كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا في دافيس بالولايات المتحدة (UC Davis) عن وجود علاقة مقلقة بين الربو وضعف الذاكرة لدى الأطفال، وأشارت إلى أن الإصابة بمرض الربو في سن مبكرة قد تؤدي إلى زيادة مشكلات الذاكرة. نُشرت هذه الدراسة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في مجلة JAMA Network Open الطبية، وهي الدراسة الأولى من نوعها التي تسلط الضوء على العلاقة بين الربو وضعف الذاكرة لدى الأطفال.
مرض الربو لدى الأطفال
الربو هو مرض مزمن يصيب الجهاز التنفسي ويؤثر على الرئتين، وهو من أكثر الأمراض المزمنة شيوعًا بين الأطفال. يعاني حوالي 260 مليون شخص حول العالم من مرض الربو، بما في ذلك حوالي 4.6 مليون طفل في الولايات المتحدة. تحدث نوبات الربو عندما تؤدي الالتهابات إلى تشنج الممرات الهوائية وتضيقها، مما يعوق التنفس.
تظهر أعراض الربو لدى الأطفال على شكل سعال متقطع أو متكرر، وضيق في التنفس، وضيق في الصدر، وصوت صفير عند التنفس، وألم في الصدر. وغالبًا ما تزداد هذه الأعراض عند ممارسة الأنشطة البدنية، أو في الليل، أو عند تغير الطقس، أو عند التعرض لمحفزات مثل الغبار والدخان.
دراسة العلاقة بين الربو وضعف الذاكرة لدى الأطفال
لدراسة كيفية تأثير مرض الربو على الذاكرة العرَضِية وغيرها من القدرات المعرفية الأخرى، قام الباحثون بإجراء دراسة شملت بيانات 2062 طفلًا تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات ممن يعانون من مرض الربو. الذاكرة العرَضية هي أحد الأنواع الرئيسية للذاكرة التي تساعدنا على تذكر أحداث الحياة والتجارب الشخصية، بما في ذلك الأشخاص والأماكن والمشاعر المرتبطة بها.
اعتمدت هذه الدراسة على تحليل بيانات من المعاهد الوطنية للصحة (NIH) التي تم جمعها منذ عام 2015 كجزء من دراسة كبيرة ومستمرة حول تطور القدرات المعرفية الدماغية لدى المراهقين، والتي شملت 11800 طفل. قام الباحثون بمقارنة الأطفال من خصائص وخلفيات متشابهة للتأكد من أن الاختلافات في قدرات الذاكرة والنتائج الأخرى مرتبطة بتأثير الربو وحده.
الربو وضعف الذاكرة لدى الأطفال.. كيف يؤثر المرض على الدماغ؟
أظهرت نتائج الدراسة أن الأطفال المصابين بالربو قد حصلوا على درجات أقل في اختبارات الذاكرة العرَضية مقارنة بالأطفال غير المصابين بالمرض. وفي مجموعة أصغر شملت 473 طفلًا تمت متابعتهم لمدة عامين، وجد الباحثون أن الأطفال الذين أصيبوا بالربو في سن مبكرة والذين عانوا منه لفترة أطول أظهروا تطورًا أبطأ في ذاكرتهم مع مرور الوقت مقارنة بالأطفال غير المصابين بالربو.
وقالت الدكتورة سيمونا جيتي، المؤلفة الرئيسية للدراسة من جامعة كاليفورنيا في أمريكا: "تؤكد هذه الدراسة على أهمية التعامل مع مرض الربو كعامل خطر محتمل لإصابة الأطفال بصعوبات في القدرات المعرفية. لقد أصبحنا على وعي متزايد بأن الأمراض المزمنة، مثل الربو والسكري وأمراض القلب وغيرها، قد تزيد من خطر إصابة الأطفال بصعوبات معرفية، ومن الضروري أن نفهم العوامل التي قد تساهم في زيادة هذه المخاطر أو في الوقاية منها".
ومن جانبه، أوضح الدكتور نيكولاس كريستوفر هايز، المؤلف الرئيسي للدراسة من جامعة كاليفورنيا: "مرحلة الطفولة هي فترة تتطور فيها الذاكرة والقدرات الإدراكية بشكل عام سريعًا، ولكن هذا التطور قد يكون أبطأ لدى الأطفال المصابين بالربو".
الربو وضعف الذاكرة لدى الأطفال.. تداعيات المرض على المدى البعيد
حذر الباحثون من أن مشكلات الذاكرة المرتبطة بالربو قد تكون لها عواقب بعيدة المدى، فقد أظهرت دراسات سابقة أجريت على كبار السن وأخرى على حيوانات، أن مرض الربو مرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض تؤثر على الذاكرة، مثل الخرَف ومرض ألزهايمر. وأشار الباحثون إلى أن مرض الربو لدى الأطفال قد يؤدي إلى زيادة خطر إصابتهم لاحقًا بأمراض أكثر خطورة في مراحل متقدمة من حياتهم، بما في ذلك الخرَف.
وعلى الرغم من أن الدراسة لم تحدد الآليات المسؤولة عن صعوبات الذاكرة المرتبطة بالربو، فقد أشار الباحثون إلى عدة عوامل محتملة، من بينها الالتهابات المزمنة الناتجة عن الربو أو الانقطاعات المتكررة في تدفق الأكسجين إلى الدماغ أثناء نوبات الربو. كما أظهرت دراسات أخرى أجريت على القوارض أن بعض الأدوية الشائعة المستخدمة في علاج الربو قد تؤثر بشكل واضح على منطقة الحُصين، وهو الجزء من الدماغ الذي يؤدي دورًا رئيسيًا في الذاكرة العرَضية لدى البشر والحيوانات.
