يواصل مركز سدرة للطب جهوده الرائدة في تطوير الحلول المبتكرة التي تسهم في تحسين الرعاية الصحية، خاصة في مجال أمراض القلب والأوعية الدموية (Cardiovascular Diseases - CVD). في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Scientific Reports التابعة لـ Nature Portfolio، حدد باحثون في مركز سدرة للطب بصمات بروتينية مميزة في الدم واللعاب، ربما تمهد الطريق لاستخدام طرق جديدة وغير مؤلمة للكشف المبكر عن مخاطر الإصابة بأمراض القلب. هذه الدراسة تمثل خطوة كبيرة نحو تطوير الطب الدقيق (Precision Medicine) وتعزيز استراتيجيات الوقاية والتشخيص المبكر.
أمراض القلب في قطر والشرق الأوسط
تعد أمراض القلب والأوعية الدموية من الأسباب الرئيسية للوفيات على مستوى العالم، وتشكل 29٪ من الوفيات في قطر، و34٪ من الوفيات في منطقة الشرق الأوسط. ويرجع ذلك إلى عوامل خطر متعددة مثل مرض السكري (Diabetes Mellitus)، وارتفاع ضغط الدم (Hypertension)، وارتفاع مستوى الكوليسترول (Hypercholesterolemia)، مما يستدعي الحاجة إلى استراتيجيات تشخيصية أكثر تطورًا وفعالية.
دراسة مركز سدرة للطب: الكشف المبكر بطرق غير مؤلمة
أجرى فريق من الباحثين في مختبر الميكروبيوم واكتشاف العلامات الحيوية (Microbiome and Biomarker Discovery Laboratory) التابع لمركز سدرة للطب دراسة شملت الأفراد القطريين المعرَّضين لخطر الإصابة بأمراض القلب. توصلت الدراسة إلى تحديد ثماني علامات حيوية (Biomarkers) يمكن رصدها في الدم واللعاب، مما يفتح الباب أمام إمكانية استخدام اختبار اللعاب بديلًا غير مؤلم لاختبارات الدم التقليدية.
وتقول الدكتورة سهيلة الخضر، مديرة قسم صحة الأم والطفل والباحثة الرئيسية في الدراسة: "دراستنا تعد قفزة نوعية في مجال الطب الدقيق لأمراض القلب، إذ نثبت لأول مرة أن اختبار اللعاب يمكن أن يكون أداة فعالة في الكشف المبكر عن المخاطر القلبية. هذه الطريقة قد تسهل الفحوصات الدورية، وربما تساعد في التدخل المبكر للحد من تأثير العوامل القابلة للتعديل مثل السكري وارتفاع ضغط الدم".
دور الطب الدقيق في الحد من أمراض القلب
يركز مركز سدرة للطب على تطبيق تقنيات الطب الدقيق في مجالات متعددة، مما يسمح بتطوير علاجات شخصية تستهدف الأفراد بناءً على العوامل الجينية والبيولوجية الخاصة بهم. ووفقًا للبروفسور خالد فخرو، رئيس قسم الأبحاث ومدير برنامج الطب الدقيق في سدرة للطب، فإن قطر نجحت في بناء نظام طبي يدمج بين بحوث الجينوم (Genomic Research)، والبنوك الحيوية (Biobanks)، وبرامج الطب الموجَّه (Targeted Healthcare Initiatives)، مما يعزز قدرة الباحثين على ابتكار حلول علاجية قد يكون لها تأثير عالمي.
تمويل ودعم البحث العلمي
دُعمت هذه الدراسة من قبل صندوق قطر الوطني للبحث العلمي (Qatar National Research Fund - QNRF)، ضمن مبادرة Path to Precision Medicine 2-PPM2، التي تهدف إلى تحويل الاكتشافات الجينية المحلية إلى حلول رعاية صحية متقدمة.
نهايةً، بفضل الجهود البحثية الرائدة في مركز سدرة للطب، يقترب العالَم من تحقيق قفزة نوعية في تشخيص أمراض القلب بطرق أسهل وغير مؤلمة وربما أكثر دقة. يمثل استخدام اللعاب كوسيلة للكشف المبكر عن مخاطر أمراض القلب تطورًا كبيرًا قد يسهم في تحسين الصحة العامة وتقليل نسب الوفيات الناجمة عن هذه الأمراض. ومع استمرار الابتكار في مجال الطب الدقيق، فإن مستقبل الرعاية الصحية يبدو أكثر تفاؤلًا، خاصة في منطقة الشرق الأوسط حيث الحاجة ملحة لهذه الحلول المتطورة.