أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة ولونغونغ (UOW) في أستراليا حول تأثير استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية على الأطفال أن استخدام الأب والأم للأجهزة الذكية أثناء وجود الطفل قد يؤثّر بشكل سلبي على قدراته المعرفية وسلوكه، وكذلك على مدة استخدامه للأجهزة والشاشات. نُشرت الدراسة في مجلة جاما لطب الأطفال (JAMA Pediatrics) في 5 أيار/مايو 2025.
استخدام الوالدين للتكنولوجيا وتأثيره على الأطفال
وجَد الباحثون أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات والذين يَستخدم والدوهم الأجهزة الذكية أثناء تواجدهم معهم يعانون من ضعف في المهارات المعرفية والسلوكيات الاجتماعية الإيجابية والروابط العاطفية، بالإضافة إلى زيادة في بعض سلوكياتهم الداخلية (مثل القلق والاكتئاب والانسحاب الاجتماعي) وسلوكياتهم الخارجية (مثل العدوانية وفرط النشاط والسلوك التخريبي)، وكذلك زيادة في مدة استخدامهم للشاشات. وعلى الرغم من أن هذه التأثيرات كانت بسيطة، فإنها ظهرت في مختلف الدراسات.
استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية.. عادة يومية قد تُهدِّد نمو الطفل النفسي والاجتماعي
تُشير الاستبيانات إلى أن أكثر من 70% من الآباء والأمهات يستخدمون الأجهزة الرقمية خلال تفاعلهم مع أطفالهم، مثل اللعب أو تناول الطعام معهم، و89% منهم يفعلون ذلك مرة واحدة على الأقل في اليوم. قد يؤدي استخدام هذه الأجهزة أثناء لحظات التفاعل بين الوالدَين والطفل إلى تعطيل التواصل المتبادَل والتفاعلات الاجتماعية بينهم، مما قد يؤثّر على تطور مهارات اللغة والصحة النفسية والاجتماعية وتصرُّفات الأطفال، بما في ذلك الإفراط في استخدام الشاشات.
استخدام الوالدَين للأجهزة الرقمية أثناء رعاية الأطفال أصبح شائعًا بشكل متزايد، وغالبًا ما يُشار إلى استخدام الوالدَين للتكنولوجيا الرقمية أثناء وجود أطفالهم بالتداخل التكنولوجي (Technoference)، وهو عامل قد يُعوق التفاعلات العائلية. التربية التفاعلية أو التربية المُتفاعلة (Engaged Parenting) هي أسلوب تربوي يعتمد على التفاعل المستمر والنَشِط بين الوالدَين وأطفالهم. تعزِّز التربية التفاعلية التنمية المُبكرة للطفل من خلال تعزيز الأمان العاطفي ودعم السلوك الاستكشافي، مما يعزّز نمو الطفل النفسي والمعرفي.
كيف يؤثر استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية على القدرات المعرفية والسلوكية للأطفال؟
أجرى الباحثون مراجعة شاملة لأكثر من 20 دراسة شملت حوالي 14900 شخص من 10 دول مختلفة وحلَّلوا نتائجها لمعرفة العلاقة بين استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية أثناء وجود الأطفال والتطورات المبكرة للقدرات المعرفية والصحة النفسية والاجتماعية وسلوكيات الأطفال منذ الولادة وحتى سن 4.9 سنوات، بما في ذلك مدة استخدام الشاشات. وشمل التحليل الجوانب التالية:
- القدرات المعرفية أو الإدراكية.
- المهارات اللغوية.
- السلوكيات الداخلية والخارجية.
- السلوكيات الاجتماعية الإيجابية.
- الروابط العاطفية.
- وقت استخدام الشاشات.
كشَف الباحثون عن وجود علاقة ذات أهمية إحصائية، لكنها ضعيفة، بين استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية وبعض التطورات لدى الطفل، بما في ذلك القدرات المعرفية والصحة النفسية والاجتماعية ووقت استخدام الشاشات. وأظهرت النتائج أن استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية أثناء وجود الطفل مرتبط بما يلي:
- انخفاض الأداء المعرفي بنسبة 0.14%.
- تراجع الروابط العاطفية بنسبة 0.10%.
- زيادة المشكلات النفسية الداخلية بنسبة 0.13%.
- زيادة السلوكيات الخارجية بنسبة 0.15%.
- انخفاض السلوكيات الاجتماعية الإيجابية بنسبة 0.08%.
- زيادة وقت استخدام الشاشات بنسبة 0.12%.
- انخفاض المهارات اللغوية بنسبة 0.08%.
تُشير هذه النتائج إلى أن استخدام الوالدين للتكنولوجيا الرقمية قد يؤثّر، ولو بدرجة بسيطة، على نمو الطفل العاطفي والمعرفي، مما يسلِّط الضوء على أهمية الحد من استخدام التكنولوجيا والأجهزة الذكية خاصة أثناء فترات التفاعل الأسري.
مخاطر الإفراط في استخدام الشاشات الإلكترونية
تُشير العديد من الدراسات إلى أن قضاء فترات طويلة أمام الشاشات الإلكترونية والأجهزة الذكية قد يؤثّر على الصحة الجسدية والنفسية والاجتماعية، ومن أبرز مخاطر الإفراط في استخدامها ما يلي:
- مشكلات في النوم.
- آلام في الرقبة والظهر.
- إجهاد العين.
- اضطرابات المزاج.
- ضعف التركيز والانتباه.
- زيادة الوزن بسبب قلة النشاط البدني.
- ضعف العلاقات الاجتماعية.
- القلق.
- الاكتئاب.
- الإدمان الرقمي.
- العزلة الاجتماعية.
