ما تأثير استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية على صحة القلب والدماغ؟

كشفت دراسة دنماركية كبيرة أن استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية قد يزيد احتمال الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية، وأظهرت النتائج أن موانع الحمل الهرمونية التي تحتوي على هرمون الإستروجين كانت مرتبطة بأعلى معدلات الإصابة، وخاصة الحلقة المهبلية واللاصقة الجلدية. وعلى الرغم من أن احتمال حدوث هذه المشكلات ما يزال منخفضًا، أكد الباحثون على ضرورة أن يراعي الأطباء ذلك قبل وصف هذه الوسائل، وذلك بسبب انتشار استخدامها وخطورة هذه المشكلات الصحية. نُشرت الدراسة في المجلة الطبية البريطانية (BMJ) في 12 شباط/فبراير 2025.

هل استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية آمن تمامًا؟

تشير التقديرات إلى أن حوالي 250 مليون امرأة حول العالم يستخدمنَ وسائل منع الحمل الهرمونية. وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة أشارت إلى وجود علاقة محتملة بين استخدام هذه الوسائل وزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية الإفقارية والنوبات القلبية، ولكن نتائجها كانت متضاربة. كما كان هناك نقص في الأدلة بشأن تأثير التركيبات الهرمونية المختلفة، وكيفية استخدامها (سواء كانت على شكل حبوب أو غرسات أو حُقَن أو حلقات مهبلية أو لصقات جلدية)، وكذلك تأثير مدة استخدامها.

ولسد هذه الفجوة المعرفية، استخدم الباحثون سجلات الوصفات الطبية الوطنية في الدنمارك لتحليل بيانات أكثر من مليونَي امرأة تتراوح أعمارهنَّ بين 15 و49 عامًا خلال الفترة من عام 1996 إلى 2021 لمعرفة ما إذا كان استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية الحديثة يزيد من احتمال إصابتهنَّ لأول مرة بسكتة دماغية إفقارية أو نوبة قلبية مقارنة بعدم استخدامها. وشملت أنواع وسائل منع الحمل المختلفة التي تناولتها الدراسة:

• الحبوب المركبة من الإستروجين والبروجستين (Estrogen-progestin pills).
• الحلقات المهبلية (Vaginal Rings).
• اللصقات الجلدية (Patches).
• حبوب البروجستين (Progestrin-only pills).
• أجهزة منع الحمل أو اللولب (Intrauterine Devices).
• الغرسات تحت الجلد (Subcutaneous Implants).
• الحُقَن العضلية (Intramuscular Injections).

تأثير استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية على صحة النساء

تم مراعاة بعض العوامل التي قد تؤثر على النتائج بما في ذلك العمر، والمستوى التعليمي، وبعض الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري. كما تم استبعاد النساء اللاتي كنَّ مصابات مُسبقًا بالجلطات، أو أمراض الكبد، أو أمراض الكلى، أو متلازمة تكيس المبايض، أو بطانة الرحم المهاجرة، أو كنَّ يتلقينَ علاجًا للعقم، أو يستخدمنَ أدوية نفسية أو هرمونية، أو خضعنَ لعملية استئصال الرحم.

وأظهرت النتائج أن بعض وسائل منع الحمل الهرمونية كانت مرتبطة بزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية والنوبة القلبية، وكانت النتائج كالآتي:

• حبوب الإستروجين والبروجستين المركبة هي أكثر وسائل منع الحمل الهرمونية استخدامًا، وكانت مرتبطة بزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية والنوبة القلبية بمقدار الضعف، وهذا يعني حدوث حالة سكتة دماغية واحدة إضافية لكل 4760 امرأة استخدمت هذه الحبوب لمدة عام وحالة نوبة قلبية واحدة إضافية لكل 10000 امرأة.
• وسائل منع الحمل التي تحتوي على البروجستين فقط، مثل الغرسات والحبوب البروجستينية، كانت مرتبطة بزيادة طفيفة في احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية والنوبة القلبية.
• وسائل منع الحمل غير الفموية، مثل الحلقة المهبلية واللصقة الجلدية، كانت مرتبطة بزيادة احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية والنوبة القلبية، فالحلقة المهبلية زادت احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية الإقفارية بمقدار 2.4 ضعف واحتمال الإصابة بالنوبة القلبية بمقدار 3.8 ضعفًا، بينما اللصقة الجلدية زادت احتمال الإصابة بالسكتة الدماغية بمقدار 3.4 أضعاف.
• وكان اللولب الهرموني الذي يحتوي على البروجستين فقط وسيلة منع الحمل الوحيدة التي لم تكن مرتبطة بزيادة هذا الخطر، مما يجعله خيارًا أكثر أمانًا لصحة القلب والأوعية الدموية، كما أن مدة استخدامه لم تؤثر على الخطر.

اقرأ أيضاً

هل تؤثر وسائل منع الحمل على الخصوبة؟

دعوة للتوعية حول مخاطر استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية

أشار الباحثون إلى أن هذه الدراسة، رغم أهميتها، لا تؤكد وجود علاقة سببية مباشرة، ولا تستبعد احتمال أن تكون عوامل أخرى لم يتم قياسها قد تكون أثرت على النتائج. وخلصوا إلى أنه على الأطباء مراعاة المخاطر المحتملة للإصابة بالخثار الشرياني عند تقييم فوائد وصف وسائل منع الحمل الهرمونية ومخاطرها، على الرغم من أن المخاطر ما تزال منخفضة. وأوضحت الدكتورة تيريز يوهانسون أن هذه الحالات نادرة، خاصةً لدى النساء الشابات، ومع ذلك، فإن هذه الآثار الجانبية خطيرة.

كما أكدت على أهمية نتائج الدراسة في ظل استخدام حوالي 248 مليون امرأة لوسائل منع الحمل الهرمونية يوميًا، ودعت إلى إطلاق حملات توعية لمساعدة النساء على اتخاذ قرارات واعية بشأن استخدام وسائل منع الحمل، بالإضافة إلى تدريب العاملين في القطاع الصحي على تقديم استشارات دقيقة ومبنية على الأدلة العلمية. وأشارت إلى أنه يجب على صانعي السياسات إعطاء الأولوية لتوفير بدائل أكثر أمانًا للنساء المعرَّضات للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، وأن تكون هذه البدائل منخفضة التكلفة ومتوفرة، خاصة في المناطق ذات الموارد المحدودة.