تشير دراسة حديثة نُشرت في مجلة Gut إلى استخدام تقنية تسلسل الجينوم المنخفض التغطية (Low-Pass Whole Genome Sequencing - LP-WGS) في تحليل جيني جديد للكشف عن سرطان القولون توفر دقة تنبؤية تفوق الطرق التقليدية، ويمكن لهذه التقنية المبتكرة أن تُحسن عملية اتخاذ القرار العلاجي، مما يساهم في تحسين جودة حياة المرضى.
يمثل سرطان القولون والمستقيم (Colorectal Cancer) خطرًا رئيسيًا على مرضى التهاب القولون التقرحي (Ulcerative Colitis)، خاصةً عند ظهور خلل تغيرات سرطانية مبكرة (Low-Grade Dysplasia - LGD). تعتمد طرق التقييم التقليدية على الفحوصات المجهرية للأنسجة (Pathologic Features)، لكنها قد تكون غير دقيقة، مما يؤدي إلى التشخيص الناقص أو المفرط.
دقة تحليل جيني جديد للكشف عن سرطان القولون ونتائج الدراسة
اعتمدت الدراسة على تحليل التغيرات الجينية في عدد نسخ الحمض النووي (Somatic Genomic Copy Number Alterations - CNAs) لدى 122 مريضًا تمت متابعتهم لمدة خمس سنوات. وأظهرت النتائج أن المرضى الذين تطورت حالتهم إلى أورام متقدمة (Advanced Neoplasia) كانت لديهم نسبة أعلى من هذه التغيرات الجينية مقارنةً بمن لم يتطور لديهم المرض.
يمثل تحليل جيني جديد للكشف عن سرطان القولون مؤشرًا أكثر دقة من أي ميزة سريرية أو مخبرية مستخدمة حاليًا، فقد أظهر معدل خطورة (Hazard Ratio - HR) بلغ 36.0 مع مجال ثقة (The confidence interval) 95% تتراوح بين 9.56 و172.6، ما يجعله أداة تشخيصية تنبؤية قوية.
التحديات وخيارات العلاج
يواجه الأطباء صعوبة في اتخاذ قرارات العلاج لمرضى التهاب القولون التقرحي الذين تطهر لديهم درجات أولية من التغيرات الخلوية السرطانية حين يتعين عليهم الاختيار بين الاستئصال الوقائي الكامل للقولون (Prophylactic Colon Resection)، أو المتابعة الحذرة (Watchful Waiting). يُعتبر معدل تطور سرطان القولون لدى هؤلاء المرضى مرتفعًا، إذ يصل إلى 30% خلال 10 سنوات، مما يجعل بعض الأطباء يوصون بالجراحة. لكن هذا الخيار قد يؤدي إلى مشكلات صحية طويلة الأمد، مثل المفاغرة اللفائفية الشرجية (Ileal-Pouch Anal Anastomosis) أو تركيب فغر (Stoma) مؤقت أو دائم.
من ناحية أخرى، يتطلب خيار المتابعة الحذرة خضوع المرضى لتنظير القولون المتكرر (Frequent Colonoscopies)، وهو ما قد يسبب القلق والتوتر بشأن احتمالية الإصابة بالسرطان. وهنا يبرز دور تحليل جيني جديد للكشف عن سرطان القولون إذ يمكن أن يوفر وسيلة أكثر دقة لتحديد المرضى الذين يحتاجون إلى تدخل علاجي فوري، مما يقلل من قرارات العلاج غير الضرورية.
أهمية الدراسة والمستقبل البحثي
تساهم هذه الدراسة في تطوير استراتيجيات تقدير المخاطر لدى مرضى التهاب القولون التقرحي، مما يساعد في تحسين دقة التشخيص وتقليل الإفراط في العلاج. ومع ذلك، أشار الباحثون إلى أن دقة التحليل الجيني الجديد للكشف عن سرطان القولون قد تحتاج إلى مزيد من الدراسات، خاصةً في الفئات السكانية ذات الخطورة الأقل.
كما أوصى الباحثون بضرورة تضمين التاريخ العائلي (Family History) كعامل إضافي في المستقبل لتحسين دقة التنبؤ. ومن المتوقع أن يؤدي الجمع بين تحليل جيني جديد للكشف عن سرطان القولون وأساليب الفحص التقليدية إلى تحسين استراتيجيات المراقبة الطبية واتخاذ القرارات العلاجية بشكل أكثر دقة وفعالية.
نهايةً، توفر هذه الدراسة أدلة قوية على أن هذا التحليل الجيني الجديد للكشف عن سرطان القولون يمكن أن يُحدث تحولًا في رعاية مرضى التهاب القولون التقرحي، من خلال تقديم أداة تشخيصية تنبؤية أكثر دقة. مع استمرار البحث والتطوير، قد يصبح هذا التحليل معيارًا جديدًا يساعد الأطباء في تحديد المرضى الأكثر عرضة للخطر، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية وتقليل العلاجات غير الضرورية.