الشعير هو واحد من أقدم الغلال التي استخدمها الإنسان الأول في غذائه وفي صناعة الخبز، كما أنه شكَّل أحد المحاصيل الأساسية في العصور القديمة، في منطقة الهلال الخصيب قبل 8 آلاف سنة وعند الفراعنة قبل 5 آلاف سنة. والشعير نبات عشبي حولي ينتمي للفصيلة النجيلية، وغير صالح للأكل مباشرة إلا بعد إزالة الألياف والقشرة الخارجية منه، ويملك نباته سيقاناً منتصبة مكونة من عقد مُصمتة بينها عقد داخلية مفرغة، وتعلو سيقان النبات سنابل أسطوانية الشكل تُنتج كل منها ما يقارب 20 إلى 60 حبة شعير، ويُمكن أن يتراوح ارتفاع النبات بين 80سم إلى 100سم، فما فوائد الشعير وما قيمته الغذائية وما أهم استخداماته؟
تاريخ الشعير وأماكن زراعته
تتركز زراعته في المناطق المعتدلة في فصل الشتاء وفي المناطق الشمالية الباردة في فصل الربيع، إذ يملك مقدرة على تحمل الملوحة والجفاف، بالمقارنة مع محاصيل الغلال الأخرى. يغطي الشعير نحو 70 مليون هكتار من الأراضي الزراعية حول العالم، إذ تستحوذ روسيا على القدر الأكبر من هذه المساحة.
يحتل الشعير المرتبة الرابعة بين أكثر الغلات الزراعية إنتاجاً في العالم في 2017، بعد الأرز والقمح والذرة، وتحل روسيا على رأس الدول المنتجة، تليها كل من أستراليا وكندا والمملكة المتحدة وتركيا، وتعتبر روسيا أيضاً من أكثر الدول استهلاكاً للشعير في العالم، تليها كندا ثم أوكرانيا. وفي حين يتم استهلاك نحو 70% من الشعير كعلف للحيوانات، تذهب النسبة المتبقية لاستخدامات الإنسان الغذائية المختلفة، مثل الخبز والعصيدة والحساء ومنتجات الأدوية.
استخدامات الشعير
يعد من الحبوب الإستراتيجية التي تدخل ضمن مواد الأمن الغذائي للبشر وللحيوانات على حد السواء، ويدخل في العديد من الصناعات الغذائية والأطعمة مثل أغذية الأطفال وحبوب الإفطار، أو يتم خلطه مع طحين القمح للخبز، كما يمكن استخدامه في الحساء، والصلصات، وشراب الشعير، ويستخدم مستخلصه في المخبوزات لتحسين الملمس والحجم والطعم واللون النهائي لها، كما يُستخدم في صناعة علف المواشي لكونه ذا قيمة غذائية عالية تضاهي العلف المصنوع من لب الذرة.
القيمة الغذائية لحبوب الشعير
يحتوي على كميات عالية من العديد من الفيتامينات والمعادن، ولكن محتواه من الألياف هو ما يجعله مميزاً، إذ يحتوي على نوع خاص من الألياف يسمى بيتا غلوكان إذ أن 100 غرام من الشعير يحتوي على:
العنصر الغذائي | الكمية |
طاقة | 345 سعرة حرارية |
بروتينات | 12.48 جراما |
كربوهيدرات | 73 جراما |
ألياف | 17.3 جراما |
كالسيوم | 44 ملليجراما |
حديد | 3.6 ملليجرامات |
مغنيسيوم | 133 ملليجراما |
فسفور | 264 ملليجراما |
بوتاسيوم | 452 ملليجراما |
زنك | 2.77 ملليجرام |
ثيامين | 0.646 ملليجرام |
نياسين | 4.6 ملليجرامات |
الفيتامين ب6 | 0.31 ملليجرام |
الفولات | 19 ميكروجراما |
فوائد الشعير الصحية
عندما تستمتع بالشعير كجزء من نظام غذائي صحي، فأنت بذلك تعد نفسك لجني هذه الفوائد المحتملة، نسرد لكم أهم فوائد الشعير الصحية كالآتي:
-
خفض مستويات السكر
عادةً ما تسبب الأطعمة التي تحتوي على نسبة منخفضة من الألياف ونسبة عالية من السكر ارتفاعًا سريعًا في نسبة الغلوكوز في الدم (السكر)، يستجيب جسمك لهذا الارتفاع في السكر عن طريق إطلاق الإنسولين، وهو هرمون يعمل على خفض نسبة السكر في الدم بمرور الوقت، يمكن أن تؤدي هذه العملية المتكررة إلى الإصابة بمرض السكري، ولكن الشعير يمكن أن يساعد في كسر هذه الدورة.
وقد أظهرت الدراسات أن استهلاكه يمكن أن يساعد في تنظيم مستويات السكر في الدم، مما قد يمنع حدوث طفرات في الجوع والرغبة الشديدة في تناول الأطعمة السكرية وتتحلل الكربوهيدرات المعقدة الموجودة في الشعير ببطء، مما يضمن إطلاقًا ثابتًا للطاقة ويمنع الارتفاع المفاجئ في نسبة السكر في الدم.
