صحــــتك

الأدوية الذكية في طريقها لعلاج أمراضنا

الصورة
avatar
الأدوية الذكية
طالما أنه يوجد أمراض إذاً فنحن بحاجة للأدوية حتى نتماثل للشفاء، ومعظم أنواع الأدوية التي نتناولها ذات منشأ كيميائي. لكن للأخيرة مشكلات الأعراض والتأثيرات الجانبية التي قد تنشأ عنها. لذلك كان لا بد من ابتكار أدوية "أكثر ذكاءً" تتفادى هذه المشكلات، بحيث أنها تتخفى عن إنذارات الجهاز المناعي وتستقر في الخلايا المريضة أو الممرضة فقط.

يقود ثورة الأدوية الذكية ما اصطلح الأطباء والباحثون على تسميته (بطب النانو) والنانومتر هو جزء من بليون من المتر، وهو يعادل قطر خلية دمٍ حمراء. سنتعرف في هذا المقال على تطبيقات لبعض أنواع من الأدوية الذكية النانوية التي ستأخذ طريقها قريباً جداً طريقها للسوق.

* مواجهة ذكية مع السرطان
أمراض السرطان شرسة تنهك الجسد وتؤثر على الجانب النفسي للمصابين بها، وتجعل معاناتهم مزدوجة، مما يزيد من تعقيد مهمة الطبيب المعالج الذي يحمل على عاتقه علاج المريض جسدياً والتخفيف عنه من الناحية النفسية، ومده بالقوة والتحمل لمواجهة المرض والوقوف في وجهه.

وتحظى أمراض السرطان بحصة الأسد من الأدوية الذكية - وذلك كما يقول الخبراء - لأن من مشكلات أدوية العلاج الكيميائي الخاص بأمراض السرطان أنها تعاني مشكلة التمييز بين الخلايا الورمية والسليمة، وقد تسقط حمولتها على الخلايا السوية لتسبب تأثيرات جانبية بغيضة، وتترك خلايا السرطان القريبة من دون تأثير. وقد تتلقى الخلايا الخبيثة أيضاً المساعدة من سلاح دفاع الجسم الخاص، الجهاز المناعي، الذي غالباً ما يخطئ في التمييز بين الأدوية المضادة للسرطان والبكتيريا الضارة أو غيرها من الغزاة الغريبين عن الجسم، فيقوض هذه الأدوية ويبطل مفعولها، حيث تحال القطع المحطمة إلى نفايات الجسم في الكبد والكلى والطحال، قبل أن تصل إلى هدفها المقصود (الخلايا السرطانية). وحتى عندما تستطيع الأدوية الوصول إلى الورم، فإنّ العديد، منها يقع في شَرك الكتلة الخبيثة الكثيفة ضعيفة النمو؛ فيفقد قدرته على اختراق الورم بالكامل.

وقد وجد الباحثون أن وضع المادة الدوائية في غلاف أصغر بــ 200 مرة من حجم خلية الدم الحمراء، وجعلها تتوجه نحو الخلايا الهدف سيقلل من الآثار الجانبية، ويزيد من فعالية القضاء على السرطان، وقد تم اختبار هذا النوع على سرطان الثدي والبنكرياس في جامعة طوكيو وجاءت بنتائج جيدة جداً.

تصل نسبة فائدة الأدوية الذكية الحالية في القضاء على الخلايا السرطانية الخبيثة إلى 70%، وباقي النسبة يستخدم فيها أدوية أخرى لتفعيل العلاج، كما أن كلفة الإبر الذكية مرتفعة جداً.

على المستوى العربي ربما تكون مدينة خليفة الطبية في أبوظبي من أول المراكز الطبية التي تستخدم الأدوية الذكية في معالجة الأمراض السرطانية.

* ضمادات ذكية
إحصائياً؛ يعاني في الولايات المتحدة الأميركية لوحدها فقط أكثر من ستة ملايين شخص من سوء اندمال الجروح، مع تكاليف طبية تقدر بنحو 24 بليون دولار. والأشخاص المصابون بجروح كبيرة أو حروق تحتاج لتطعيمها بنسج سليمة توصل الأوعية الدموية بالجلد الجديد. وهذا الأمر يتطلب ضمانة تزويد النسيج الجديد بالأكسجين حتى ينجح. وقد كانت تقنيات مراقبة مستويات الأكسجين التقليدية المكونة من أقطاب إبرية needle electrodes مؤلمة وتعطي قراءات من نقطة واحدة فقط من جرحٍ كبير.

في حين أن الضمادات النانوية الجديدة كانت تقدم خريطةً فورية لمستوى الأكسجين في الجرح بكامله. ويقوم مبدأ عملها على وجود صباغين ممزوجين ضمن ضماد سائل سريع الجفاف يمكن فرشه على الجروح. وأي تسليط قصير الأمد لضوء أزرق ينشط الصباغين فيومضان: حيث يعطي الصباغ الأول توهجات حمراء ناصعة، والآخر توهجات خضراء. وتعمل جزيئات الأكسجين على إطفاء ومضات الصباغ الأحمر، ولذا سيبدو الضماد أخضر اللون إذا كان النسيج المجاور مغموراً بالأكسجين وصحيا. أما إذا حُرمت مناطق من الجرح من الأكسجين، فستلمع من خلال الضماد بقع بالون الأصفر فالبرتقالي، ومن ثم الأحمر المنذر بالخطورة.

