ما تأثير مضادات الاكتئاب على التدهور المعرفي لدى مرضى الخرف؟

يعاني مرضى الخَرَف من أعراض نفسية مثل الاكتئاب والقلق والتغيُّرات المزاجية، ولهذا السبب، عادةً ما يصف الأطباء أدوية مضادة للاكتئاب لتخفيف هذه الأعراض وتحسين الحالة النفسية للمرضى. ومع ذلك، لا توجد دراسات كافية حول تأثير مضادات الاكتئاب على التدهور المعرفي لدى مرضى الخرف. التدهور المعرفي (Cognitive Decline) هو ضعف تدريجي في القدرات الذهنية والعقلية، مثل الذاكرة والانتباه واللغة والتفكير، فهل يؤثر استخدام هذه الأدوية النفسية على التدهور المعرفي عند الأشخاص المصابين بالخرَف؟

تأثير مضادات الاكتئاب على التدهور المعرفي لدى مرضى الخرف

وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون من معهد كارولينسكا ومستشفى ساهلغرينسكا الجامعي في غوتنبرغ بالسويد حول تأثير مضادات الاكتئاب على التدهور المعرفي لدى مرضى الخرف أن تناول مضادات الاكتئاب قد يسرّع التدهور المعرفي لدى الأشخاص المصابين بالخرف، وأن بعض هذه الأدوية أقل ضررًا من غيرها، مما قد يساعد الأطباء على اختيار العلاج الأنسب للمرضى. نُشرت الدراسة بعنوان "استخدام مضادات الاكتئاب والتدهور المعرفي لدى مرضى الخرَف" في مجلة BMC Medicine الطبية في 25 شباط/فبراير 2025.

تُستخدم مضادات الاكتئاب عادةً لتخفيف بعض الأعراض النفسية والسلوكية لدى مرضى الخرَف، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، والعدوانية، واضطرابات النوم. ومع ذلك، أظهرت هذه الدراسة التي اعتمدت على بيانات من السجل السويدي للخرف (SveDem) أن مرضى الخرَف الذين يستخدمون مضادات الاكتئاب يعانون من تدهور معرفي أسرع مقارنةً بأولئك الذين لا يستخدمون هذه الأدوية.

تأثير مضادات الاكتئاب على التدهور المعرفي لدى مرضى الخرف.. بين الضرورات النفسية والمخاطر العصبية

شملت الدراسة تحليل بيانات 18740 شخصًا يعانون من مرض الخرف، وكان حوالي 23% منهم يتناولون مضادات الاكتئاب. وخلال فترة الدراسة، سُجلت 11912 وصفة دوائية لهذه المضادات، وكانت 65% من هذه الوصفات من فئة مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (Selective Serotonin Reuptake Inhibitors - SSRIs)، وتسمّى أيضًا مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية.

وقالت سارة غارسيا بتاتشيك، أحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة من معهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد: "أعراض الاكتئاب قد تزيد التدهور المعرفي وتقلل جودة الحياة، لذا من الضروري علاجها. ويمكن لنتائج هذه الدراسة أن تساعد الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية على اختيار مضادات الاكتئاب التي تناسب المرضى الذين يعانون من الخرف".

تابع الباحثون التغيُّرات في القدرات المعرفية للمشاركين مع مرور الوقت، وقارنوا بين المرضى الذين استخدموا مضادات الاكتئاب والمرضى الذين لم يستخدمون هذه الأدوية، وكذلك بين المرضى الذين استخدموا أنواعًا مختلفة من مضادات الاكتئاب. وعلى الرغم من أن الباحثين لم يستطيعوا تحديد ما إذا كان التدهور المعرفي ناتجًا عن استخدام هذه الأدوية أو عن أعراض الاكتئاب، لكنهم وجدوا أن مضادات الاكتئاب كانت مرتبطة بتسريع التدهور المعرفي.

اقرأ أيضاً

كل ما تجب معرفته عن مضادات الاكتئاب

اختلاف تأثير مضادات الاكتئاب على التدهور المعرفي لدى مرضى الخرف

كما كشفت نتائج الدراسة عن وجود تفاوت في تأثير مضادات الاكتئاب المختلفة على التدهور المعرفي، ووجدت أن دواء الإسيتالوبرام (Escitalopram) كان مرتبطًا بأسرع تدهور معرفي، يليه دواء السيتالوبرام (Citalopram) ثم دواء السيرترالين (Sertraline)، وهي جميعها من فئة مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRI). بينما كان تأثير دواء الميرتازابين (Mirtazapine)، الذي ينتمي إلى فئة مختلفة من مضادات الاكتئاب، على التدهور المعرفي أضعف من تأثير دواء الإسيتالوبرام.

يسعى الباحثون حاليًا لإجراء المزيد من الأبحاث لدراسة ما إذا كان بعض المرضى، مثل المصابين بأنواع معينة من الخرَف أو ممن لديهم مؤشرات حيوية معينة، يستجيبون بشكل أفضل أو أسوأ لأنواع مختلفة من مضادات الاكتئاب. وأوضحت بتاتشيك أن الهدف هو تحديد هذه الفئات من المرضى لتقديم العلاجات التي تناسب حالتهم.