-
يخفض الكوليسترول في الدم ويعزز صحة القلب
من فوائد الشعير أن له آثارًا مفيدة على صحة القلب، فقد وجدت الدراسات أن تناوله يمكن أن يساعد في خفض مستويات الكوليسترول، مما قد يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، ويرجع ذلك إلى الألياف القابلة للذوبان الموجودة في الشعير، والبيتا غلوكان، والتي تساعد خفض مستويات الكوليسترول السيئ (LDL).
ويحدث ذلك عن طريق ارتباط البيتا غلوكان بالعصارة الصفراوية وطرحها خارج الجسم مع البراز، إذ إن العصارة الصفراوية تتكوّن في الكبد من الكوليسترول، وبالتالي يستهلك الجسم المزيد من الكوليسترول لكي يتم إنتاج المزيد منها، مما يقلل من كمية الكوليسترول الموجودة في الدم.
ذكرت مراجعة نُشرت في مجلة European Journal of Clinical Nutrition عام 2016، وضمت 14 تجربة، أن أخذ جرعة من الشعير بين 6.5 و6.9 غرامات يوماً، مدة أربعة أسابيع، قلل من مستويات الكولسترول الضار لدى المشاركين بنسبة ملحوظة، وتحتوي الحبوب أيضًا على مضادات الأكسدة التي يمكن أن تساعد في منع تكوين الترسبات في الشرايين، والتي يمكن أن تؤدي إلى أمراض القلب ويساعد وجود الفيتامين ب6 وحمض الفوليك في الشعير على تقليل مستويات الهوموسيستين، وهو عامل خطر للإصابة بأمراض القلب.
-
المساعدة في إنقاص الوزن
لأنه طعام منخفض السعرات الحرارية وغني بالألياف، فقد يساعد في إنقاص الوزن، ويمكن أن تساعدك الألياف الموجودة فيه على الشعور بالشبع لفترة أطول، مما يقلل من الرغبة في تناول الأطعمة غير الصحية، ويمكن أن يكون تناول الأطعمة الغنية بالألياف، مثل الشعير، جزءًا استراتيجيًا من خطة إدارة الوزن، لأنه يوفر شعورًا بالامتلاء مع سعرات حرارية أقل.
-
فوائد الشعير في تقليل الالتهاب
يحتوي على مضادات الأكسدة، بما في ذلك الأحماض الفينولية والفلافونويدات، التي لها خصائص مضادة للالتهابات ويمكن أن تساعد مضادات الأكسدة هذه في تقليل الالتهابات في الجسم، والتي يمكن أن تؤدي إلى مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية، مثل أمراض القلب والسرطان، إذ يعد الالتهاب المزمن عاملاً حاسماً في العديد من الأمراض، وقد تلعب الخيارات الغذائية دورًا مهمًا في إدارة مستويات الالتهاب.
قد يساعد استهلاكه على خفض مستويات علامات الالتهابات في الجسم، مما يعزز الصحة العامة. ومضادات الأكسدة الموجودة فيه لا تحارب الالتهابات فحسب، بل تحمي الخلايا أيضًا من الإجهاد التأكسدي المرتبط بالشيخوخة والأمراض المختلفة، وقد يساعد دمج الشعير في نظام غذائي متوازن في تخفيف الاستجابات الالتهابية ودعم الصحة على المدى الطويل.
-
فوائد الشعير لصحة العظام
يعتبر مصدراً جيداً للعديد من المعادن الضرورية لصحة العظام، مثل الكالسيوم والفوسفور والمغنيسيوم، وتلعب هذه المعادن دورًا حاسمًا في الحفاظ على عظام قوية، ويمكن أن تساعد في الوقاية من حالات مثل هشاشة العظام، ويعد تناول كمية كافية من هذه المعادن ضروريًا طوال الحياة لدعم نمو العظام وتقليل خطر الإصابة بالكسور.
بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الشعير على السيليكون، وهو معدن معروف بزيادة كثافة العظام وقوتها، ويلعب السيليكون دورًا في تكوين الكولاجين الذي يربط العظام، مما يعزز متانة العظام ومرونتها، وقد يكون تضمينه في نظامك الغذائي مفيدًا للحفاظ على صحة العظام مع تقدمك في العمر.
-
فوائد الشعير لصحة الجهاز الهضمي
يعتبر الشعير مصدراً جيداً للألياف التي يمكن أن تساعد على الهضم، ويمكن أن تساعد الألياف الموجودة فيه على الوقاية من الإمساك، مما يساعد في الحفاظ على صحة الأمعاء وانتظامها، ويمكن أن ترتبط الألياف أيضًا بالسموم والفضلات الموجودة في الأمعاء، مما يساعد في إزالتها من الجسم. ويحتوي الشعير أيضًا على البريبايوتك، وهي كربوهيدرات غير قابلة للهضم يمكن أن تحفز نمو البكتيريا المفيدة في الأمعاء، مما يساهم في نظام بيئي هضمي صحي.