لن يقتصر دور هذه الضمادات على كشف مستويات الأكسجين وحسب، وإنما ستقوم بإيصال الأدوية المهندسة نانوياً. فقد تم تطوير طلاءات تطلق ببطء جزيئات من الـ RNA أو بروتينات يمكنها إيقاف نشاطات خلوية معينة قد تعيق شفاء الجروح. وقد وجد أن هذه الضمادات تضمن معالجةً ثابتة للجروح. ويقوم الباحثون باختبار هذه الضمادات على مرض الشريان التاجي (الإكليلي) الذي يسببه تراكم لويحة في الأوعية الدموية التي تحمل الدم خلال عضلة القلب. كما يتم اختبارها لإيصال جزيئات حيوية تسمى (ببتيدات) تقاطع "المحادثات الكيميائية" بين الجراثيم. حيث يمكن بفضل هذه الأخيرة لا تستطيع الجراثيم الانضمام لتشكيل الطبقات الحيوية القاسية التي تقاوم فصلها بالمضادات الحيوية.

* انتبه! الدواء يراقبك
كثير منا يترك الدواء مجرّد أن يشعر شخصياً بأنه قد تماثل للشفاء، لكن الجيل الجديد من الأدوية "سيشي بك" ويخبر من يهمه الأمر بأنك لم تتناوله.
حيث تخطط إحدى شركات الأدوية الأميركية لإنتاج دواء «ذكي» يُمكنه أن يُنذر الطبيب بأن المريض لم يتناول دواءه. وتنتظر الشركة موافقة «إدارة الدواء والغذاء» الأميركية للبدء بإنتاج هذه الحبوب الذكية، بحسب ما ذكرته صحيفة "الحياة اللندنية".

ونشرت صحيفة «واشنطن اغزامنر» أن الشركة التي تنتج دواء «ابيليفاي»، لعلاج حالات مثل الفصام والاضطراب ثنائي القطب والاكتئاب الشديد، تنتظر موافقة السلطات الأميركية في نيسان (أبريل) 2016، لإدخال شريحة في حبوب الدواء لتنبيه الأطباء إذا لم يتناول المريض دواؤه في الوقت المحدد. ولدى الموافقة على طلب الشركة، سيصبح دواء «ابيليفاي» أول دواء رقمي ذكي في الأسواق، ومن الممكن أن يحسن بشكل كبير التقيد بتعليمات الأطباء، خصوصاً من قبل بعض المرضى الذين يجدون صعوبة في ذلك.

ويعتبر الأطباء «ابيليفاي» من أكثر الأدوية مبيعاً في الولايات المتحدة لأكثر من عقد من الزمن. ويعتزم صانعو الدواء إبرام شراكة مع شركة لصناعة أجهزة الاستشعار الصحية، وأخذ الموافقة عليها من «إدارة الغذاء والدواء» الأميركية، لتدرج ضمن ما يسمى الأدوية الرقمية، كنوع جديد من أنواع الأدوية.

وفي العام 2013 استخدمت أجهزة استشعار توضع على جلد المريض، لاستخدامها في قياس ضربات القلب ودرجة الحرارة والنشاط وأنماط النوم. لكن، وللمرة الأولى، سيصبح بمقدور الأطباء متابعة مرضاهم وقياس مدى التزامهم بأخذ الدواء من خلال دمج أجهزة الاستشعار مع حبة دواء «ابيليفاي»، وغيرها من الأدوية في المستقبل.

ووجد باحثون من جامعة كولومبيا، في العام 2005، أن 74 % من المرضى المصابين بالذهان يتوقفون عن تناول علاجهم قبل 18 شهراً من المدة المحددة لذلك. لكن مع الأدوية الذكية، قد يلتزم هؤلاء بتناول علاجهم بسبب الإشراف المباشر والمستمر من أطبائهم، ما سيؤثر بشكل إيجابي على علاجهم.

في هذه الحالات فإن الأدوية الذكية ستكون مفيدة للأطباء وللمحاكم كذلك، خصوصاً لمن يعانون من الاختلال العقلي، لضمان مراقبة سلوكهم والتزامهم. إذ هناك خمسة برامج تقرها المحاكم في الولايات المتحدة ليستطيع القاضي الحكم على المخالفين الذين يعانون من أمراض عقلية شديدة، ومن خلال الأدوية الذكية يستطيع القاضي معرفة مدى التزام هؤلاء بشكل أسهل وأدق.


اقرأ أيضا:
مقاومة المضادات الحيوية.. الإنسان يدمر دواءه


المراجع
Nanoparticle PEGylation for Imaging and Therapy. Jesse V. Jokerst et al. in Nanomedicine, Vol. 6, No. 4, pages 715–728; June 2011. www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/
articles/PMC3217316

Nanomedicine: Towards Development of Patient-Friendly Drug-Delivery Systems for
Oncological Applications. R. Ranganathan et al. in International Journal of
Nanomedicine, Vol. 7, pages 1043–1060. Published online February 23, 2012. www.ncbi.
nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3292417

Progress of Drug-Loaded Polymeric Micelles into Clinical Studies. Horacio Cabral and
Kazunori Kataoka in Journal of Controlled Release, Vol. 190, pages 465–476;
September 28, 2014.

http://www.alwasatnews.com/news/1041234.html
Scientific American, April 2015

آخر تعديل بتاريخ
02 أكتوبر 2016

قصص مصورة

Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.