صحــــتك

علاج مرضى الخرف بالموسيقى.. كيف يمكن أن يخفف من معاناتهم؟

إعداد وتحرير
علاج مرضى الخرف بالموسيقى

أصبح علاج مرضى الخرف بالموسيقى محط اهتمام كبير في الأوساط الطبية والنفسية، فهو ليس مجرد وسيلة ترفيهية فحسب، بل وسيلة علاجية مبتكرة وفعّالة لتحسين حياة المرضى. في هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة ولأول مرة أن الموسيقى تقلل الشعور بالحزن والاضطراب لدى الأشخاص المصابين بالخرف المتقدم من خلال تقليل التوتر، وتحسين المزاج، وتحفيز الذكريات الإيجابية. نُشرت الدراسة في مجلة نيتشر للصحة النفسية (Nature Mental Health) في تشرين الثاني/نوفمبر 2024.

الخرَف المتقدِّم في المملكة المتحدة

تشير التقديرات إلى أنه يوجد حوالي مليون شخص في المملكة المتحدة يعانون من الخرَف، وأكثر من نصفهم يعانون من الخرَف المُتقدِّم الذي يتطلَّب رعاية متخصصة، وغالبًا ما يصاحبه سلوكيات مثل الاضطراب، والعدوانية، والشرود، ومقاومة الرعاية. الخرَف المتقدم هو مرحلة متأخرة من الخرَف توصف بأنه لا رجعة فيها، إذ تتدهور فيها الحالة الصحية والعقلية للمريض بشكل كبير مما يؤدي إلى فقدان القدرة على القيام بالعديد من الأنشطة اليومية، ويصبح بحاجة إلى رعاية مستمرة.

علاج مرضى الخرف بالموسيقى

كشفت هذه الدراسة عن الفوائد المختلفة للعلاج بالموسيقى، وحددت الآليات الي تُفسِّر تأثيرها بهذه الطريقة، كما قدَّمت خطة متكاملة لتطبيق علاجات فعّالة بالموسيقى للأشخاص المصابين بالخرَف المتقدِّم. هذه الدراسة هي الأولى من نوعها حول رعاية المصابين بالخرَف من خلال العلاج بالموسيقى، والتي تجمع بين البحوث الأكاديمية وآراء المعنيين لتطوير إرشادات لتقديم علاجات مخصصة لكل مرض.

يشمل العلاج بالموسيقى الذي يقدمه معالِجون متخصصون: الغناء والعزف والاستماع إلى الموسيقى، كما يمكن أيضًا للمعالجين تحديد أفضل الطرق للعائلات ومقدِّمي الرعاية لاستخدام الموسيقى في روتين الرعاية اليومية لكل مريض.

علاج مرضى الخرف بالموسيقى.. وسيلة فعّالة واقتصادية لتحسين الحياة والمزاج

أظهرت الدراسة أنه إذا تم تصميم برنامج العلاج بالموسيقى وفقًا لاحتياجات المرضى، فإنه يمكن أن يقلل فورًا من الشعور بالحزن والاضطراب لدى الأشخاص المصابين بالخرَف المتقدِّم على المدى القصير، وكذلك يمكن أن يحسِّن التركيز، والتواصل الاجتماعي، والانتباه، والمزاج. كما يمكن للتفاعل مع الموسيقى أن يجعل الأشخاص يشعرون بأمان أكبر وأكثر تكيفًا مع بيئتهم المحيطة، مما يمكن أن يؤدي إلى تخفيف مشاعر الاضطراب وتحسين نوعية الحياة.

تعود هذه التأثيرات إلى قدرة الموسيقى، من خلال عزفها أو غنائها أو الاستماع إليها، على تقديم التحفيز المعرفي والحسي وتنشيط شبكات عصبية في كلا الجانبين من الدماغ، مما يساعد الأشخاص على استعادة مهاراتهم وذكرياتهم المتبقية، بالإضافة إلى ضبط مشاعرهم والحفاظ على هدوئهم. كما يمكن أن يتم تصميم برنامج العلاج بالموسيقى ليخفف الإجهاد الفسيولوجي، وتحديدًا في الجهاز العصبي اللاإرادي.