من فوائد الشعير احتواؤه على الألياف التي قد تساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان المعدة، فقد ذكر تحليل إحصائي نُشر في مجلة Gastroenterology عام 2013، لـ21 دراسة وجد فيها أن تناول 10 غرامات من الألياف يوميًا، قد يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بسرطان المعدة بنسبة 44%، وما تزال هناك حاجة للمزيد من الدراسات حول ذلك.
فوائد الشعير المغلي
إذا كنت لا ترغب في تناول الشعير، يمكنك تجربة شرب ماء الشعير أو صنع شاي الشعير، فإن ماء الشعير هو مشروب شعبي يتم تحضيره عن طريق غلي حبوب الشعير في الماء، إنه منعش ومغذٍ ويمكن تناوله ساخنًا أو باردًا.
ولتحضير ماء الشعير، أضف كوبًا واحدًا من الشعير إلى 3 أكواب من الماء، واتركه حتى يغلي، ويترك على نار خفيفة لمدة 3 دقائق، ثم يصفى ويترك ليبرد قبل الشرب. يحتوي ماء الشعير غير المصفى على نفس الألياف والعناصر الغذائية التي تحصل عليها من تناول الشعير، لذا فهو بالتأكيد خيار صحي. ماء الشعير مرطب ويحتفظ بالعديد من العناصر الغذائية، وقد تم استخدام هذا المشروب تقليديًا لفوائده الصحية، بما في ذلك تحسين صحة المسالك البولية وتبريد الجسم أثناء الطقس الحار.
محاذير استخدامه
يجب على أولئك الذين يعانون من مرض الاضطرابات الهضمية أو عدم تحمل الغلوتين تجنبه، لأنه يحتوي على الغلوتين، وتجدر الإشارة إلى أن الشعير يحتوي على مضادات التغذية التي تُضعف من عملية الهضم، وامتصاص بعض المواد الغذائية؛ كالكالسيوم والزنك والحديد والنحاس، ولكن من جهة أخرى يمكن التقليل من تأثير هذه المضادات ورفع معدل امتصاص المواد الغذائية عن طريق إنبات الشعير أو نقعه.
وفي حين أنه مغذٍ ويُعد تناوله غالبًا آمناً لمعظم الأشخاص، فمن الضروري استهلاكه باعتدال وكجزء من نظام غذائي متوازن، وقد يعاني بعض الأفراد من الانتفاخ أو رد فعل تحسسي كصعوبة في التنفس أو ظهور طفحٍ جلدي تجاهه، كما يُعد غالبًا آمناً عند تناول المرأة الحامل له بالكميات الموجودة في الغذاء، لكن لا توجد معلومات كافية حول أمان تناول المرأة المُرضع له، ولذا يفضل تجنبه خلال هذه الفترة أيضاً.
الأسئلة الشائعة
ما فوائد شرب الشعير المغلي؟
شاي الشعير هو مشروب شائع خاصة في الدول الآسيوية، ومعروف بفوائده الصحية العديدة، ويتم تحضيره عن طريق تحميص حبوب الشعير ثم نقعها في الماء الساخن، يمكن تقديم شاي الشعير ساخنًا في الأشهر الباردة أو باردًا خلال فصل الصيف. يوفر شاي الشعير بعض العناصر الغذائية مثل الفيتامينات والمعادن، ولكن ربما ليس بقدر ماء الشعير، ويعتقد أيضًا أن له تأثيرًا مبردًا على الجسم لذا، عندما يتعلق الأمر بماء الشعير أو الشاي مقابل تناول الشعير، فاتبع تفضيلاتك وتجنب استهلاك كميات زائدة من أي منهما.
هل من الصحي تناول الشعير كل يوم؟
يمكن لمعظم الناس تناول حصة من الشعير أو شرب بعض ماء الشعير عدة مرات في الأسبوع بأمان، ولكن مثل أي طعام، فإن الاعتدال هو الأفضل. يحتوي الشعير وماء الشعير وشاي الشعير على الغلوتين، فإذا كنت تعاني من مرض الاضطرابات الهضمية أو عدم تحمل الغلوتين، فابتعد عنه.
ما فوائد الشعير للكلى والمسالك البولية؟
يساعد ماء الشعير على الحفاظ على درجة حموضة البول الطبيعية، ويمنعه من أن يصبح حامضاً، كما أنه يساعد على تنظيف الكلى ويقلل من إفراز الكالسيوم في البول، وكذلك خفض مستويات حمض اليوريك والفسفور.
نصيحة من موقع صحتك
الشعير غني بالألياف وخاصة بيتا جلوكان، والذي قد يخفص مستويات الكوليسترول والسكر في الدم، كما قد يساعد على إنقاص الوزن وتحسين الهضم. ويعد الشعير الكامل المقشور أكثر تغذية وقيمة غذائية من الشعير المكرر المقشور، ويمكن إضافته بسهولة إلى النظام الغذائي، ولكن يجب الحذر عند تناوله خاصة لدى الأشخاص الذين يعانون من عدم تحمل الغلوتين، أو الذين يعانون من رد فعل تحسسي تجاه الحبوب الكاملة، ومنها القمح والشعير وغيرها.