قامت إحدى الدراسات بتفسير العلاقة بين المواد البلاستيكية في المحيط وصحة الدماغ. فقد أظهرت بيانات مقطعية أن مستويات اللدائن البحرية الدقيقة في مياه المحيط ترتبط بالإعاقات الإدراكية وغيرها من الإعاقات بين الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من السواحل، وفي تحليل شامل شمل 218 منطقة ساحلية عبر الولايات المتحدة الأمريكية، لوحظ ارتفاع واضح في معدلات الإعاقات المتعلقة بالقدرات الإدراكية، والمهارات الحركية، والرعاية الذاتية، والاستقلال الذاتي في المناطق ذات التركيز الأعلى للمواد البلاستيكية البحرية الدقيقة بالمقارنة مع تلك الأقل تلوثاً، وذكر الدكتور سارجو جاناترا، وهو طبيب متخصص في مستشفى لاهي والمركز الطبي في بيرلينجتون، ماساتشوستس، هذه النتائج.
العلاقة بين المواد البلاستيكية في المحيط وصحة الدماغ
تشير المواد البلاستيكية البحرية إلى قطع صغيرة من البلاستيك موجودة في البيئات البحرية نتيجة للتخلص غير المسؤول من النفايات البلاستيكية أو استخدام المنتجات الاستهلاكية مثل شباك الصيد أو عبوات الطعام والشراب المستخدمة مرة واحدة، ورغم تصنيف الجزيئات البلاستيكية الدقيقة كملوث بيئي كبير، فإن تأثيراتها الدقيقة على صحة الإنسان لم تفهم تماما بعد.
وقد سلطت الدراسات الأخيرة الضوء على الارتباط المحتمل بين وجود هذه الجسيمات البلاستيكية الدقيقة واحتمالية الإصابة بأمراض خطيرة مثل أمراض القلب أو السكتة الدماغية أو حتى الوفاة خلال ثلاث سنوات، كما أشارت أبحاث أخرى إلى إمكانية دخول هذه الجسيمات الدقيقة إلى الجهاز العصبي المركزي، إذ تم اكتشاف وجودها داخل بصيلات الشم لدى البشر، بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة حديثة عن مستويات أعلى من اللدائن الدقيقة والجسيمات النانوية في أنسجة المخ البشرية مقارنة بأنسجة الكبد أو الكليتين.
تفاصيل دراسة تأثير اللدائن البلاستيكية الدقيقة على الدماغ
في الدراسة الأخيرة تم فحص العلاقة بين المواد البلاستيكية في المحيط وصحة الدماغ بما في ذلك تأثيرها على مؤشرات التدهور المعرفي الذاتي على مستوى السكان، مع التركيز على الوظائف المعرفية والقدرة على التنقل والرعاية الذاتية والإعاقات المتعلقة بالعيش المستقل، وقد تم التوصل إلى علاقة مهمة من الناحية الإحصائية، مما أثار العديد من الاستفسارات بشأن التعرض الطويل المدى للبلاستيك الدقيق.
ونظراً لقدرة هذه الجسيمات الدقيقة على نقل المواد السامة والتسلل إلى الأنظمة البيولوجية، فقد تكون مساهماً مهماً في الأمراض المزمنة والإعاقات. ونظراً للنتائج التي توصلنا إليها؛ فإنها تسلط الضوء على الضرورة الملحة لإجراء أبحاث أكثر شمولاً لتوضيح الآلية التي تعمل بها هذه الجسيمات الدقيقة، ووضع سياسات تهدف إلى التخفيف من آثار التلوث البلاستيكي على صحة الإنسان.
التأثيرات المحتملة التي أظهرتها الدراسة على الدماغ
عند مناقشة تأثير الجسيمات البلاستيكية على القدرات الإدراكية، نجد أنها تؤثر في جوانب مختلفة، فهي قد تتسبب في مواجهة صعوبات كبيرة في التركيز أو استرجاع الذكريات أو اتخاذ القرارات، بالإضافة إلى مواجهة مشكلات في معالجة المعلومات وتذكر التفاصيل المهمة واتخاذ القرارات اليومية.
كما أن الإعاقات الحركية هي جانب آخر من تأثيرات التلوث البلاستيكي، وتشمل هذه الإعاقات المشكلات المتعلقة بالمشي وصعود الدرج، فضلاً عن التحديات المرتبطة بأداء المهام الشخصية مثل ارتداء الملابس أو الاستحمام. وأخيراً، تعتبر الصعوبات المتعلقة بالاستقلالية جزءاً أيضاً من التأثيرات الضارة للجسيمات البلاستيكية على الدماغ، وتشمل هذه الصعوبات القدرة على إنجاز المهام اليومية الأساسية.
وفي نهاية المطاف، أكد الباحثون على ضرورة تقنين استخدام البلاستيك في حياتنا اليومية، ومن الأمثلة على ذلك تجنب المشروبات المعبأة في زجاجات بلاستيكية واستخدام الأطعمة المعبأة في عبوات بلاستيكية قابلة لإعادة التدوير، كما أكدوا على أن فهم تأثير بيئتنا على صحتنا أمر بالغ الأهمية، ويتعين علينا أن نتعلم كيفية التكيف مع هذه العوامل والعمل على حماية انفسنا منها.