يتم استرجاع الذكريات التي تستحضرها الموسيقى، ولا سيّما تلك التي تستحضرها الموسيقى المألوفة، بإيجابية أكثر وبشكل أسرع وأدق مقارنة مع باقي الذكريات، وغالبًا ما تكون مرتبطة بمراحل مبكرة من حياة الشخص. ووجد الباحثون أن الأغاني المرتبطة بالفترة العمرية بين 10 و30 عامًا هي الأكثر فاعلية في هذا السياق. الموسيقى هي نوع من أنواع التواصل غير اللفظي، وهي متاحة لجميع المرضى مهما كان الضعف الإدراكي أو الموهبة الموسيقية عندهم، كما أنها توفر فرصًا للتفاعل الاجتماعي مع الآخرين من فريق الرعاية والزملاء والمرضى الآخرين وغيرهم.

وتظهر الدراسة أن التفاعل مع الموسيقى لا يفيد مرضى الخرف المتقدم فحسب، بل يمكن أن يفيد أيضًا فريق الرعاية وأفراد الأسرة من خلال تقليل مستويات التوتر لديهم وتحسين جودة حياتهم. كما يمكن للتفاعل مع الموسيقى أن يتيح لحظات مميزة يشاركها المرضى مع مقدمي الرعاية، ويعزز تعاطف المهنيين الطبيين مع المرضى، ويُحسِّن طريقة تعاملهم معهم في أوقات الاضطراب الشديد.

 

علاج مرضى الخرف بالموسيقى.. أمل جديد لتحسين الحياة

توصي الدراسة بأن يقوم المتخصصون في العلاج بالموسيقى بتدريب المهنيين الطبيين على استخدام الموسيقى للعلاج، ولا سيما العاملين في مجال رعاية المصابين بالخرَف المتقدم. كما دعا الباحثون إلى توفير بعض الوسائل مثل الأدوات الموسيقية، بالإضافة إلى معلومات حول إعداد قوائم تشغيل (مجموعة من الأغاني المُختارة) مخصصة لكل مريض، وتشجيع أفراد العائلات على استخدام الموسيقى لمساعدة أقاربهم.

قالت نعومي طومسون، الباحثة والمؤلفة الرئيسية للدراسة من جامعة أنجليا روسكين (ARU) في المملكة المتحدة: "مع زيادة عدد السكان المتقدمين في السن وزيادة أعداد المصابين بالخرف، تُعد الموسيقى وسيلة بسيطة نسبيًا واقتصادية لتحسين حياة هؤلاء المرضى".

وأوضحت أن هذه الدراسة تظهر أسباب نجاح العلاج بالموسيقى، بما في ذلك تحفيز الأشخاص وتعزيز الألفة من خلال الذكريات وتشجيع العلاقات والتعبير العاطفي وتقليل الشعور بالقلق والتوتر، وتمهِّد الطريق لتوسيع نطاق استخدامها في رعاية مرضى الخرف.

كما أشارت إلى أن الموسيقى، ولا سيما التسجيلات الموسيقية، هي وسيلة متاحة للموظفين والعائلات لمساعدة مرضى الخرف في ضبط مشاعرهم السلبية، ويمكن للمعالجين بالموسيقى وضع برنامج معالجة موسيقية مخصص لكل مريض، ويحدد كيفية استخدامه طوال اليوم لتخفيف الضيق وتحسين الحياة. من الجدير بالذكر أن الأطباء المسلمين طبقوا العلاج بالموسيقى في مستشفيات الأمراض النفسية في بلاد الشام ومصر قبل عدة قرون.

آخر تعديل بتاريخ
27 يناير 2025
يرجى تحديد خانة الاختيار "التعليق كضيف" إذا كنت تفضل عدم تقديم اسمك وبريدك الإلكتروني.
Consultation form header image

هل تحتاج لاستشارة الطبيب

أرسل استشارتك الآن

 

  • ابحث على موقعنا عن إجابة لسؤالك، منعا للتكرار.
  • اكتب بريدك الإلكتروني الصحيح (الإجابة ستصلك عليه).
  • استوفِ المعلومات الشخصية والصحية المتعلقة بالحالة المرضية محل الاستشارة.
  • لن يتم إظهار اسمك عند نشر السؤال.

 

Age gender wrapper
Age Wrapper
الجنس
Country Wrapper

هذا الموقع محمي بواسطة reCaptcha وتنطبق عليه سياسة غوغل في الخصوصية و شروط الخدمة

This site is protected by reCAPTCHA and the GooglePrivacy Policy and Terms of Service apply.