كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من مختبر ويستليك لعلوم الحياة والطب الحيوي في الصين حول تأثير أنماط النوم على مستويات سكر الدم لدى البالغين أن قِصر مدة النوم وتأخر موعده مرتبطان بزيادة تقلّبات مستويات السكر في الدم، ممّا قد يؤثر على علاج مرض السكري وضبطه. نُشرت هذه الدراسة في مجلة جاما الطبية (JAMA Network Open) في 5 آذار/مارس 2025.
تأثير أنماط النوم على مستويات سكر الدم.. النوم القصير والمتأخر يزيد تقلبات الجلوكوز
تؤدي عملية تنظيم سكر الدم (تنظيم نسبة الجلوكوز في الدم) دورًا أساسيًا في صحة الأيض أو الصحة الاستقلابية، فالتقلبات في مستويات السكر في الدم مرتبطة بحدوث مضاعفات مرض السكري. وعلى الرغم من أنه توجد العديد من الدراسات السابقة التي تُظهر أن قلة النوم (عدم الحصول على عدد ساعات النوم الكافية) هي من العوامل التي قد تؤدي إلى اختلال عملية استقلاب الجلوكوز، فإن تأثيرات أنماط النوم الطويلة المدى على تقلبات مستويات السكر في الدم ما تزال غير مدروسة بالشكل الكافي.
ومن هذا المنطلق، سعى فريق البحث في هذه الدراسة إلى سد هذه الفجوة المعرفية من خلال متابعة أنماط النوم على مدى سنوات عدة، وتقييم تأثيرها على تنظيم مستويات السكر في الدم. أظهرت بيانات جهاز مراقبة الجلوكوز المستمر (Continuous Glucose Monitor - CGM) أن الأشخاص البالغين الذين ينامون لفترات قصيرة ويؤخرون موعد نومهم يعانون من تقلُّبات أكبر في مستويات سكر الدم (الجلوكوز)، ممّا قد يؤثر على ضبط داء السكري أو الوقاية من مضاعفاته.
دراسة تأثير أنماط النوم على مستويات سكر الدم لدى البالغين
أجرى الباحثون دراسة استطلاعية طويلة الأمد لتقييم العلاقة بين مدة النوم على المدى الطويل وتوقيته، وتقلبات مستويات السكر في الدم. شملت الدراسة تحليل بيانات 1156 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 46 و83 عامًا شاركوا في دراسة طويلة الأمد في مقاطعة غوانغدونغ في الصين. تم تقييم أنماط نوم المشاركين، كما ارتدوا أجهزة للمراقبة المستمرة للجلوكوز (CGM) لمدة 14 يومًا متتالية لتسجيل تقلبات السكر في الدم.
حدَّد الباحثون 4 مسارات مختلفة طويلة المدى لمدة النوم لدى المشاركين، وكانت كالآتي:
- نقص حاد في النوم: عندما تتراوح مدة النوم بين 4.1 و4.7 ساعات في الليلة الواحدة.
- نقص معتدل في النوم: عندما تتراوح مدة النوم بين 5.5 و6 ساعات في الليلة الواحدة.
- نقص خفيف في النوم: عندما تتراوح مدة النوم بين 6.8 و7.2 ساعات في الليلة الواحدة.
- نوم كافٍ: عندما تتراوح مدة النوم بين 8.0 و8.4 ساعات في الليلة الواحدة.
كما تم تحديد نمطَين لتوقيت النوم: النوم المبكر والنوم المتأخر بشكل مستمر.
تأثير أنماط النوم على مستويات سكر الدم.. تأثير مدة النوم وتوقيته في تنظيم مستويات الجلوكوز
أظهرت نتائج تحليل بيانات أجهزة المراقبة المستمرة للجلوكوز أن الأشخاص الذين لديهم نقص حاد في النوم شهدوا زيادة بنسبة 2.87% في تقلبات مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى زيادة بمقدار 0.06 مليمول/لتر في متوسط التقلبات اليومية لمستويات سكر الدم (MODD) مقارنةً بالأشخاص الذين يحصلون على نوم كافٍ.
كما أظهرت البيانات أن الأشخاص الذين ينامون في وقت متأخر لديهم زيادة بنسبة 1.18% في تقلبات مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى زيادة بمقدار 0.02 مليمول/لتر في متوسط التقلبات اليومية لمستويات سكر الدم مقارنةً بالأشخاص الذين ينامون في وقت مبكر بشكل مستمر.
أما الأشخاص الذين ينامون لفترة قصيرة وفي وقت متأخر، فقد كانت لديهم تقلبات أكبر في مستويات السكر في الدم مقارنةً بالأشخاص الذين يحصلون على نوم كافٍ أو ينامون في وقت مبكر، ممّا يُشير إلى وجود تأثير مُضاعف لهذين العاملين على تنظيم مستويات السكر في الدم.
وارتبطت مدة النوم غير الكافية وتأخر موعد النوم على المدى الطويل بزيادة تقلبات مستويات السكر في الدم، ممّا يشير إلى دورهما في حدوث اختلال في عملية التمثيل الغذائي في الجسم.
تُشير هذه النتائج إلى أن الحصول على نوم كافٍ والنوم في وقت مبكر بشكل مستمر قد يكونان عاملَين أساسيَين لتحسين التحكم في مستويات السكر في الدم والحد من مخاطر الإصابة بمضاعفات مرض السكري.