لم تكن زيادة حالات التوحد مصدر قلق كبير لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحده، ولم يعد بوسع الخبراء والأطباء والقائمين على حل لغز التوحد إلقاء هذا الارتفاع على عاتق الوعي المتزايد لدى فئات المجتمع، وتبعاً لتحديد الإصابة بالتوحد فإن الأرقام تتحدث عما هو أكبر وأضخم بكثير من مجرد زيادة الوعي بوجود حالات التوحد.
كيف أثرت زيادة حالات التوحد على المجتمع؟
أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية CDC في الولايات المتحدة الأمريكية تقريراً ينص على ارتفاع نسبة التشخيص من 1 بين كل 150 عام 2000 إلى واحد من كل 36 عام 2020. وعلى الرغم من أن الأرقام التي طرحها الرئيس ترامب لموقع Trust Social مختلفة بعض الشيء عن ذلك؛ فإنها وفي كلتا الحالتين نسب مرتفعة بشكل لا يمكن التغاضي عنه. ربما ما يزال الرئيس ترامب يبحث عن علاقة بين اللقاحات والتوحد فإن منظمة الصحة العالمية والمؤسسات الطبية كافة أكدت على عدم التوصل لأي دليل علمي يجمع بينهما، ولكنها لا تستطيع أيضاً أن تضع زيادة حالات التوحد في إطار زيادة "الوعي والتشخيص"، فما هي العوامل الأخرى إذاً؟
ما هي العوامل التي أدت إلى زيادة حالات التوحد إذاً؟
رجّح الطبيب النفسي الدكتور كوبر ستون أن انتشار التوحد بشكل كبير في الآونة الأخيرة يعود لعدد من العوامل البيئية قد تكون متورطة جزئيًا في حدوث هذا المرض، وتشمل هذه العوامل ما يلي:
- التلوث المتزايد والمواد الكيميائية البلاستيكية: قد تتسلل هذه المواد إلى مجرى الدم وتنتقل إلى الدماغ، مما قد يسبب التهابًا يضعف الإشارات العصبية التي تؤدي إلى التوحد.
- زيادة استخدام المبيدات الحشرية: قد تكون مسؤولة أيضًا عن انخفاض معدل الذكاء وتأخير النمو عند الأطفال.
- نجاح الولادات المبكرة: نجا عدد أكبر من الأطفال من الولادة المبكرة مقارنة بالعقود الماضية، مما يجعلهم أكثر عرضة لتأخر النمو والتوحد.
- تغيرات تتعلق بالوالدين: كزيادة السمنة مثلاً.
- دمج تصنيف العديد من الحالات العقلية تحت فئة واحدة: أدت التغييرات في تصنيف الأمراض النفسية إلى دمج التوحد ومتلازمة أسبرجر واضطراب النمو الشامل في فئة واحدة، هي اضطراب طيف التوحد. ربما أدى هذا إلى اعتبار المزيد من الأطفال مصابين بالتوحد.
- تقديم معايير تشخيصية جديدة: تشمل أعراضًا أخف أو أقل شيوعًا لاضطراب طيف التوحد، بحيث يتمكن المزيد من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب والذين كان من المرجح أن يتم تجاهلهم في السابق من الحصول على دعم طبي. يمكن أيضًا تفسير مثل هذه الزيادة في زيادة عدد الحالات التي تم تشخيصها.
- التعرض لتلوث الهواء: مثل الجسيمات الدقيقة في مرحلة الطفولة المبكرة قد يزيد من خطر الإصابة بالتوحد بنسبة تصل إلى 64 بالمائة. وكذلك قد تصيب الجنين في رحم أمه عندما تنتقل هذه الجسيمات عبر مجرى الدم وتخترق الطبقات الواقية في الدماغ، مما قد يسبب التهابًا يعوق نمو الأعصاب.
ماذا عن حل لغز التوحد في المستقبل؟
على الرغم من أن كل هذه العوامل جزء من لغز التوحد؛ فإنه لم يثبت تماماً أنها السبب الحقيقي وراء هذا الارتفاع الكبير في عدد المصابين بالتوحد، ولكن يمكننا القول إن هذه العوامل البيئية قد تساعدنا في اتخاذ خطوات وقائية مسبقة، وأن اتباع معايير التشخيص الجديدة قد تساعد في الكشف المبكر عن كثير من الحالات وعلاجها .