وجدت دراسة سابقة أن مكملات الكيتون تقلل من تركيزات الجلوكوز في الدم بعد الأكل لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني، ودعت إلى إجراء أبحاث حول الفوائد المحتملة الأخرى للعلاج، وأجريت هذه الدراسة الجديدة من قبل باحثين في جامعة بورتسموث في المملكة المتحدة للإجابة على سؤال: هل شرب الكيتونات يحسن صحة القلب وهل الكيتوزية هي المسؤولة عن الفوائد لصحة القلب؟
مرض السكري والكيتوزية
يؤثر مرض السكري من النوع الثاني بأعداد متزايدة على الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وتحدث الإصابة بالمرض عندما تنخفض استجابة الجسم للإنسولين، وهو الهرمون الذي يتحكم في مستويات الجلوكوز في الدم، فعندما لا يعمل الإنسولين بشكل صحيح، يبقى الجلوكوز في الدم بدلاً من أن يدخل إلى خلايا الجسم لاستخدامه في إنتاج الطاقة. يؤدي عدم التحكم بشكل صحيح في مستويات الجلوكوز في الدم إلى مضاعفات قد تشمل أمراض القلب والأوعية الدموية.
تهدف علاجات داء السكري من النوع الثاني إلى تقليل مستويات الجلوكوز في الدم، ويبدو أن أحد هذه العلاجات المعروف بمثبطات ناقل الصوديوم-الجلوكوز المشترك-2 (SGLT2i) يحمي القلب أيضًا، وربما يقوم بذلك عن طريق تحفيز الكيتوزية، وهي حالة يَستخدم فيها الجسم الدهون بدلاً من الكربوهيدرات كمصدر للطاقة، إذ يقوم الكبد بتحويل الدهون إلى كيتونات تقوم الخلايا باستقلابها لإنتاج الطاقة، ولهذا أجريت هذه الدراسة الجديدة لمعرفة فيما إذا كان شرب الكيتونات يحسن صحة القلب.
تفاصيل الدراسة
في الدراسة التي نُشرت نتائجها في مجلة (Journal of Applied Physiology) في 12 فبراير 2025، شارك فيها 13 شخصًا، منهم ستة رجال وسبع نساء، وكان متوسط عمر المشاركين 66 عامًا، بينما بلغ متوسط مؤشر كتلة الجسم لدى المشاركين 31.3، وكان متوسط مؤشر كتلة الجسم لدى 4 منهم فقط في النطاق الصحي (أقل من 25)، وكانوا جميعاً مصابين بالنوع الثاني من داء السكري، ولكن لم تكن لديهم حالات مرَضية أخرى مهمة مرتبطة به.
حضر جميع المشاركين جلسة لإجراء فحوصات الدم وتخطيط كهربية القلب أثناء الراحة وتعريفهم بآلية الدراسة. لدراسة ما إذا كان شرب الكيتونات يحسن صحة القلب أُعطي المشاركون في كل زيارة من الزيارتين التجريبيتين إما مشروبًا أحادي الكيتون (0.3 مل/كجم)، أو مشروبًا وهميًا مماثلًا، وتناول كل مشارك مشروب الكيتون مرة واحدة والمشروب الوهمي مرة واحدة، ولكن لم يعرف الباحثون ولا المشاركون مَن الذي تناول المشروب في كل زيارة.
طُلب بعدها من المشاركين الاستراحة لمدة 30 دقيقة قبل إجراء اختبار ركوب الدراجات الهوائية بسرعات متزايدة، وقاس الباحثون وظائف القلب باستخدام تخطيط القلب بالمعاوقة الصدرية، وهي إجراء غير باضع لتقييم النتاج القلبي وحجم النبضة (مقدار ما يدفعه البطين من دم في النبضة الواحدة). قاس الباحثون أيضاً تدفق الدم في الأوعية الدموية الأصغر حجماً، بالإضافة إلى أكسَجة العضلات.
شرب الكيتونات يحسن صحة القلب
لاحظ الباحثون وظائف أفضل للقلب لدى كل المشاركين بعد تناولهم مشروب الكيتون مقارنةً بالعلاج الوهمي، سواء عند الراحة أو عند القيام بتمارين رياضية معتدلة، وقد وجد الباحثون أنه بعد العلاج بالكيتون، لم يقتصر الأمر على زيادة نسبة حَمْض البيتا هيدروكسي بوتيريك في الدورة الدموية (التي تحمل الطاقة من الكبد إلى الخلايا) فحسب، بل كانت هناك أيضًا زيادة في كل من النتاج القلبي وحجم الدم في كل نبضة من القلب.
قد تتمثل الآلية التي من خلالها شرب الكيتونات يحسن صحة القلب في أن الكيتونات الخارجية هي مصدر طاقة عالي الكفاءة للقلب، فهي تنتج كمية أكبر من الأدينوسين الثلاثي الفوسفات لكل جزيء من الأكسجين مقارنةً بعملية التمثيل الغذائي للجلوكوز، وقد تقلل من إنتاج أنواع الأكسجين التفاعلية، وبالتالي تقلل من الإجهاد التأكسدي والالتهابات، ويسهم تقليل الإجهاد التأكسدي والالتهابات في حماية أنسجة القلب، وهو أمر مهم بشكل خاص للأفراد الذين يعانون من مصاعب التمثيل الغذائي كالمصابين بالسكري.
لاحظ الباحثون وجود هذه التأثيرات حتى مع الجرعة المنخفضة من الكيتونات التي أعطيت للمشاركين، فقد أُعطوا هذه الجرعة المنخفضة، لأنه وبالرغم من أنه آمن بشكل عام فقد تم تناوله بكميات معتدلة، إلا أنه يحمل تأثيرات جانبية محتملة مثل اضطراب واختلال توازن الكهارل، خاصةً للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في الكلى، وقد يسبب تأثيرات أخرى مثل فرط كيتون الجسم لدى الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني إذا تم تناوله بكميات كبيرة، فقد يرفع مستويات الكيتون في الدم بشكل كبير.
هل يجب تناول مكملات الكيتون إذاً؟
بالرغم من أن نتائج الدراسة تشير إلى أن شرب الكيتونات يحسن صحة القلب فإن الباحثين يقرّون بأن النتائج التي توصلوا إليها تنطبق فقط على الظروف التجريبية لبحثهم، كما أن عدد المشاركين في هذه الدراسة كان صغيراً، ولذلك هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث للتأكد مما إذا كانت مكملات الكيتون لها فوائد طويلة الأجل للأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني أو حتى لغير المصابين بهذا المرض.
الأسئلة الشائعة
من يجب تفادي الكيتونات؟
يمكن أن تسبب مكملات الكيتون حدوث اختلال في توازن الكهارل، وهو تأثير ضار بشكل خاص لدى من يعانون من أمراض الكلى، ويؤثر على قدرة الجسم على الحفاظ على مستويات متوازنة من الكهارل.
ماذا يحدث إذا ارتفعت نسبة الكيتونات في الدم؟
يجعل ارتفاع مستويات الكيتونات الدم شديد الحموضة، وهذه حالة خطيرة تسمى بالحُماض الكيتوني، والنوع الأكثر شيوعًا من الحماض الكيتوني هو أحد مضاعفات داء السكري المسمى بالحماض الكيتوني السكري، وهي حالة طبية طارئة تتطور بسرعة في أغلب الأحيان، وقد تؤدي إلى الغيبوبة، وبل وقد تكون مهددة للحياة.