس - في الإشارة المستمرة للجزء الخير/ الطيب/ الجيد في أي موضوع، وكلما كان بعيدا عن الدائرة القريبة منها كالزوج والأولاد؛ كلما كان أكثر تأثيرا في البداية.


- الإشارة لقدرتنا على الاختيار، وأننا دوما نختار، حتى لو تصورنا أننا لم يكن أمامنا سوى أمر واحد متاح، فهذا أيضا اختيار، واسمه اختيار إكمال المسير فيما نحن فيه؛ لأنه كان هناك اختيار آخر، ولكننا لم نختره لنفس الأسباب التي نعاني منها الآن في الغالب - فقد تختار زوجة البقاء مع زوج مزعج حتى لا تخرب البيت، أو من أجل نفسية الأولاد، أو لأنها لا تجد لها مأوى آخر، أو من أجل النقود، وتثبت الأيام أنها تعاني وأولادها نفسيا، وأن عمار البيت في روحه وفي الحب والتفاهم، وأن جهد الحياة مع موارد أقل أكثر راحة من معاناة مستمرة مع نقود أكثر، ومن ضمن الاختيارات تثبيت نفسها عند مرحلة الأذى السابقة في علاقتها بوالدك رغم اعتذاره، وتغيره بالفعل، وهنا توجد أسئلة مهم توجيهها لها.. ما الذي تحتاجينه منه لتتمكني من مسامحته؟ ما الذي سيحدث لو سامحتيه؟ فكثيرا ما يصعب على دور الضحية أن تفرط في إحساس الضحية خوفاً من أن تفقد العطف على حالها؛ فتكون المسامحة في غاية الصعوبة؛ لأن المسامحة ستفقدها من وجهة نظرها الانتباه لتضحياتها، وهنا نتعلم أن تقدير دورها، والكلام الطيب رغم عنفها المتوقع؛ سيكون له أثر.
- دور الضحية له درجات، وحديثي معك يتناسب مع الدرجة التي لم يغرق فيه الشخص لدرجة صعوبة شديدة تمنعه من رؤية أي أمر جيد، فإن كانت هذه حالة والدتك الكريمة؛ فلا تتورط أنت في دور آخر شهير اسمه "دور المنقذ"؛ فكلنا مسئول عن اختياراته، وكل له وعي يمكن زيادته ونضوجه، ولكن في الحالات الشديدة نحتاج لتدخل متخصص بتكنيكات متخصصة تساعد صاحبها، وليس هذا دورك يا ولدي، ولكن دور المعالج النفسي.



- لدي الكثير فيما يخص دور الضحية، ولكن لا أجد فائدة من ذكره لك، ولكن أهم ما يمكنني قوله هو ألا تسمح لمشاعر التقصير والذنب التي تصدر منها أن تفعل مفعولها بداخلك؛ فرغم أن الشعور بالذنب وأولاد عمومته من التقصير، واللوم، والتأنيب، وغيره ليست مرضا نفسيا في حد ذاته؛ إلا أن وجود هذه المشاعر يوفر مناخاً ثرياً ومغرياً جداً للعديد من الأمراض النفسية كالاكتئاب، والقلق، وفقدان الثقة بالنفس، وغيره، وهذه هي مسئوليتك الذاتية التي لن يقوم بها أي أحد بدلا عنك؛ فانتبه أن تتحرر من تلك المشاعر؛ لأنها معطلة.
- قد تشعر ببعض الغضب بعد معرفتك بما قلته لك، ولكن يمكنك التعبير عن مشاعرك تلك معها في توقيت مناسب بنبرة مناسبة في موقف مناسب؛ فتتحدث من داخلك أنت مثلا وتقول: "أنا أشعر بقلق مستمر؛ لأني احتاج للتعرف على ما يحزنك أو يزعجك.. فعدم معرفتي تجعلني أحزنك وأزعجك بدون قصد مني.. أنا أتألم حين أجدك لا تغيري نظرتك لحياتك وترفضين الاستمتاع بوقتك.. أو أنا احتاج لهدوء يساعدني على التركيز في كذا وأحتاج منك مساعدة في ذلك"، وهكذا فلا اتهام، ولا حديث عنها هي بشكل مباشر، أو حين تجد صعوبة في التواصل معها اقترح اقتراح هادئ بالتواصل مع متخصص يساعدها في تجاوز محنة السنوات الماضية حبا منك لها، ولأنها تستحق الراحة والفرحة.



وقد تحتاج في وقت ما أن تتحدث بحسم مهذب عن رفضك لموقف لها رغم تقديرك واحترامك لرحلتها؛ فلا تجعل حزنها أو غضبها، أو ضغطها يسيطر على اختياراتك، أو قراراتك في أي شيء ما دمت لا تجد له سببا يقنعك، وأفعل ذلك وانت سامح لنفسك أن تتعلم من اخطائك ومن ضعفك؛ لأنها حقيقة الحياة، ومشوار تأكيد ذاتك، دمت طيبا.
آخر تعديل بتاريخ
04 سبتمبر 2018

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.