أوضحت العديد من الدراسات السابقة تأثير الأنظمة الغذائية على سرطانات الأعضاء، مثل سرطان الكبد وسرطان البنكرياس، لذلك وُضعت توصيات بخصوص استهلاك بعض الأطعمة والمشروبات مثل اللحوم الحمراء والمشروبات الكحولية. غالبًا ما يرتبط سرطان الرئة بالتدخين وتلوث الهواء، ولكن كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون من مركز ماركي للسرطان بجامعة كنتاكي ومركز السرطان في جامعة فلوريدا بالولايات المتحدة عن وجود علاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Nature Metabolism العلمية في 11 آذار/مارس 2025.
دراسة تكشف عن وجود علاقة غير متوقعة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة
أشار الدكتور رامون صن، الباحث المشارك في الدراسة من جامعة فلوريدا، إلى أن سرطان الرئة لا يُعتبر عادةً ضمن الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي، مثل سرطان البنكرياس أو سرطان الكبد. ولذلك، فإنه نادرًا ما تتم مناقشة احتمال أن يكون للنظام الغذائي دور في الإصابة به.
وأوضح الدكتور ماثيو جينتري، الباحث المشارك في الدراسة من كلية الطب في الجامعة، أن هذه الدراسة قد تكون الأولى من نوعها التي تناولت العلاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة. أجريت هذه الدراسة في مركز سرطان معتمد من قبل المعهد الوطني للسرطان (NCI) في الولايات المتحدة.
النظام الغذائي وسرطان الرئة.. ما تأثير الجلايكوجين على الأورام؟
ركّزت هذه الدراسة على سرطان الرئة من النوع الغديّ أو الورم الغديّ الرئوي (Lung Adenocarcinoma)، وهو النوع الأكثر انتشارًا بين سرطانات الرئة، إذ يمثل 40% من الحالات في العالم. اعتمد الباحثون على خبرتهم الطويلة في دراسة داء لافورا، والتي استمرت لمدة 20 عامًا. ومرض لافورا (Lafora Disease) هو اضطراب عصبي نادر جدًا ذو مسار مدمِّر، إذ ينمو المرضى بشكل طبيعي لكن المصابين به يُصابون لاحقًا بالصرَع ثم بالخرَف، ومعظمهم يموتون قبل بلوغهم 25 عامًا.
ركّز الباحثون على كيفية تطور مرض لافورا، وتحديدًا على تراكم الجلايكوجين. والجلايكوجين أو الجليكوجين (Glycogen) هو أحد أشكال تخزين السكر في الخلايا، ويتكوَّن من الجلوكوز، وقد تبيَّن أنه يتراكم بكميات كبيرة في أنواع مختلفة من السرطان والعديد من الأمراض الأخرى.
أظهر الباحثون أن الجلايكوجين يؤدي دورًا مهمًا في استقلاب خلايا السرطان، وكذلك يُسهم في تطور سرطان الرئة. ووجدوا أنه كلَّما زادت كمية الجلايكوجين داخل الخلايا السرطانية، زادت سرعة نمو الورم وحجمه، فعندما أطعموا الفئران نظامًا غذائيًا غربيًا غنيًا بالدهون والفركتوز، زادت كمية الجلايكوجين في الدم لديها، ونمت أورام سرطان الرئة، وفي المقابل، عندما انخفضت كمية الجلايكوجين في الدم انخفض معدل نمو الأورام.
خلَص الباحثون إلى أن النظام الغذائي الغربي يزيد من مستويات الجلايكوجين، والذي بدوره يُغذّي أورام سرطان الرئة من خلال تزويدها بالعناصر الأساسية لنموها. وأشاروا إلى أن الجلايكوجين هو عامل تنبُّؤ ممتاز لنمو الأورام واحتمال الوفاة لدى المرضى المصابين بسرطان الرئة. وأوضحوا أنه بالرغم من أن هذه الدراسة قد تكون من أولى الدراسات التي تُظهر وجود علاقة بين النظام الغذائي وسرطان الرئة فإنها ليست الأولى التي تُشير إلى الدور المهم الذي تؤديه التغذية في الوقاية من السرطان بشكل عام وفي التدخّلات العلاجية.
النظام الغذائي وسرطان الرئة.. أهمية العادات الغذائية الصحية في الوقاية من السرطان
قال الدكتور صن: "في المستقبل، ينبغي أن يعكس نهجنا في الوقاية من السرطان نجاح حملات مكافحة التدخين، وذلك من خلال التركيز بشكل أكبر على التوعية العامة، وتبنّي استراتيجيات قائمة على السياسات التي تشجع على اتِّباع خيارات غذائية صحية كعنصر أساسي في الوقاية من الأمراض".
ومن جانبه، أشار الدكتور جينتري إلى أن التركيز على خفض مستويات الجلايكوجين قد يفتح الباب أمام تنوع الخيارات العلاجية المتاحة، وأوضح أنه توجد حاليًا 3 أنواع من الأدوية التي تستهدف مستويات الجلايكوجين، وقد طُوّرت جميعها في دراسة مرض لافورا.
وأضاف: "اتباع نظام غذائي غني بالعناصر الغذائية، وممارسة النشاط البدني بانتظام، والحد من شرب الكحوليات، هي استراتيجيات أساسية للحفاظ على صحة جيدة على المدى الطويل، وقد يُساهم تعزيز العادات الغذائية الصحية بشكل كبير في الوقاية من سرطان الرئة".
ما أعراض سرطان الرئة؟
قد تختلف علامات وأعراض سرطان الرئة من شخص لآخر، وقد لا تظهَر في مراحل المرض المبكرة، وقد تشمل الأعراض ما يلي:
- سعال مستمر لا يزول.
- خروج دم مع السعال.
- ضيق التنفس.
- ضعف عام.
- آلام الصدر.
- بحة الصوت.
- فقدان الوزن.
- فقدان الشهية.
- آلام العظام.
- الصداع.
- الأزيز أو صوت الصفير أثناء التنفس.