يحدث سن اليأس، وهو نهاية سنوات الإنجاب لدى المرأة، في سن 52 عامًا تقريبًا، وتصاحبه مجموعة من التغيرات الجسدية والذهنية. لا تعاني كل امرأة من تأثيرات سلبية أثناء انقطاع الطمث، ولكن بالنسبة للكثيرات، يمكن أن تؤثر الأعراض على جودة الحياة. وجدت دراسة حديثة علاقة بين انقطاع الطمث والتدهور المعرفي إذ تبين أن النساء اللواتي يعانينَ من المزيد من أعراض انقطاع الطمث هن أكثر عرضة للإصابة بضعف الوظائف الإدراكية وضعف السلوك المعتدل، وكلاهما من العلامات المحتملة للخرف مع التقدم في العمر.
ما هي أعراض انقطاع الطمث؟
يسبب انقطاع الطمث العديد من الأعراض والتغييرات المحتملة التي تبدأ في السنوات التي تسبق انقطاع الطمث، وقد تستمر لبعض الوقت بعد انقطاع الدورة الشهرية، وقد تشمل:
- الهبّات الساخنة.
- اضطرابات النوم.
- جفاف المهبل.
- التقلبات المزاجية.
- زيادة الوزن.
لا تؤثر هذه الأعراض على جميع النساء اللاتي يمررنَ بسنّ اليأس، ولكن بالنسبة للبعض الآخر، يمكن أن تؤثر الأعراض الشديدة على جودة الحياة.
العلاقة بين انقطاع الطمث والتدهور المعرفي .. دراسة حديثة
وجدت دراسة جديدة قادها باحثون في جامعة كالجاري بكندا أن النساء اللاتي يعانينَ من عدد أكبر من الأعراض في فترة انقطاع الطمث يكون لديهنّ احتمال متزايد للإصابة بضعف الإدراك والسلوك في سنواتهنّ اللاحقة، وتظهر –وفق النتائج– العلاقة بين انقطاع الطمث والتدهور المعرفي بعدد الأعراض التي تعاني منها المرأة في هذه الفترة.
تشير الدراسة التي نُشرت في مجلة (PLOS One)، إلى أن علامات الخرَف هذه يمكن الحد منها عن طريق العلاج الهرموني القائم على هرمون الأستروجين المستخدَم للتخفيف من أعراض انقطاع الطمث. يجدر بالذكر أن هذه الدراسة قائمة على الملاحظة، وجميع البيانات فيها تم الإبلاغ عنها ذاتيًا، وإن تعميم هذه النتائج يتطلب الحذر. على الرغم من أنه قد تكون هناك علاقة بين انقطاع الطمث والتدهور المعرفي المتمثل بمرض ألزهايمر والخرف وغيره، فلا يوجد دليل مقنع حتى الآن على وجود علاقة مباشرة بين السبب والنتيجة؛ وهناك حاجة إلى مزيد من الدراسات لفهم هذه العلاقة بشكل أكبر.
نتائج الدراسة بتفصيل أكبر
استخدمت هذه الدراسة بيانات من دراسة المنصة الكندية الجارية للبحوث عبر الإنترنت للتحقيق في الصحة وجودة الحياة والإدراك والسلوك والوظيفة وتقديم الرعاية في الشيخوخة (CAN-PROTECT). كانت جميع المشارِكات في هذه الدراسة والبالغ عددهنّ 896 امرأة في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، بمتوسط عمر 64.2 سنة وقت إجراء الدراسة، ومتوسط العمر عند بداية انقطاع الطمث كان 49.4 سنة. أبلغ ما مجموعه 666 منهنّ عن أعراض انقطاع الطمث، واستخدَمت 166 منهنّ العلاج الهرموني للتخفيف من تلك الأعراض.
ومن خلال إجاباتهنّ، قام الباحثون بتقييم أعراض انقطاع الطمث التي عانت منها كل واحدة منهنّ، وهو ما يعرّفه الباحثون بأنه عبء أعراض انقطاع الطمث. شملت هذه الأعراض عدم انتظام الدورة الشهرية، والهبات الساخنة، والقشعريرة، وجفاف المهبل، وزيادة الوزن، وتباطؤ عملية الأيض، والتعرق الليلي، ومشاكل النوم، وأعراض المزاج، وعدم الانتباه أو النسيان، وأعراض أخرى لم يتم تسميتها.
قام الباحثون بعد ذلك بتقييم الحالة الإدراكية والسلوكية الحالية للمشارِكات باستخدام مقياس (ECog II)، وهو مقياس للأداء اليومي يمكن أن يشير إلى مرض تنكسي عصبي مبكر، واستخدموا أيضاً مقياس (MBI-C) الذي يكتشف التغيرات التي تسبق الضعف الإدراكي المعتدل والخرف.
اللاتي أبلغنَ عن عبء أكبر من أعراض انقطاع الطمث كنّ أكثر عرضة للإصابة بالأعراض الإدراكية والضعف السلوكي الخفيف، وكلاهما قد يشير إلى زيادة خطر الإصابة بالخرف، وقد ربطت دراسات سابقة بين بعض أعراض انقطاع الطمث والمشاكل الإدراكية، ولكن هذه هي الدراسة الأولى التي تجد ارتباطاً بين العبء الكلي للأعراض وحدوث الضعف الإدراكي والسلوكي، ويشير الباحثون إلى وجود تأثير يعتمد على الكمية، إذ يكون للعدد الإجمالي للأعراض تأثير أكبر على الإدراك والسلوك بعد انقطاع الطمث أكثر من أي عرَض واحد محدد من أعراض انقطاع الطمث.
هل يساعد العلاج الهرموني في تقليل خطر التدهور المعرفي؟
بالإضافة إلى العلاقة بين انقطاع الطمث والتدهور المعرفي وجدت الدراسة أيضاً أن أولئك اللاتي خضعنَ للعلاج الهرموني كانت لديهنّ درجات أقل من الضعف السلوكي المعتدل، ولكن لم تكن هناك علاقة مهمة إحصائياً بين العلاج الهرموني والدرجات المعرفية، وقد ينصح الخبراء بالعلاج الهرموني المبكر حين يكون أكثر فعالية عندما يبدأ في سن اليأس المبكر، إذ يُعد هذا الوقت الذي تكون فيه تأثيرات الأستروجين العصبية أكثر حدة.
نصيحة من موقع صحتك
ما الذي يعنيه هذا الترابط بالنسبة لمخاطر حدوث الخرف؟ تُبرز هذه الدراسة في العلاقة بين انقطاع الطمث والتدهور المعرفي وتُبرز أهمية التدخلات المبكرة للتعامل مع أعراض انقطاع الطمث، وليس فقط العلاج الهرموني، ولكن أيضًا التعامل مع عوامل الخطر الوعائية، والحد من الالتهابات الناجمة عن النظام الغذائي غير الصحي والسموم البيئية، وتحسين صحة الأمعاء وتنوع الميكروبيوم، ودعم التفاعلات الاجتماعية، وهذه كلها عوامل يمكن أن تساعد في الحد من احتمال حدوث الخرف.